ما زالت التحديات المطروحة أمام حكومة الإسلاميين في المغرب بعد سنة من فوزهم في الانتخابات في سياق الربيع العربي، كبيرة، إذ يهدد الوضع الاقتصادي وتنامي السخط الاجتماعي شعبية العدالة والتنمية الذي يقود التحالف الحكومي.


الرباط: حقق حزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب الذي ظل متخندقًا لسنوات في صفوف المعارضة، فوزًا تاريخيًا في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، بعد التصويت على دستور جديد مطلع تموز (يوليو) من السنة نفسها، من التأقلم مع رياح الربيع العربي.

ومكن هذا الدستور الذي اقترحه الملك للاستفتاء وحصل على أكثر من 98% من الأصوات حسب النتائج الرسمية، عبد الإله بنكيران، عند تعيينه في كانون الثاني (يناير) الماضي رئيسًا للحكومة المغربية، من سلطات أكبر ممن سبقوه.

وسنة واحدة بعد انتصار في الانتخابات وقيادته للحكومة، يواجه حزب العدالة والتنمية مع حلفائه الثلاثة اليوم (حزب الاستقلال المحافظ، والحركة الشعبية اليميني، والتقدم والاشتراكية الشيوعي)، ظروفًا اقتصادية صعبة.

فبعد تحقيق المغرب طيلة سنوات لنسبة نمو مريحة تراوحت ما بين 4 و5 في المئة، سيحقق خلال سنة 2012 نسبة نمو لن تزيد على 3 في المئة، حسب الارقام الرسمية. وسيؤثر هذا التباطؤ في النمو على الحسابات العامة للدولة، في وقت تجاوز فيه العجز 6 في المئة العام الماضي.

ويعود سبب هذا التباطؤ في النمو في جزء كبير منه الى أزمة منطقة اليورو التي يرتبط بها اقتصاد المغرب تقليديًا منذ عقود، إضافة سنة فلاحية أثر عليها الجفاف خلال 2011. ويؤكد ادريس بنعلي الخبير الاقتصادي المغربي أن quot;التحديات كبيرة جدًاquot;.

والحكومة لم تسلم من الانتقادات نظرًا لافتقارها، حسب منتقديه، للاجابات الكافية عن أزمة المغرب الحالية. وكانت أكثرالانتقادات حدة تلك الصادرة عن رئاسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب الممثل لرجال الأعمال، بخصوص مشروع قانون موازنة 2013، الذي يعرف نقاشاً ساخنًا اليوم في البرلمان.

وبالنسبة للخبير الاقتصادي نجيب اقصبي فإن quot;البرنامج الانتخابي للعدالة والتنمية وعد بإصلاحاتquot;، لكن quot;الأمور توقفت عند إعلان النواياquot; دون تحقيقها. من جهته يشير بنعلي الى quot;غياب المشروعquot; وquot;القيادة ذات الرؤيةquot;.

أما في ما يخص الحكومة، فيعتبر مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة أن quot;القرارات المتخذة على المستوى الاقتصادي واضحةquot;. وهدف الحكومة كما يؤكد الخلفي، هو خفض نسبة العجز الى 5 في المئة مع نهاية 2012. أما على المستوى الاجتماعي فالانجازات كما يشرح الناطق الرسمي باسم الحكومة quot;عديدة، وميزتها ان لها أثرًا مباشرًا على حياة المغاربةquot;.

ومن بين أهم ورش الإصلاح التي تراهن الحكومة المغربية على انجازها quot;صندوق المقاصةquot; المخصص لدعم الفارق في اسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، في المقدمة. وإضافة الى ذلك يأتي شعار محاربة الفساد الذي كان بمثابة حصان طروادة بالنسبة لحزب بنكيران ليفوز بالانتخابات، بينما تحذر تقارير عدة مؤسسات من تفشي الظاهرة أكثر. لكن الأمر بالنسبة لرئيس الحكومة يتطلب quot;وقتًا أكبرquot;.

وبخصوص الانتقادات اللاذعة quot;غير المسبوقةquot; التي تواجهها الحكومة، يعتبر بودوان دوبري مدير مركز جاك بيرك للدراسات، ان الأمر مرتبط بـquot;طبيعة تشكيلة ومهام الحكومة الحاليةquot;، التي صارت تمتلك سلطات وهوامش تحرك أكثر، ما يفسر بالنسبة لبودوان quot;الدرجة العاليةquot; في الانتقادات.

وبالنسبة لمحمد مدني، المحلل السياسي المغربي فإن quot;هناك الكثير من الانتظارات التي لم تتم تلبيتهاquot; اذ ان أنصار حزب العدالة والتنمية أنفسهم بدأوا في توجيه الانتقادات للحكومة والحزب.

ورغم ذلك، كما يقول مدني، ما زال حزب العدالة والتنمية quot;يحتفظ نسبيًا بشعبيتهquot;، وهو ما اتضح جليًا بعد استرجاعه لثلاثة مقاعد من أصل أربعة تم إلغاؤها خلال الانتخابات الجزئية في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي.

أما في الشارع فمظاهرات الخريجين العاطلين عن العمل شبه يومية يتم تفريقها بالقوة، في بلد تصل فيه نسبة بطالة الشباب الى 30 في المئة، وفق أرقام البنك الدولي الذي حذر من قبل من استمرار هذا الوضع. وعلى المستوى الحقوقي يستمر عدم الرضا، رغم التقدم الذي أشار إليه الاتحاد الأوروبي، وزيارة عدد من مقرري الأمم المتحدة للمملكة بناء على دعوة رسمية منها.

ورغم أن quot;بعض الأمور أدرجت في الدستور الجديدquot;، حسب مسؤول في منظمة حقوقية مغربية، quot;لكنها بالتأكيد غير كافية للحديث عن دولة القانونquot;، مستدلاً بذلك على سجن عدد كبير من نشطاء حركة 20 فبراير، التي تطالب بمزيد من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

وما زالت السلطات تمنع بالقوة بعضًا من مسيرات ووقفات حركة 20 فبراير، خاصة تلك المرتبطة بالمؤسسة الملكية والمطالبة بالغاء طقوس حفل الولاء أو تلك المطالبة بتخفيظ ميزانية البلاط في ظل الأزمة الاقتصادية.