أثارت موافقة بنيامين نتنياهو على بناء الآلاف من المستوطنات في منطقة حساسة بالضفة الغربية الفلسطينية استياء الكثير من الدول الأوروبية، حيث جرت أحاديث عن أن المملكة المتحدة وفرنسا ستعمدان إلى سحب سفيريهما، ما سيوسع الفجوة بين اوروبا واسرائيل.


القاهرة: اهتمت صحيفة واشنطن بوست الأميركية بتسليط الضوء على ذلك الخبر المثير الذي نشرته مؤخراً صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وأفادت من خلاله بأن المملكة المتحدة وفرنسا تدرسان استدعاء سفيريهما من إسرائيل. في الوقت الذي وافق فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نيتنياهو، على بناء الآلاف من المباني الاستيطانية الإسرائيلية الجديدة في منطقة حساسة بالضفة الغربية الفلسطينية تعرف بـ E1.

وأوردت هآرتس في هذا السياق عن دبلوماسي أوروبي بارز قوله :quot; لن يكون الموقف مجرد إدانة هذه المرة، بل سيتم اتخاذ إجراءات فعلية ضد إسرائيل بهذا الخصوصquot;. ورأت واشنطن بوست أن اتخاذ أوروبا الإجراءات بحق إسرائيل كان أمراً يصعب تخيله، غير أن مسار التصادم الأوروبي- الإسرائيلي كان متوقعاً منذأشهر وربما منذ سنوات.

وأضافت الصحيفة أن الطريقة التي قد تسوء من خلالها الأمور قد تحمل دروساً هامةً لإسرائيل، ولوضعيتها في العالم، ولعملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

ومضت الصحيفة تقول إن دعم إسرائيل يعني في الأوساط الدبلوماسية العالمية دعم الجهود الأمنية الإسرائيلية ودعم موقف إسرائيل المتعلق بضرورة أن يتحقق السلام من خلال مفاوضات مباشرة مع الممثلين الفلسطينيين وليس من خلال التدخل الخارجي.

ومع أن الدعم الأوروبي لإسرائيل قائم ومتواصل منذ مدة طويلة، فإن دعم الأمن الإسرائيلي مازال مستمراً بلا هوادة، غير أن المشكلة تكمن في بدء نفاذ صبر الأوروبيين تجاه جهود السلام الإسرائيلية وربما زيادة حالة الانقسام على الصعيد الدبلوماسي.

وفي مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية تحت عنوان quot;كيف فقدت إسرائيل القارة الأوروبيةquot;، سرد مراقبون إسرائيليون محافظون إحباط برلين المتزايد تجاه إسرائيل، رغم الموقف الذي كانت تتبناه ألمانيا في السابق من اجل دعم الجانب الإسرائيلي.

وأشارت واشنطن بوست كذلك إلى أن علاقة كل دولة أوروبية بإسرائيل وبعملية السلام تتسم بتفردها، مع وجود تداعيات هامة للنهج الذي يتعامل من خلاله العالم مع النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

ونوّهت في الإطار عينه أيضاً إلى أن السياسة الأوروبية الداخلية قد تلعب دوراً كذلك، رغم أن الاتصال غير مباشر : حيث حولت أزمة منطقة اليورو البرلمان الأوروبي إلى اليسار، في الوقت الذي اختار فيه الناخبون الأحزاب الاشتراكية التي تعهدت باسترداد الخدمات الاجتماعية التي تضررت نتيجة التقشف، والتي مالت في بعض الأحيان أيضاً لتقديم الدعم للفلسطينيين.

وتابع تقرير فورين بوليسي ليشير إلى أن الديمقراطيين الاجتماعيين الذين صعدوا بقوة على الساحة في ألمانيا سعوا لتكوين شراكة إستراتيجية مع حزب السلطة الفلسطينية الحاكم.

ولفتت إلى أن كثيرين في إسرائيل وأماكن أخرى بدأوا ينتبهون للتنامي المزعج للأحزاب القومية اليمينية المتشددة في أوروبا، وهي أحزاب قد تكون معادية للسامية إلى حد بعيد، لكنها عدائية أيضاً للغاية تجاه الأعداد المتزايدة للمواطنين المسلمين في القارة الأوروبية، ولهذا فإنه من الصعب رؤيتها وهي تناصر القضايا الفلسطينية.

وأشارت واشنطن بوست إلى أن إرث المحرقة أمر من الصعب تجاهله في السياسة الأوروبية في ما يتعلق بإسرائيل. وفي معرض انتقاده للسياسات الإسرائيلية التي أثارت إحباط الدبلوماسيين الأوروبيين بشكل كبير، قال كاتب العمود الإسرائيلي يساري التوجه، ألوف بين، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينظر إلى السياسة الخارجية باعتبارها عملاً ضد العالم الذي يصر على التحدث عن الدولة الفلسطينية ويبدي اعتراضه على المستوطنات.

وأعقبت الصحيفة بتأكيدها أنه من الصعب التكهن بما قد يحدث في المستقبل، لاسيما على صعيد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث يبدو الوضع الراهن قادراً على مقاومة أي شيء.

وحذرت الصحيفة في الأخير من احتماليتين، أولهما أقل في درجة الحدوث وأكثر ذعراً لإسرائيل، وهي المتعلقة بإمكانية أن تسير أميركا على نهج باقي الدول في تخليها عن تل أبيب، والأخرى وهي الأقرب إلى الحدوث، وإن كانت لا تزال بعيدة، وهي المتعلقة بأن تحتاج إسرائيل لدعم أوروبا في حال سعت السلطة الفلسطينية لاستغلال وضعيتها الأممية الجديدة في طلب توجيه تهم لإسرائيل لدى المحكمة الجنائية الدولية. ومع هذا كله، فقد نوّهت الصحيفة في الختام إلى أن الوضع الحالي يشكل رهاناً آمناً في النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، حتى في ظل التغيّرات التي تطرأ على السياسة الأوروبية.