تواصل واشنطن إلحاحها على المعارضة السورية بضرورة التوحد أكثر ومواجهة الاسلاميين الذين يشتبه بمحاولتهم quot;تحويل الثورة عن اهدافهاquot;، في وقت بات من الصعب فيه تمييز الجهاديين عن الإسلاميين المعتدلين.

دمشق: مع تزايد نفوذ الاسلاميين في سوريا، تبنى عدد كبير من المقاتلين المعارضين للنظام السوري صفة المشاركين في quot;الجهاد العالميquot;، ما يعقد كثيرًا مهمة الغربيين الداعمين quot;للثورة السوريةquot;، بحسب ما تدل الوقائع ويقول خبراء.
وتقول اليزابيث اوباغي واضعة تقرير quot;الجهاد في سورياquot; لصالح معهد الدراسات الحربية الذي يتخذ من واشنطن مقرًا له: quot;في اطار الحرب الاهلية من الصعب جدًا التمييز بين الاسلاميين المعتدلين والسلفيين الجهاديينquot;.
وتضيف أن quot;ميل الثوار بشكل عام الى استخدام الرموز الجهادية يؤثر سلبًا على رؤيتنا لعقيدتهم واهدافهمquot;.
ولوحظ في الاشهر الستة الماضية تزايد في مظاهر التطرف الاسلامي بين المقاتلين المعارضين لنظام الرئيس بشار الاسد، لا سيما مع بروز جبهة النصرة الاسلامية المتطرفة الى واجهة الاحداث ومشاركتها بشكل اكبر في المعارك وانتشارها على معظم جبهات القتال.
وكانت هذه الجماعة في بداية الاحداث مجموعة غير معروفة تكتفي بتبني عمليات هنا وهناك في بيانات على شبكة الانترنت.
وتقول اوباغي quot;بدأ النزاع السوري بانتفاضة مستوحاة من الديموقراطية ضد التسلط، لكن مع الوقت، برزت حركة اسلامية داخل المعارضةquot;، مضيفة أن quot;هذه الحركة تعطي دفعًا الى داعمي الاسد وتعقد تدخل الولايات المتحدة في النزاعquot;.
وهذا الواقع هو احد اسباب الحاح واشنطن على المعارضة السورية لتتوحد من اجل مواجهة الاسلاميين الذين يشتبه بمحاولتهم quot;تحويل الثورة عن اهدافهاquot;.
ويقول معظم المقاتلين المعارضين للنظام في سوريا إنهم مسلمون متدينون، معتبرين أن معركتهم دينية ووطنية في آن معًا.
وسواء كانوا اسلاميين متطرفين ام لا، فإن مظهرهم الخارجي (اللحية والكلام عن الجهاد والشعارات) يكاد يكون متطابقًا للمجاهدين الذين ظهروا في افغانستان في مرحلة اولى ثم في العراق، وكذلك في ليبيا خلال الثورة التي اطاحت بالزعيم معمر القذافي.
فمن اللحية الطويلة الى عصبة الرأس السوداء او الخضراء وقد كتب عليها quot;لا اله الا الله، محمد رسول اللهquot;.
ويمكن رؤية العلم الاسلامي الاسود الذي كتبت عليه هذه العبارة ايضًا على كل حواجز ومعسكرات ومراكز المقاتلين المعارضين، الى جانب اعلام quot;سوريا الحرةquot;.
كذلك تبنى عدد كبير من المقاتلين العلم الاسود الذي يحمل ختم النبي محمد، والذي اعتمده تنظيم القاعدة في العراق وحركة quot;الشبابquot; في الصومال.
وهناك من يرتدون الزي الافغاني أو حتى اللثام والملابس السوداء التي عرفت في العالم على أنها للجهاديين.
اما بالنسبة الى اشرطة الفيديو التي تعتبر الوسيلة المفضلة لدى الجهاديين للترويج لعملياتهم منذ سنوات، فقد باتت ظاهرة معممة لدى المقاتلين في سوريا.
فلكل لواء وكتيبة ومجموعة مصور او اكثر وهم مكلفون بنشر انشطتهم وانجازاتهم في ساحة المعركة على موقع يوتيوب على شبكة الانترنت أو على صفحة خاصة بهم على quot;فيسبوكquot;.
ولم يعد وجود المقاتلين الاجانب يشكل معيارًا للحكم على التوجه الجهادي للمقاتلين من عدمه.
فقد دخل سوريا عدد كبير من المتطوعين المتعاطفين مع الثورة المتنوعي الجنسيات والانتماءات، من الناشط البسيط المتحمس للربيع العربي الى الجهادي المتطرف، ويشاهد هؤلاء في مناطق مختلفة من سوريا.
ويمكن احصاء، الى جانب جبهة النصرة، حوالي عشر مجموعات تقاتل الى جانب الجيش السوي الحر، ويوحي خطابها وأداؤها بأنها سلفية او اسلامية متشددة، وبينها quot;صقور الشامquot; وquot;لواء الاسلامquot; وquot;احرار الشامquot; وquot;كتيبة الانصارquot; وquot;لواء درع الاسلامquot;...
واعلنت هذه المجموعات وغيرها من منطقة حلب في 19 تشرين الثاني/نوفمبر رفضها الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي انشىء اخيرًا في قطر وجمع غالبية اطياف المعارضة، داعية الى انشاء quot;دولة اسلاميةquot; في سوريا.
ويثير تعدد الالوية والكتائب المقاتلة والاسماء وتعاون المجموعات السلفية مع وحدات مقاتلة علمانية على الارض ومع المجالس العسكرية التابعة للجيش السوري الحر، الارتباك ويعقد مسألة تحديد انتماء هؤلاء المقاتلين.
الا أن بعض المؤشرات لا تخطىء، ولعل اهمها العدائية الواضحة في تصرف عدد كبير من المقاتلين تجاه الصحافيين الاجانب الذين يقصدون مناطق الثوار، ما يؤكد أن بين هؤلاء العديد من الجهاديين والسلفيين والاسلاميين الرافضين لكل ما هو غربي حتى لو كان يهدف الى تغطية ثورتهم.