ينتقد عدد من الدبلوماسيين السابقين والمحللين الأكاديميين الإيرانيين دعم دولتهم الأعمى للحكومة السورية. إلا أن تأثير هؤلاء على صانعي السياسات الإيرانية نافل، لذا يبقى رأيهم في إطاره الشخصي.


لميس فرحات: عندما وصل وزير الزراعة السوري، صبحي أحمد عبد الله، إلى العاصمة الإيرانية في زيارة خلال الأسبوع الماضي، تمسك الجميع بالسيناريو المعتاد، فكانت هناك احتفالات الترحيب، والمصافحات أمام الكاميرات واللقاءات الثنائية.

ناقش المسؤولون الإيرانيون والسوريون quot;توسيع العلاقات الاقتصادية والزراعيةquot;، ووقعوا عقداً لإنتاج مشترك للقاحات تمنع أمراض الفم والقدم. وبقيت الاضطرابات في سوريا quot;على الهامشquot;، إذ إنها بالكاد ذُكرت من قبل نائب الرئيس الإيراني، محمد رضا رحيمي، الذي قال إن بلاده واثقة من انتصار قوات الحكومة السورية في quot;معاركها المتقطعة مع الإرهابيين التي بعثت بهم دول المنطقةquot;.

الصراع تحت السيطرة
مراسم اللقاء المتفائلة المحيطة بزيارة السيد عبد الله توضح كيف ينظر القادة الإيرانيون إلى الصراع الدموي، الذي اجتاح حليفهم الرئيس في العالم العربي. وبينما يحذر عدد كبير من الديبلوماسيين الإيرانيين السابقين والأكاديميين والمحللين من أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد على حافة الانهيار، يصرّ قادة البلاد على أن الصراع تحت السيطرة، وسينتهي في مصلحة إيران.

quot;نحن نقول إن بشار الأسد، أو على الأقل حكومته، هي الرهان الأكثر أماناً بالنسبة إلى الاستقرار والأمن في سورياquot;، قال أمير محبيان، المحلل السياسي، الذي نُنشر مقالاته على موقع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. وأضاف: quot;إذا تولى المرتزقة الأجانب الحكم، سيكون هناك حمّام دم في سورياquot;.

quot;من الواضح أنه ليس هناك بديل حقيقي لبشار الأسد وحكومته في سورياquot;، قال محبيان، مشيراً إلى أن الحكومة وافقت على الإصلاحات، وأن يكون هناك نظام تعددي حزبي في البلاد، لذا ينبغي على البلدان الأجنبية وقف تسليح الإرهابيين، والسماح للشعب السوري بتقرير مصيره بنفسهquot;.

على حافة الانهيار
quot;الجيش السوري على حافة الانهيار التام، وسقوط الأسد أمر لا مفر منهquot;، كتب إبراهيم يازدي، وزير الخارجية الإيرانية السابق، وعضو في المعارضة، في صحيفة quot;اعتمادquot;، التي تنتقد الحكومة الإيرانية، مشيراً إلى أن quot;قادة سوريا استجابوا للمطالبة بالإصلاحات بالحملات الدموية ومستقبلهم كئيب جداًquot;.

هذا الرأي يشابه موقف ما شاء الله شمس الواعظين، وهو محلل في شؤون الشرق الأوسط، سُجن سابقاً لتورّطه في حركة المعارضة في إيران، والذي قال: quot;في الواقع، سوريا ستكون في حالة اضطراب لسنوات مقبلة. سوف نفقد جبهتنا المعادية لإسرائيلquot;.

نظمت ايران مؤتمرين لما تسمّيه quot;المعارضة السورية الحقيقيةquot;، التي تدعو إلى تغييرات سياسية متواضعة، تليها الانتخابات الرئاسية في العام 2014 على الصعيد الوطني، على أساس أنها الحل الوحيد لوقف القتال.

التضحية بالأسد واردةمن أجل مستقبل إيران
بعيداً عن الضوضاء الإعلامية، يلمّح مسؤولون إيرانيون في بعض الأحيان إلى الأسد، باعتباره رمزاً يمكن التضحية به من أجل رؤية إيران المستقبلية للبلاد. لكنهم يصرّون على أن جهازه السياسي والأمني ينبغي أن يظل في السلطة، لقيادة سوريا في سياستها المعادية لإسرائيل.

ضرورة الحفاظ على دمشق المقاومة وقد نتدخل
quot;نحن نسعى إلى حل سلمي، يكمن في أن تنفّذ الحكومة السورية الإصلاحات المطلوبةquot;، قال حميد رضا تراغي، وهو سياسي مقرب من قادة إيران. وأضاف quot;لكن مهما كان الثمن، نحن نريد الحفاظ على سوريا في المجموعة المقاومة لإسرائيلquot;.

وقال تراغي إن إيران على استعداد للقيام quot;بكل ما يلزمquot; للحفاظ على سوريا كحليف، مشيراً إلى أن الحكومة السورية لم تطلب حتى الآن مساعدة عسكرية من إيران، لكن إذا حدث ذلك، ستضطر إيران للتدخل بموجب معاهداتها مع سوريا.

لكن هناك مؤشرات إلى دور عسكري إيراني في سوريا، إذ قال موقع quot;تابناكquot; الإيراني على الانترنت إن مستشارين عسكريين إيرانيين، إلى جانب الروس، يعملون إلى جانب القوات الحكومية في سوريا، وينصحون الجيش السوري بتنفيذ هجوم استباقي على قوى المعارضة، على خلفية أنها تخطط لمهاجمة دمشق من أربع جبهات.

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني للعلوم، محمد مهدي نجاد، إن بلاده أرسلت طائرات بدون طيار إلى سوريا، لكنه لم يذكر تفاصيل عن عددها.

خلال مؤتمر نظمه ديبلوماسيون سابقون في طهران حول الأزمة السورية في الأسبوع الماضي، صدم صادق زيباكلام، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران، الحضور من خلال انتقاده علناً دعم إيران للحكومة السورية.

quot;أي نوع من السياسة الخارجية لدينا، بحيث إننا ندعم نظاماً سوف يسقط خلال شهر أو اثنين؟quot; تساءل زيباكلام، مضيفاً أن السياسة الخارجية يجب أن تعتمد على المصالح الوطنية، وليس على العقيدة.