اسطنبول: أعلن الجيش الحر على لسان العديد من الناطقين باسمه والمكاتب الإعلامية التابعة لألوية وكتائب كثيرة تنطوي تحته مساء الاحد سيطرته على نقطة عسكرية ذات أهمية بالغة في حلب تعرف بمدرسة المشاة.

وتقع مدرسة المشاة في حلب في منطقة المسلمية التي تقع على مسافة 20 كم تقريبا من مركز المدينة وتمتد على مساحة 2.5 كلم طولا وعرض 1.5 كلم وتتكون من ثلاث مبان أساسية هي: كلية المشاة ثم الكتيبة ثم مبنى التدريب الجامعي الذي تحصن فيه جنود النظام في المرحلة الأخيرة من المواجهات.

وكان النظام السوري يستخدم هذا الموقع العسكري لقصف مناطق مختلفة من حلب وخاصة منطقة الريف الشمالي التي شكل تحرير معسكر المشاة متنفسا مهما جعلها خارج مرمى مدفعية النظام بالكامل تقريبا فيما عدا كتيبة مدفعية صغيرة متواجدة قرب مطار quot;منغquot; وهذا يفسر الاهتمام الكبير من قبل المقاتلين على الأرض بتحرير هذا الموقع بالإضافة الى البعد المعنوي للسيطرة على هكذا موقع عسكري مهم وكمية الذخائر والأسلحة المتواجدة فيه.

بدأت عملية تحرير مدرسة المشاة قبل ما يقرب من ثلاثة أسابيع عندما توجهت مجموعات كبيرة من كتائب لواء التوحيد ولواء الفتح ولواء أبو العلمين القادمة من حماة وكتائب أخرى متفرقة الى منطقة المدرسة وتضمنتت بفرض حصار خانق على المدرسة لمنع وصول الامدادات اليها والتحضير للهجوم عليها

وحاول النظام خلال فترة الحصار ان يفك حصار الجنود المتواجدين في المدرسة والبالغ عددهم بالمئات عبر توجيه ضربات جوية للكتائب المرابطة في محيط المدرسة ولكن دون جدوى فقد كان للنجاح الذي حققه مقاتلو الجيش الحر في تحرير معسكر الفوج 46 قبل أيام، أثراً كبير في رفع المعنويات والحرص على تحقيق تقدم اخر في مدرسة المشاة خصوصا وان كمية كبيرة من الذخائر التي تم اغتنامها في منطقة الفوج 46 كان قد تم ضمها الى العتاد المستخدم في حصار مدرسة المشاة وهو ما ساعد المقاتلين على احكام الحصار على الموقع ورجح من احتمالية انتصارهم

خلال فترة الحصار التي امتدت لأكثر من 20 يوما حقق الجيش الحر تقدما بالسيطرة على بعض منشأت مدرسة المشاة وفي كل مرة كان يسيطر فيها على منشأة من منشأت معسكر المشاة كان يتم الإعلان عن تحرير المعسكر بالكامل ليتم الكشف بعد ذلك ان هناك منشات أخرى من المعسكر لم يتم السيطرة عليها بعد وان الموقع ما زال فيه تواجد كبير من قوات جيش النظام السوري الذين استمروا بالتقهقر حتى وصلوا الى مبنى التدريب الجامعي الذي تحصنوا فيه أخيرا ودافعوا بشدة عنه قبل سقوطه بيد الجيش الحر الذي فقد قائده الميداني الأول المدعو يوسف الجادر والملقب بأبي فرات خلال الساعات الأخيرة من عملية التحرير

وأبو فرات هو قائد كتيبة مدفعية انشق عن جيش النظام في بداية الاحداث في سوريا بعد ان رفض أوامر بتوجيه ضربات بالمدفعية على منطقة الحفة في محافظة اللاذقية الساحلية، وكان لمقتله اثر كبير في نفوس مقاتلي الجيش الحر الذين عرف بينهم بشجاعته وتواجده دائما في الصفوف الامامية للمعركة والاهم حرصه على عدم سقوط قتلى من كلا الطرفين، وقد اشتهر أبو فرات بخطاب وجهه الى أبناء الطائفة العلوية في سوريا قال فيه ان أبناء الطائفة العلوية وطنيون وفقراء وليسوا مستفيدين فعلا من النظام وانه يعرفهم جيدا لأنه عاش معهم اكثر من 20 سنة وذكرهم بماضيهم الوطني في سوريا ونبههم الى ان إخوانهم السنة لا يريدون القتال معهم ولا مواجهتهم وطلب اليهم ان لا يصدقوا أكاذيب بشار الأسد ودعواته الطائفية، كما اشتهر بكلماته التي قالها قبيل مقتله بقليل وقال فيها انه يشعر بالحزن على خسائر جنود جيش النظام البشرية والمادية كما يشعر بالحزن على الخسائر نفسها في صفوف الجيش الحر وحمل بشار الأسد مسؤولية ما يحدث لأنه وضع الشعب السوري امام هذا الخيار الصعب الذي اجبر فيه أبناء هذا الشعب على قتل بعضهم البعض

ومنذ الساعات الأولى للمعركة وحتى انتهائها كان الجيش الحر يوجه نداءات متكررة الى عناصر جيش النظام يدعوهم فيها للانشقاق وترك صفوف جيش النظام والنجاة بأرواحهم وقد ساهمت هذه النداءات في انشقاق ما يزيد عن 200 جندي من جيش النظام بينهم اثنان برتبة عميد وثلاثة عقداء وضباط برتب مختلفة بينهم نائب مدير مدرسة المشاة

بعد انتهاء عملية تحرير المبان الرئيسية للمدرسة اصر قائد العمليات أبو فراس على استكمال عملية التمشيط بنفسه وتتبع العناصر الهاربين، فاصطحب أبو فرات حوالي 20 جنديا من الجيش الحر ولكنه فقدهم خلال ملاحقة مدير مدرسة المشاة العميد ادم سليمان الذي تمكن هو ومجموعة من الجنود الذي كانوا برفقته من تنفيذ عملية التفافية على القائد أبو فرات حيث يعتقد اغلب المشاركون في المعركة ان جنود النظام القوا القبض عليه خلال عملية الالتفاف واعدموه ميدانيا ثم فروا هاربين باتجاه السجن المركزي لمدينة حلب الذي يعد احد النقاط العسكرية المهمة الأخرى التي لم يتمكن الجيش الحر من السيطرة عليها بعد حيث يعتقد ان ادم سليمان وعددا من جنوده ما يزال مختبئا هناك

وكان لواء التوحيد قد أعلن في بيان له إعادة تسمية مدرسة المشاة لتصبح كلية الشهيد العقيد يوسف الجادر تخليدا لذكرى هذا القائد الذي ترك خبر استشهاده حزناً عميقاً في أوساط واسعة من المدنيين والعسكريين في حلب وغيرها بحسب نشطاء.

وبينما كان مقاتلو الجيش الحر يحكمون سيطرتهم على المدرسة ويتعقبون الفارين من الجنود كان الاعلام السوري يصر ويردد القول بإن 'قوات الجيش الباسلة قامت بعملية نوعية قتلت فيها عشرات الإرهابيين على أسوار مدرسة المشاة'، وينفي ما تتناقله صفحات التواصل الاجتماعي والمكاتب الإعلامية للجيش الحر وبعض وسائل الاعلام حول سقوط المدرسة بيد الجيش الحر، ولا زالت حتى اليوم المواقع الالكترونية التابعة للنظام والاعلام الخاص به يقلل من شان المعركة وخسائره فيها ويتحدث عن قرب إعادة السيطرة على هذه النقطة العسكرية الهامة ويدعو المواطنين الى عدم الاكتراث بما حدث...

ولا يوجد إحصائية دقيقة لحجم الخسائر البشرية من كلا الطرفين الا ان نشطاء ميدانيون تحدثوا عن 17 قتيل في صفوف الجيش الحر في مقابل اكثر من 100 قتيل في صفوف جيش النظام، كما اعلن المكتب الإعلامي للواء التوحيد عن السيطرة على عشرات الدبابات بذخيرتها وكمية كبيرة من الذخيرة.