بعد أيام من انشقاق المتحدث السابق باسم النظام السوري جهاد مقدسي، نشر ناشط مُعارض رسائل على تويتر تشير الى أن مقدسي كان على اتصال بالمعارضة السورية والحكومات المناوئة للنظام لمدة أشهر قبل انشقاقه.


لندن: يبدو أن موسم الأعياد جاء مبكراً بالنسبة إلى الحكومات الغربية التي تسعى إلى تقويض نظام الرئيس بشار الأسد. فبعد انشقاق المتحدث السابق باسم النظام السوري جهاد مقدسي وفراره إلى واشنطن، نشر ناشط معروف رسائل خاصة على تويتر، تشير إلى أن مقدسي كان على اتصال مع المعارضة منذ أشهر قبل ذلك.

وكتب مقدسي إلى الناشط رامي جراح في 21 تموز (يوليو) قائلاً quot;هل تعتقد أنني أعمى لا أرى الأعمال البطولية للشعب السوري؟quot; وأضاف quot;أن المشكلة الوحيدة التي تمنعني وأستطيع القول إنها تمنع غالبية الدبلوماسيين السوريين من الإنضمام إلى الحركة علناً هي quot;ممثلوquot; المعارضةquot;.

وكان مقدسي وهو سوري مسيحي عمل دبلوماسياً في السفارة السورية في لندن، الوجه الذي يظهر به النظام أمام العالم الناطق بالانكليزية.
وفي مطلع كانون الأول (ديسمبر)، اختفى بصورة مفاجئة وسط أنباء عن انشقاقه أو ذهابه في إجازة وظيفية لمدة ثلاثة اشهر، حسب رواية النظام. وفي 24 كانون الأول (ديسمبر)، كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن وجوده في واشنطن لمساعدة مسؤولي الاستخبارات الأميركية في تكوين فكرة عن عملية صنع القرار داخل الحلقة الضيقة لأركان النظام السوري، وما يدور في أذهانهم بشأن التعامل مع الإنتفاضة التي يحاول النظام سحقها منذ 21 شهراً.

وتكشف الرسائل التي نشرها جرّاح عن محادثتين، محادثته الأول مع مقدسي في 7 تموز (يوليو) ثم حوار متواصل يمتد من 20 إلى 22 تموز (يوليو). وقدم جرّاح نفسه بوصفه شخصاً تعرض للاعتقال بسبب مشاركته في تظاهرات سلمية، ثم إلى الضرب مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية السورية كذبت عليه في ما بعد، قائلة إن زوجته اغتُصبت. ورفض مقدسي في تلك المحادثة رواية جرّاح ولكن خطابيته كانت تختلف اختلافًا كبيراً عن لغة النظام الشرسة.

وكتب مقدسي وقتذاك quot;نحن لسنا كاملي الأوصاف يا رامي، ولكن علينا أن نؤمن بسوريا الجديدة وعلينا أن ندعم العملية السياسيةquot;.

ولكن في 21 تموز (يوليو)، كان مقدسي أكثر تجاوباً مع اقتراحات جرّاح التي تدعوه إلى نبذ النظام. وبين المحادثتين اهتز النظام السوري بعملية تفجير استهدفت مبنى الأمن القومي في دمشق في 18 تموز (يوليو) ومقتل عدد من قادته الأمنيين والعسكريين في الهجوم، بينهم آصف شوكت صهر الأسد ووزير الدفاع داود راجحة ورئيس المخابرات هشام اختيار.

وكتب مقدسي في 21 تموز (يوليو) quot;حين أرى إني لستُ قادراً على المساعدة في وقف نزيف الدم من موقعي سأغادرquot;. وأردف ذلك برسالة في 22 تموز (يوليو) قائلاً إنه سيأخذ مقترحات جراح quot;في الاعتبارquot;. وكان من المواضيع التي تكررت في هذه المراسلات شعور مقدسي وجرّاح على السواء بالإحباط من المجلس الوطني السوري الذي كان وقتذاك الإطار الرئيسي لقوى المعارضة السورية. وحمل مقدسي على quot;السلوك السياسي الطفوليquot; للمجلس وقال إن الاستقالة من منصبه لن تعني الإنضمام إلى هذا المجلس.

والسؤال الكبير الذي يطرحه محللون الآن، هو ما إذا كان مقدسي تواصل مع ناشطين مثل جراح في تموز (يوليو) أو أنه اتصل بحكومات أخرى مناوئة لنظام الأسد في تلك الفترة. وفي هذا الشأن لاحظت مجلة فورين بولسي أن مقدسي زار نيويورك في تشرين الأول (اكتوبر) لحضور افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيرة إلى أن تلك الزيارة ربما أتاحت له فرصة الاتصال بدبلوماسيين ومسؤولين استخباراتيين، يبدو أنهم الآن يقطفون ثمار انشقاقه رغم ما يحيط بقصة هذا الانشقاق من غموض وعلامات استفهام، على حد تعبير فورين بولسي.