مجلس النواب العراقي

ما زال مجلس النواب العراقي يرفع شعاره التقليدي (عدم اكتمال النصاب)، ليؤجّل به جلساته إلى أوقات متباعدة تنام تحت ظلالها القوانين التي تنتظر أن يشرعها. فمن بين 325 نائبًا هم أعضاء البرلمان لا تجد العدد الذي يمكن أن يسهم في إقامة جلسة كاملة، فالأعضاء ما زالوا يمارسون لعبة الغياب، على الرغم من وجودهم داخل مبنى البرلمان، وكأنهم يتغنون داخل (كافيتريا) المجلس بسعادتهم حين تنفضّ الجلسة لعدم اكتمال النصاب.


قررت رئاسة مجلس النواب العراقي، أمس الاثنين، تأجيل جلسة البرلمان الـ 19 من الفصل التشريعي الثاني للسنة التشريعية الثانية إلى الرابع عشر من الشهر الحالي، لعدم اكتمال النصاب القانوني.

ويقول النائب في التحالف الكردستاني محمود عثمان لـ (إيلاف) عن جلسة الاثنين، التي رفعت لعدم اكتمال النصاب: قام النواب في سجلات الحضور في مبنى المجلس، لكن الكثير منهم لم يدخل الجلسة التي رفعت إلى 14 شباط (فبراير) الحالي لعدم اكتمال النصاب، لا أعرف السر وراء هذا، ولكنني اعتبر عدم دخولهم إخلالاً في القسم الدستوري.

وأضاف quot;أنا علمت أن عدد النواب الذين وقعوا بالحضور لدخولهم مبنى البرلمانبلغ180 نائبًا، إلا أن الذين دخلوا في الجلسة كانوا 129 نائبًا فقط، وكان من المفترض أن يدخلوا من أجل أن يكتمل النصاب، ولكي ينتهي مجلس النواب من مناقشة الموازنة العامة للعام الحالي، ومناقشة تقرير اللجنة المالية حولها، وحسم كل الأمور العالقة، بل وأكثر من ذلك، وأنا أعتقد أن هذا تقصير بحق الشعب وعدم الشعور بالمسؤولية، ومن المؤسف أن يحدث هذاquot;.

ليس جديدًا على مجلس النواب أن لا يكتمل نصابه، فهذه عادة اعتاد عليها المجلس منذ أن انبثق، وطالما شهدت جلساته وجود الكثير من المقاعد الخالية، وطالما يذاع في وسائل الإعلام أن النصاب يكتمل في (الكافيتريا)، فيما تشكو القاعة فقرًا مدقعًا.

ولطالما أشارت التقارير إلى أن المجلس الحالي منذ انعقاده قبل سنتين تقريبًا لم يصل عدد الأعضاء الحاضرين فيهإلى 250 نائباً من أصل 325، إلا في الجلسة الأولى وأداء اليمين الدستوري، وأن نحو 75 نائبًا في غياب متواصل لأسباب مختلفة، منها الغياب ومنها الإيفاد، فيما تصل جلسات كل يوم خميس، التي خصصت للتصويت، إلى نحو (240) نائبًا أو ربما أكثر من ذلك بقليل، بعدما أصدرت رئاسة المجلس قراراً باستقطاع مليون دينار عراقي (نحو 800 دولار)، على الرغم من أن النظام الداخلي للمجلس ينصّ على (فصل النائب أو استبداله بغياب عشر جلسات مستمرة في الفصل التشريعي الواحد)، ولكن القرار لم يطبّق لعدم وجود توافق سياسي عليه!، وهو ما جعل النصاب في حالة مستمرة من عدم الاكتمال، وبالتالي التأخير المتعمد في سنّ القوانين وهدر الوقت.

فقد أوضح مقرر مجلس النواب محمد الخالدي، النائب عن القائمة العراقية، التفاصيل عن الغياب وعدم اكتمال النصاب: هناك سجلات للتوقيع، صباحية ومسائية، وهناك سجلات تواقيع أخرى بين الجلسات، وتؤخذ هذه التواقيع إلى المكتب، وهناك يتم الفرز بين من هو غائب عن الجلسة ومن هو حاضر، ومن ثم التعرف إلى النائب الممنوح إجازة، والنائب المريض. وهذه الأسماء والأعداد نفرزها حسب الغيابات المسجلة لدينا، لكن العدد الذي يشكل المعدل العام للغياب عن كل جلسة هو نحو (75) نائبًا غائبًا، فالغياب الحقيقي بدون أعذار هو من 5 إلى 10 أعضاء، بينما هناك إيفادات كثيرة، مثلما هناك كثير من اللجان.

وأضاف الخالدي: أن القرار ينص على قطع مبلغ 500 ألف دينار (نحو 420 دولارًا) من راتب النائب الغائب، فيما ينص على قطع مبلغ مليون دينار من راتب الغائب عن جلسة التصويت التي تعقد كل يوم خميس، وإن كان هناك قرار يمنع الإجازات في هذا اليوم.

ولكن على الرغم من وجود عدد كبير من الغيابات للنواب، إلا أن القانون لم يطبّق عليهم الفصل أو الاستبدال لعدم وجود توافق سياسي. وأشار إلى أن النائب لديه حق في 15 يوم إجازة اعتيادية، و15 يوم إجازة مرضية، كما إن النائب لديه دوام لمدة أسبوع في مجلس النواب، ولمدة أسبوع آخر في محافظته، ولكن قسمًا منهم لا يذهب إلى محافظته.

أما النائبة حنان الفتلاوي، عن دولة القانون (التحالف الوطني) فقالت: تعدّ غيابات مجلس النواب العراقي مشكلة قديمة، وكثيرًا ما حاولت رئاسة المجلس وأعضائه وضع الحلول المناسبة.. ولكن لاتزال المشكلة معلقة، فمجلس النواب في أحسن حالاته لا يصل الحضور فيه إلى 250 نائبًا.

وعلى الرغم من الإجراءات، التي اتخذتها هيئة الرئاسة، بقطع مبلغ من راتب النائب المتغيب عن الجلسات، إلا أن هذه الإجراءات لم تطبّق على الجميع، إذ إن هناك بعض الاستثناءات، مثل رؤساء الكتل، الذين أصدرت هيئة الرئاسة بعدم احتساب غيابهم، فضلاً عن أن هناك عددًا كبيرًا من الإجازات تعطى لأعضاء مجلس النواب في يوم واحد، قد يتجاوز العدد المئة نائب، وهذا غير منطقي، لأنه يؤثر على النصاب، كما إن هناك شطبًا لبعض الغيابات، وكثيرًا ما طالبنا هيئة الرئاسة، ولأكثر من مرة، تفعيل النظام الداخلي في ما يخص الغياب، ولم نلق أذانًا صاغية.

وعلقت الناشطة في حقوق الإنسان أفراح الشمري على ما يحدث في مجلس النواب: تعبنا من جملة (لم يكتمل النصاب)، وهذا يعني أن أكثر من نصف عدد البرلمانيين الذين انتخبناهم لم يحترموا انتخابنا لهم، لأن واجب السيد البرلماني أن يحضر تحت قبة البرلمان، ويتفاعل مع ما يحدث هناك، واضعًا نصب عينيه ما يخدم المواطن، ليس أن يذهب ليجلس في (الكافيتريا) كما نسمع، أنا أعتقد أن النائب الذي لا يحضر جلسات مجلس النواب خائن للأمانة التي منحناها له، ومن المعيب أن نسمع أن البرلمان يعاقب الأعضاء أو يقطع رواتبهم، لأنهم يجب أن يكونوا في أعلى مستويات المسؤولية.

أما الكاتب والصحافي باقر جعفر فقد قال: من اسوأ ما اسمعه هو ما يقال ان البرلمان رفع جلسته لعدم اكتمال النصاب وانه اجلها الى وقت اخر على الرغم من ان لديه قرارات مهمة وتشريعات كثيرة تنتظر ان ترى النور، واحيانا اتساءل: ما شغل السادة النواب المتفرغين للعمل هذا، هل تأخذهم (النومة) ام انهم لا يبالون بالذهاب، انا اخشى ان يكون بعضهم لا يهش ولا ينش ولا يجد في نفسه الثقة التي تجعل منه نائبا حقيقيا في البرلمان، اعتقد ان استمرار (عدم اكتمال النصاب) لن يخدم العملية السياسية كما انه سيزيد من معاناة المواطن الذي يتمنى ان تتاح له خدمات اكثر وفرص اكثر للعيش بسلام.