كسرت حملة كتابة الرسائل إلى الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي المحرمات التي تمنع انتقاد أعلى سلطة دينية وسياسية في جمهورية إيران الإسلامية. يأتي هذا التحول قبل احتجاجات معارضة من المتوقع أن تشكل تحديًا آخر للحكومة الإيرانية في الأسابيع التي تسبق العملية الانتخابية في 2 آذار/ مارس.


الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي

لميس فرحات: دعت quot;الحركة الخضراءquot; المعارضة في إيران، الطلاب الناشطين وأحزاب الإصلاح السياسية الرئيسة إلى مظاهرات على مستوى الأمّة يوم الثلاثاء للمطالبة بالإفراج عن قادة المعارضة الموضوعينتحت الإقامة الجبرية، والدعوة إلى الديمقراطية.

قبل بدء المظاهرات، كانت طهران ومدن أخرى في ظل إجراءات أمنية مشددة يوم الاثنين، حيث انتشرت نقاط التفتيش وأعداد كبيرة من قوات الشرطة في الشوار، إضافة إلى تعطيل خدمة الهاتف المحمول والانترنت.

طوال أشهر عدة، كتب العشرات من المعارضين والنشطاء المعروفين، فضلاً عن الناس العاديين، رسائل مفتوحة إلى خامنئي، متهمين إياه بالموافقة على التعذيب في السجون، والتسامح مع الفساد، والتسبب في المصاعب الاقتصادية التي تعانيها إيران.

تم نشر الرسائل عبر البريد الالكتروني والمواقع الشخصية، إضافة إلى مواقع باللغة الفارسية، التي تنشر أخبار المعارضة. كما تم تكريس ألف مدونة مخصصة للنداءات والرسائل من هذا النوع.

في هذا السياق، تناولت صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; الرسالة التي بعثها مجتبى وحيدي، المستشار السياسي لزعيم المعارضة الإيرانية مهدي كروبي، الذي يعيش الآن في المنفى، والتي خاطب فيها خامنئي قائلاً: quot;حتى المواطن الأكثر تفاؤلاً يعتقد أنك لا تفكر بشيء سوى البقاء في السلطة، وأنك على استعداد لتدمير موارد إيران الوطنية، وتراثها وفكرها وثقافتها من أجل تحقيق هذه الغايةquot;.

الرسائل المفتوحة، التي كتبها عدد من المقيمين والمغتربين الإيرانيين، وفي بعض الحالات تعرّض أصحابها للسجن، لم تلق أي رد من خامنئي حتى الساعة.

وعبّر العديد من المطلعين على النظام، بما في ذلك رجال الدين ذوو النفوذ، وقدامى المقاتلين في الحرب بين إيران والعراق، إضافة إلى أعضاء في ميليشيا الباسيج المتطرف وأحد كبار القادة في الحرس الثوري، عن مخاوفهم بشكل علني من أن الثورة ضد خامنئي باتت أقوى من قبل، ومن الصعب السيطرة عليها.

واعتبرت الـ quot;وول ستريت جورنالquot; أن الرسائل غير اعتيادية، وتحمل دلالات بالغة الأهمية، لأنها تستهدف قلب الجمهورية الإسلامية وزعيمها، لا الإدارة والحكومة. وأشارت إلى أن خامنئي، المسؤول عن حكم النظام القمعي، لطالما كان فوق الشبهات العامة، لكن هذا المشهد بدأ بالتغير.

يمكن أن يعزى هذا التغيير في جزء منه إلى تأثير الانتفاضات الناجحة في العالم العربي (ثورات الربيع العربي) كما يقول العديد من المحللين. quot;الحديث عن خامنئي علناً لم يعد من المحرمات، في الواقع إنه شكل جديد من المقاومة، التي تنزع الصبغة المقدسة عن الجمهورية الإسلامية. وهذه هي تداعيات الربيع العربيquot;، بحسب حميد دباشي، أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة كولومبيا.

يبدو أن هذا التحول يمتد إلى موجة من الانتقاد ضد مؤسس الجمهورية الإسلامية والمرشد الأعلى الأول، آية الله روح الله الخميني. ففي 1 شباط/فبراير، شهدت إيران موكباً احتفالياً بعودة الخميني عام 1979 من المنفى، فأعيد تمثيل عودته في مطار طهران. وحيّا الجنود لوحة من الورق المقوى، تحمل صورة الخميني، والتي حملها اثنان من الطيارين إلى أسفل سلم الطائرة.

احتفال quot;إعادة التمثيلquot; أدى إلى حال من الهستيريا الوطنية، إذ سخر العديد من المواطنين من الاحتفال، واصفين الخميني بـ quot;إمام الكرتونquot;.

وبموجب القانون الإيراني، تعتبر إهانة الزعيم الأعلى جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن، كما إن عدم الإيمان بالقوى العليا، التي يتمتع بها المرشد الأعلى في إيران، هو جريمة يعاقب عليها بالإعدام.

بدأت حملة كتابة الرسائل في نوفمبر/ تشرين الثاني، عندما دعا الصحافي والمخرج السينمائي محمد نوريزاد، الذي شغل منصب مستشار ثقافي لخامنئي، المعارضين الآخرين إلى البدء في كتابة الرسائل للمرشد الأعلى، كما فعل منذ عام 2010، بعد اعتقاله وتعذيبه، وسرعان ما بدأت مئات الرسائل تتدفق.

بعض هذه الرسائل، تمت صياغتها بأدب وبطريقة لائقة، إذ لقب أصحابها الخامنئي بـquot;الأبquot;، ودعوه إلى العودة عن أخطائه قبل فوات الأوان، والاعتذار للسجناء السياسيين، بما في ذلك زعماء المعارضة.

لكن من كسر هذه quot;الحرمات الإيرانيةquot;، كان قائد من قوات الحرس الثوري الإيراني الأميرال حسين علائي، الذي نشر الرسالة الأكثر إثارة للصدمة في صحيفة إيرانية في يناير/كانون الثاني، دعا فيها زعيم إيران إلى التعلّم من مصير الشاه المخلوع، ووضع حدّ لحملة القمع ضد المعارضين.

quot;أيام الأنظمة الدكتاتورية باتت معدودة، ولم يعد باستطاعة الزعماء حكم الناس بشكل أعمى. لو كان الشاه قد سمح للناس بالاحتجاجات السلمية، هل كان سيطاح به؟quot; سأل الأدميرال علائي.

وكتب أفراد عائلة أحد قادة الحرس الثوري رسالة عامة، أشادوا فيها بالأدميرال علائي quot;لقول الحقيقة للسلطةquot;، بينما هاجمه العديد من الموالين للنظام الإيراني، معتبرين أنه أدار ظهره لخامنئي.