قوى الأمن السورية متواجدة في المدن السورية لتفادي وقوع الاضطرابات

يواجه المعارضون السوريون مشكلة في تنظيم المسيرات السلمية المناهضة للرئيس بشار الأسد في مدينة حلب، نظرا لوجود quot;الشبيحةquot; في الأحياء السكنية، ويعتمد منظمو التظاهرات احتياطات عديدة من أجل التحايل على القوى الأمنية، مثل اختيار مواقع مختلفة لاحتجاجهم ثم تغييرها في اللحظة الأخيرة.


بيروت: أمام خصوم الرئيس السوري بشار الاسد نضال طويل لكسب المزيد من الحشد والدعم من السكان، بمن فيهم مجتمع رجال الأعمال الأثرياء الذين يعتبرون اساس الإستقرار في البلاد.

يحاول اسامة، شاب سوري معارض، التواصل مع غيره من النشطاء في مدينة حلب، من أجل تنظيم مسيرة سلمية معارضة، ضد نظام الرئيس الأسد. لكن سرعان ما يرصد مجموعة من quot;الشبيحةquot; القادمين باتجاه الأحياء السكنية، فيبلغ رفاقه بضرورة إلغاء التظاهرات تفادياً لوقوع ضحايا من المدنيين.

الفشل في تنظيم المسيرة علامة أخرى على أن نشطاء المعارضة يواجهون مشكلة في تنظيم الاحتجاجات السلمية في مدينة حلب، المركز التجاري في سوريا، والتي تبقى حتى الساعة معقلاً لنظام الأسد، جنباً إلى جنب مع العاصمة دمشق.

بعد مرور ما يقرب السنة على اندلاع الثورة الشعبية ضد الرئيس الأسد، والتي تحولت إلى أعمال عنف دموية في معظم المجتمعات المحلية السورية الكبرى، لا يزال نشاط المعارضة في حلب في طور التكون، وأمام المعارضين للحكومة نضال طويل لكسب تأييد سكان هذه المنطقة، لا سيما الأثرياء من رجال الأعمال والذين لطالما أيدوا الرئيس الأسد.

بعد التفجيرين الذين ضربا حمص في الأسبوع الماضي، القت الحكومة باللائمة على الإرهابيين، الأمر الذي عزز من تصريحات الأسد التي تزعم بأن المعارضة تدفع سوريا في حال من الفوضى وسفك الدماء، على غرار العنف الطائفي في العراق.

وهذا هو السيناريو الذي يحدث بالفعل في حمص، وفقاً لما نشرته صحيفة الـ quot;لوس انجلوس تايمزquot;، التي تشير إلى أن هذه المدينة هي الآن منطقة قتال بين القوات المؤيدة والمناهضة للحكومة.

ولمنع المعارضة من ان تكسب موطئ قدم في المدينة، تعمد قوى الأسد على الاستجابة بشكل وحشي للتظاهرات، حتى الصغيرة منها. وأدت حملة القمع الوحشية التي تمارسها قوات النظام إلى مقتل أكثر من اثني عشر قتيلاً في الأسابيع الأخيرة، كما يقول نشطاء حلب.

يعتمد منظمو التظاهرات احتياطات عديدة من أجل التحايل على القوى الأمنية والإفلات من قبضتها، مثل اختيار مواقع مختلفة لاحتجاجهم ثم تغييرها في اللحظة الأخيرة، استناداً إلى طرق الهروب المتاحة.

بعض نشطاء المعارضة يشعرون بالإحباط وبدأوا بالتفكير في حمل السلاح، وهي خطوة تبنتها بالفعل العديد من قوى المعارضة التي يسيطر عليها المتمردون على بعد أميال قليلة خارج البلدة. وقال أحد الناشطين أن ما لا يقل عن ستة اعضاء في الميليشيا الموالية للحكومة اي quot;الشبيحةquot; قتلوا في مدينة حلب.

واشارت الصحيفة إلى أن هناك مخاوف من أن تؤدي تكتيكات المعارضة العنيفة إلى نتائج عكسية. ونقلت عن الناشط أبو عمار قوله: quot;لم يفت الأوان للإبقاء على الاحتجاجات السلمية، فبمجرد عسكرة وتسليح الثورة، تكون قد أقصيت أولئك الذين ما زالوا يطالبون بثورة سلمية.quot;

ابو عمار وغيره من النشطاء يتابعون تنظيم التظاهرات والمقاطعة الاقتصادية والإضرابات في قلب المدينة التجاري. ودعوا السكان الى التوقف عن دفع الضرائب وفواتير المياه والكهرباء في محاولة للضغط على الحكام، الذين يعانون بالفعل من عزلة اقتصادية ودبلوماسية.

وقال أبو عبده، ناشط آخر إن quot;الحكومة لا يمكن ان تستمر في حال حدث جمود اقتصادي في البلادquot;، واضاف: quot;علينا تحسين خططنا الاستراتيجية، تماماً كما يخطط النظام، ونحن بحاجة للتخطيط والتفكيرquot;.

الناشطون في حلب ما زالوا يستخدمون أبسط أنواع التجييش، وهي الحملات العاطفية، كالدفاع عن الثورة بين العائلة والأصدقاء وزملاء العمل الموثوق بهم. ففي أي تجمع، تكون الاضطرابات المتصاعدة التي تمزق الأمة، هي الموضوع المهيمن للمناقشة.

وقال أبو عبدو: quot;نحن نحاول أن ننشر في مجتمعنا أهداف الثورة، وليس فقط أننا لا نحب بشار ونريد سقوطهquot;، مشيراً إلى ضرورة وجود حكومة أكثر ديمقراطية وتمثيلاً.

ونقلت الصحيفة عن أحد سكان مدينة حلب قوله: quot;المدن الأخرى تتوقع منا شيئاً كبيراً في حلب. ففي اليوم الذي تنهض فيه هذه المدينة، سيتدفق نحو 50000 معارض في ساحة سعدالله بن جابريquot;، وهي إحدى نقاط التجميع في حلب. لكنه يضيف: quot;إلا أن هذا لن يحدثquot;.

في أواخر حزيران، واليوم الذي اطلق عليه اسم quot;بركان حلبquot;، أملا في أن المدينة قد تنفجر في مسيرات عفوية مناهضة للأسد، تلاشت هذه الآمال بسرعة إذ أن شيئاً من هذا لم يحدث. وبعد ما يقرب ستة أشهر من ذاك اليوم، وضع النشطاء في مدينتي دمشق وحلب جدولاً زمنياً للتحرك، غير أن هذه الجهود تعثرت ولم تتوصل إلى نتيجة مرضية.

تضامنت معظم الجماعات الناشطة في المدينة الآن تحت راية شبيبة الثورة في حلبquot;، المكلفة بتنسيق احتجاجات أكثر قوة والمقاطعة الاقتصادية. وأدت هذه الجهود إلى بعض من اكبر المظاهرات في المدينة، مع أكثر من ألف مشارك، وفقاً للنشطاء.

وتشكل الجامعات اليوم نقطة التركيز الاساسية، نظراً لأن الكثير من الطلبة يأتون من المناطق المعارضة بوضوح للأسد، ولأن المظاهرات في الحرم الجامعي تشمل النساء اللواتي يشكلن حالة نادرة في مسيرات المعارضة الأخرى.

لكن الاحتجاجات داخل الحرم الجامعي كانت عشوائية وغير منظمة، إذ أن كل قسم من الطلاب يعملون بشكل مستقل ومن دون التوحد تحت مظلة واحدة.

وقال أحد النشطاء: quot;أرى أن حلب ذاهبة إلى انتفاضة مسلحة، وهذا الطريق الوحيد أمامناquot;. لكن أبو عمار يخالفه الرأي ويصر على ضرورة عدم الانجرار إلى القتال المسلح، مشيراً إلى أن quot;حلب ليست مستعدة للأسلحةquot;.