وسائل إعلامية تولد من رحم الثورة السورية

نبّه التعتيم الذي يفرضه النظام السوري على الوسائل الاعلامية المختلفة الشباب المشارك في التحركات والاحتجاجات الشعبية إلى أهمية الاعلام في ثورات الربيع العربي خاصة وسائل التواصل الاجتماعي. وأتت مجلة الغد الالكترونية الصادرة عن ناشطين في التيار الوطني السوري لتمثل نموذجا لجهد هؤلاء الشبان.


دمشق: لعلّ من المزايا القليلة للنظام السوري الحالي دفعه خيرة شباب بلاده الذين يشكلون نسبة كبيرة من الشعب، إلى البحث عن فرص أخرى للعيش والبروز، بعد أن أوكلهم إلى النسيان والإهمال، واستباح مقدرات البلاد لأربعة عقود.

التعتيم الإعلامي الذي يمارسه النظام على الأحداث داخل البلاد، ومنعه لجميع وسائل الإعلام المتآمرة عليه من تغطية الأحداث، نبّه العديد من الشباب والنشطاء المشاركين في الحراك الشعبي إلى ضرورة إيلاء هذا الجانب حيزاً مهماً من الاهتمام، بعد أن فجرت وسائل التواصل الاجتماعي، كالفايسبوك وتويتر ويوتيوب، ثورات الربيع العربي، وألهمت شبانها وحراكها وسهّلت تواصلها مع العالم.

فالعديد من نشطاء الثورة السورية يسهمون فيها من خلال التظاهر الميداني أولاً، وتغطيتها ونشرها وبثها عبر الانترنت بعد ذلك، وقد حاول النظام تدارك الأمر من خلال تشبيحه إعلامياً عبر ما سمّاه الجيش الالكتروني السوري، واختراقه العديد من المواقع، وتشويشه على بث العديد من القنوات، إلا أن نشاط الأخير بات ضعيفاً، ويكاد لا يذكر له في الآونة الأخيرة.

مجلة الغد الالكترونية الصادرة عن نشطاء التيار الوطني السوري، أحد تيارات المعارضة المنضوية تحت المجلس الوطني السوري، تمثل نموذجاً لجهد شباب ما، كان يريد التخفي وراء أسماء مستعارة، لولا ضرورات الأمن ووحشية الاعتقال والتعذيب حين الانكشاف، وجمعتهم رؤية واحدة لمستقبلهم الذي يرسمونه بأقلامهم الغضة، فأطلقوا على مجلتهم الالكترونية غير الدورية تسمية (الغد)، علّها ترسم غداً أفضل لشعب ينشد الحرية والكرامة.

العدد الذي ينشر على صفحة الفايسبوك، الملاذ الأكثر شعبية لشباب الثورة في سوريا، وصل إلى الرقم ثمانية، وهو يحاول، قدر المستطاع، نقل صورة ما يجري على أرض الواقع من أحداث ومجريات خلال أسبوع تقريباً، ليرسمها على صفحاته الافتراضية، بعد أن بات نقل الصورة إلى أهلها ورقياً متعذراً بسبب التضييق الأمني المعروف.

قد يكون عدد أوراق المجلة قليلاً لظروف تحريرية وأمنية، لا يتجاوز الثماني صفحات في معظم الحالات، لكنها مليئة بكثير من الألم والأمل الناضح بالتفاؤل بمستقبل أفضل، ويحدد المواقف من قبل بعض نشطاء الثورة إزاء ما يجري في بلدهم.

يحدثنا (عصام) أحد المشاركين في تحرير المجلة عنها فيقول: quot;الغد.. مجلة أسبوعية تصدر عن التيار الوطني السوري، وتُعنى بأحداث الثورة السورية، وتعبر عن رؤية التيار السياسية، وقد صدر منها 8 أعداد، عدد صفحات المجلة أربع صفحات.

أما أبو أسيد، فيحدثنا عن أبواب المجلة: quot;للمجلة أبواب ثابتة وأخرى دورية، الثابتة هي كلمة المكتب السياسي، أخبار التيار، أخبار الثورة، إحصائيات الثورة، الأحداث في عيون الصحافة. أما الأبواب غير الثابتة، أدبيات الثورة، خبر وتحليل، بحوث ودراسات، مقالات، مشاركات أعضاء التيار، مكتبة التيار، اقتصاد الثورةquot;.

في العدد الثامن الصادر أخيراً، تطالعنا عناوين: (بوابة القدس) لرئيس التيار الدكتور عماد الدين الرشيد، يؤكد فيها أن الطريق إلى تحرير القدس بات معروفاً للجميع، ويمر من تحرير أهل الشام من براثن من حجبهم عن تحرير الأماكن المقدسة، ليتناول تقرير آخر الوضع المعيشي السوري بعد الانخفاض الكبير لقيمة الليرة السورية أمام الدولار، وارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية الرئيسة، لينتقل بعد ذلك لمناقشة آراء حول تعديل الدستور المطروح قريباً للاستفتاء الشعبي، بلهجة ساخرة، ويعلق على (مسيرة لافروف العفوية) من قبل رجال الحرس الجمهوري في قلب دمشق، وينقل عن أحد النشطاء ما يقوم به شبيحة الإعلام الموالون من لبنان في ليالي دمشق تحت عنوان (خفافيش الليل)، دون أن ينسى العدد، الربط بين ثوار ورموز الماضي والشيخ علي الطنطاوي، رحمه الله، ثم توجيه أسئلة أهالي بابا عمرو الفقهية لمفتي الجمهورية الموالي للنظام حول بعض الأمور الشرعية، بأسلوب تهكمي مؤلم! ومواد أخرى خفيفة عن بعض الظواهر الاجتماعية كانتشار البسطات في شوارع دمشق وحلب على نحو غير طبيعي، ونقل لأقوال من التراث لمجانبة الظلمة، في دعوة غير مباشرة للانشقاق المدني والعسكري عن النظام. وتتنوع تقارير الأعداد وموضوعاته عادة بحسب الأحداث والتطورات الميدانية.