فيما يراقب الإسرائيليون المواجهة الدامية بين الشعب السوري وحكومة الرئيس بشار الأسد، يبدو أن مشاعرهم مجزأة إلى قسمين: من ناحية يرون أن سقوط الأسد سيوجّه ضربة كبيرة لإيران ولذلك سيكون موضع ترحيب. في المقابل، يخشون أنه ومن دون سلطة مركزية، يمكن أن تنحدر سوريا لتصبح أرض الفوضى والقواعد الإرهابية على الحدود الشمالية الشرقية لإسرائيل.
في مرتفعات الجولان دروز يحتجون على سيطرة إسرائيل على المنطقة |
لميس فرحات: بعد ما يقرب العام على انطلاق الثورة السورية، الرأي السائد في إسرائيل اليوم هو أن سقوط الأسد بات أمراً محتوماً وضرورياً، ليس فقط لأنه قتل الآلاف من المدنيين، ولكن لأنه الركيزة الأساسية في الشبكة الإيرانية المناهضة لاسرائيل، والتي تضم حزب الله في لبنان والفصائل الفلسطينية حماس والجهاد الإسلامي.
في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن دان ميريدور، وزير الاستخبارات الإسرائيلية، في مؤتمر صحافي يوم الاثنين، قوله: quot;إيران تستثمر بشكل كبير جداً في محاولة لإنقاذ نظام الأسدquot;، وأضاف quot;إذا انكسر التحالف غير المقدس بين إيران وسوريا وحزب الله، فهذا أمر إيجابي للغايةquot;.
وعبّر إفرايم هاليفي، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي ورئيس جهاز مخابرات الموساد، عن رأي مشابه، إذ قال في الآونة الأخيرة إن quot;المراقبة الدولية الوثيقة لسوريا يمكن أن تلغي أي حاجة إلى هجوم عسكري أكثر خطورة بكثير على المنشآت النووية الإيرانيةquot;.
وأضاف quot;التأكد من أن يتم طرد إيران من مركزها الإقليمي في دمشق، يعني قطع وصولها إلى وكلائها (حزب الله في لبنان وحماس في غزة)، وضعف مكانتها المحلية والدولية، الأمر الذي قد يضطر نظام طهران إلى تعليق سياستها النووية. وهذا من شأنه أن يكون خياراً أكثر أماناً من الخيار العسكريquot;.
تعتبر الحكومة الإسرائيلية، إضافة إلى بعض المحللين الاستخباراتيين، أن النتيجة الأكثر ترجيحاً للصراع الحالي في سوريا هي الفوضى. وهذا الاعتقاد مبني على أربعة عوامل: ولاء قوات الأمن للرئيس الأسد، والوضع الاقتصادي، والمشاركة في الاحتجاجات في المدن الرئيسة في دمشق وحلب وإمكانية التدخل الدولي.
استنتاجاتهم هي أن الغالبية العظمى من قوات الأمن السورية لا تزال موالية للأسد، وهذا الوضع لن يتغير قريبًا، كما إن المساعدات الاقتصادية الإيرانية إلى سوريا سخية وحيوية، وتضمن دوران العجلة الاقتصادية، في الوقت الذي تبقى فيه المشاركة في التظاهرات المناهضة للحكومة في دمشق وحلب منخفضة إلى حد ما، وذلك ما يجعل من فرصة للتدخل العسكري الأميركي أو الأوروبي في سوريا أقرب من الصفر.
ونقلت الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن أحد المحللين قوله: quot;لا أرى أي رغبة لدى أي قوة أجنبية في أن تضع جنودها في سوريا، كما حدث في أفغانستان وليبيا، كما إن المعارضة منقسمة، وهذا لا يساعد أميركا التي تعاني بالفعل هذه الأوضاع، والشيء نفسه ينطبق على الأوروبيينquot;.
نتيجة لذلك، قال مسؤولون إسرائيليون ومحللون استخباراتيون إنهم قلقون من الوجود المتزايد لتنظيم القاعدة في سوريا، واحتمال أن ينتقل مخزون سوريا الكبير من الأسلحة إلى أيدي حزب الله وغيرها من الجماعات المناهضة لإسرائيل.
في مؤتمر هرتسليا السنوي حول الأمن الإسرائيلي الذي عقد قبل أسابيع عدة، تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك عن هذه المسألة، وقال: quot;نحن نتابع عن كثب احتمال نقل منظومات الأسلحة المتطورة إلى حزب الله، الأمر الذي يكسر التوازن الدقيق في لبنانquot;.
وقال خبراء إنه في حال ثبت نقل الأسلحة من سوريا إلى حزب الله في لبنان، فإن إسرائيل ستكون أمام قرار حاسم بـ quot;ضرب القافلة ومواجهة خطر استفزاز حكومة الأسد في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، واحتمال تحويل الانتباه بعيداً عن ويلاتها الداخليةquot;.
ونقلت الصحيفة عن أحد المطلعين قوله إن إسرائيل ستكون أكثر ميلاً إلى ضرب القافلة التي تنقل الأسلحة، فقط إذا كانت هذه الأسلحة قادرة على تغيير الصورة الاستراتيجية، على سبيل المثال الأسلحة الكيماوية. أما إذا كانت الأسلحة مشابهة لتلك التي اعتادت سوريا أن تقدمها إلى حزب الله فعلى الأرجح أن إسرائيل لن تهاجم.
ومن المسائل التي خلقت جدلاً في إسرائيل هي مدى علانية موقف مسؤوليها ضد الأسد. فوزير الدفاع الاسرائيلي إيهودا باراك ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أعلنا عن رغبتهما في سقوطه، وأدانا مذابح المدنيين.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان أقل وضوحاً في هذه الرغبة، ويقول مساعدوه إن هذا يعود إلى اعتقاده بأن quot;أي إدانة للأسد من جانب إسرائيل ستسمح للرئيس السوري باتهام خصومه بأنهم من المتآمرين مع الصهاينةquot;.
التعليقات