تاريخ النشر: الأحد 26 فبراير 2012 - 7.30 غرينتش
آخر تحديث: الأحد 26 فبراير 2012- 21.45 غرينتش

أدلى السوريون بأصواتهم اليوم الأحد في استفتاء على مشروع دستور جديد للبلاد، حيث استمرت أعمال العنف حاصدة 57 قتيلاً على الأقل، لاسيما في حمص، التي تتعرّض بعض مناطقها للقصف والحصار منذ ثلاثة أسابيع.

الأسد وعقيلته غداة التصويت على الاستفتاء الأحد

دمشق:مددت السلطات السورية مساء فتح مراكز الاقتراع مدة ثلاث ساعات في عدد من المحافظات في إطار الاستفتاء على مشروع الدستور، بسبب quot;الاقبال المستمرquot; للناخبين، بحسب ما أفاد التفزيون الرسمي السوري.

وكان يفترض أن تقفل الصناديق الساعة 19:00 (17:00 ت غ).

وقالت وسائل الإعلام الرسمية إن عمليات الفرز بدأت في كل المراكز من دون أن توضح موعد صدور النتائج.

وكانت المراكز فتحت الساعة السابعة (5:00 تغ). ويبلغ عدد الناخبين 14 مليونًا ممن تجاوزت أعمارهم 18 عامًا.

وقال عربي عصفور (محاسب، 47 عامًا)، وهو يدلي بصوته في مركز مدرسة المقدسي في حي الميدان الدمشقي، الذي شهد تظاهرات عدة مناهضة للنظام منذ بداية الحركة الاحتجاجية في منتصف آذار/مارس، quot;الاستفتاء حق وواجب وطني، وعلى المرء أن يعبّر عن انتمائه إلى وطنهquot;.

واعتبر quot;أن من كان يطالب بإلغاء المادة الثامنة (التي كانت من أهم المطالب الشعبية للحركة) نال ما يريدهquot;.

ويلغي الدستور الجديد الدور القيادي لحزب البعث القائم منذ خمسين عامًا. فقد حلت فقرة تنصّ على quot;التعددية السياسيةquot; محل المادة الثامنة، التي تشدد على دور حزب البعث quot;القائد في الدولة والمجتمعquot;.

وتنصّ المادة 88 على أن الرئيس لا يمكن أن ينتخب لأكثر من ولايتين، كل منها من سبع سنوات. لكن المادة 155 توضح أن هذه المواد لا تنطبق على الرئيس الحالي إلا اعتبارًا من الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي يفترض أن تجري في 2014. ويبقي الدستور على صلاحيات واسعة للرئيس.

وأعد الدستور في إطار الإصلاحات، التي وعدت بها السلطات، في محاولة لتهدئة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد النظام.

وأكد وزير الداخلية محمد الشعار أن عملية الاستفتاء سارت quot;بشكل طبيعي في معظم المحافظات، وأن المراكز شهدت إقبالاً كبيرًا من المواطنين، باستثناء بعض المناطقquot;، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء السورية الرسمية quot;ساناquot;.

وأدلى الرئيس السوري بشار الأسد وزوجته أسماء بصوتيهما في مركز اقتراع داخل مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية في دمشق، حيث استقبلهما حشد من الموظفين والأنصار.

وقال الأسد quot;الهجمة علينا إعلامية، الإعلام مهم، لكنه لا يتفوق على الواقعquot;. وأضاف quot;قد يكونون أقوى في الفضاء، لكننا على الأرض أقوى (...) ومع ذلك فنحن سنربح الأرض والفضاءquot;، في إشارة إلى الهجمة الإعلامية لبعض القنوات الفضائية العربية التي تتهمها السلطات بالتحريض ضد سوريا.

ودعت المعارضة السورية، التي تطالب برحيل الأسد، إلى مقاطعة الاستفتاء، معتبرة أنه لا يحظى بالشرعية.

وعلى صفحة quot;الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011quot; على موقع quot;فايسبوكquot; الالكتروني، وتحت شعار quot;مقاطعة الاستفتاءquot;، كتبت الأحد العبارة الآتية quot;نظام بلا شرعية، دستور بلا شرعيةquot;.

ومن حمص (وسط)، قال عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبد الله في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس إن quot;الاستفتاء هو نوع من الحوار، ولا حوار مع القاتلquot;، مشيرًا إلى أن الدستور الجديد يسمح لبشار الأسد بالترشح مرة أخرى للرئاسة.

وقال quot;لا انتخابات نزيهة، يمكن أن يقوم بها هذا النظام. المواطنون يعرفون أن الأمر مثير للسخريةquot;.

ويأتي الاستفتاء في وقت تستمر الحركة الاحتجاجية الواسعة النطاق ضد النظام السوري، والتي تواجه بحملة قمع دموية، تسببت في مقتل أكثر من 7500 شخصًا حتى الآن، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس quot;لقد نجح الاستفتاء في الإعلام السوري، فأي استفتاء في ظل الانفجارات وإطلاق الرصاص؟quot;.

وأشار إلى أن الكثير من الأهالي في مناطق عدة رفضوا المشاركة في الاستفتاء وتعرّضوا لضغوط.

وقال العبد الله من جهته إنه قام صباحًا بجولة في أحياء quot;هادئة نسبيًاquot; من حمص: في القصور والخالدية والقرابيص وجورة الشياح والبياضة، مضيفًا إن هذه الأحياء quot;الواقعة نسبيًا تحت سيطرة الجيش الحر لا يوجد أي إنسان في شوارعها، وكل شيء مقفل، ولا يوجد فيها مركز اقتراع واحد. فكيف بالحري الأحياء التي تشهد قصفًا؟quot;.

وأكد الناشط أبو بكر، عبر سكايب، أن حي بابا عمرو تعرّض اليوم للقصف أيضًا. وقال quot;أصوات الانفجارات تملأ المكان. ورصاص القناصة يضرب هنا وهناك على كل ما يتحركquot;.

وأضاف quot;البيوت مدمّرة (...)، وكأننا نشاهد نشرة أخبار عن فلسطين أو هيروشيما بعدما تدمّرت. لا كهرباء لا ماء ولا اتصالات ولا هواء نظيفًاquot;.

وبلغ عدد القتلى، الذين سقطوا الأحد في أعمال عنف في كل أنحاء سوريا، 57، هم 34 مدنيًا و23 عسكريًا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ولم تثمر المفاوضات التي تجريها اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع السلطات والمعارضين السوريين لإجلاء جرحى، بينهم صحافيان غربيان، الفرنسية إديت بوفييه والبريطاني بول كونروي، من حي بابا عمرو في حمص.

وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دمشق صالح دباكة لوكالة فرانس برس quot;لن يحصل الإجلاء الأحد، لأن إرسال سيارات إسعاف ليلاً (...) إلى حمص لنقل الجرحى أمر بالغ الخطورة. من الأرجح القيام بذلك الاثنينquot;.

وأصيبت بوفييه وكونروي الأربعاء في قصف على منزل، حوّله ناشطون إلى مركز إعلامي، وتسبب أيضًا في مقتل زميليهما الفرنسي ريمي أوشليك، والأميركية ماري كولفن.

وناشدت كيت كونروي زوجة المصور البريطاني، الذي أصيب في القصف على مدينة حمص السورية، السلطات البريطانية الأحد إنقاذ زوجها، كاشفة عن أنه رفض الخروج من حمص مع جمعية الهلال الأحمر السوري.

وجددت فرنسا اليوم على لسان وزير الداخلية كلود غيان التأكيد أنها quot;تبذل كل ما في وسعهاquot; من أجل إعادة بوفييه إلى بلادها.

وأعلن المجلس الوطني السوري، الذي يضم غالبية أطياف المعارضة، في بيان الأحد، أنه quot;يمد اليدquot; إلى الطائفة العلوية من أجل بناء quot;دولة المواطنة والقانونquot;.

وقال quot;لن ينجح النظام في دفعنا إلى قتال بعضنا البعض. إننا مصممون على التكاتف والوحدة الأهلية، وأول بوادر هذه الوحدة هي مد يدنا إلى أخوتنا العلويين، لنبني سوريا دولة المواطنة والقانونquot;.

وينتمي الرئيس السوري بشار الأسد إلى الأقلية العلوية، التي تسيطر على المفاصل الأساسية في النظام.

دوليًا، حثت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأحد عناصر الجيش السوري على quot;تغليب مصلحة البلادquot; على الدفاع عن نظام الأسد، مضيفة quot;نعتقد أن الدائرة التي تحيط بالأسد قلقة من الهجمات الوحشية الجاريةquot;.

ورأت أن النقاط الثلاث، التي يتعين أن تشكل استراتيجية المجتمع الدولي حيال سوريا تكمن في quot;مساعدة إنسانية عاجلةquot; للمدنيين، وquot;زيادة الضغوط على نظام الأسدquot;، وquot;المساعدة على الإعداد لعملية انتقاليةquot;.

وفي حديث إلى شبكة quot;سي إن إنquot; الإخبارية الأميركية، قالت كلينتون quot;لدينا اتصالات كثيرة (...) مع أشخاص في الحكم وفي أوساط الأعمال وبين الأقليات، ورسالتنا إلى الجميع واحدة، لا يمكنكم أن تستمروا في دعم هذا النظام غير الشرعي، لأنه سيسقطquot;.

ولكن كلينتون اعتبرت في مقابلة مع شبكة بي بي سي، أجرتها أثناء زيارتها للرباط، quot;أعتقد أن كل مخاطر اندلاع حرب أهلية (في سوريا) قائمة. التدخل الأجنبي لن يمنع ذلك، حتى إنه سيعجل به على الأرجحquot;.

وأضافت quot;هناك الكثير من السيناريوهات السيئة التي نحاول استباقها (..) ونحاول التشجيع على عملية انتقالية ديموقراطيةquot;.

وقالت الوزيرة الأميركية أيضًا quot;هناك معارضة قوية جدًا ضد التدخل الأجنبي، داخل سوريا وخارجهاquot;.

كما حذرت كلينتون في مقابلة مع شبكة سي بي إس نيوز من أن قيام الولايات المتحدة بتسليح المعارضة السورية يمكن أن يؤدي إلى دعم تنظيم القاعدة وحركة حماس بطريقة غير مباشرة.

وفي مدريد، تظاهر حوالى 500 شخصًا مطالبين بسقوط الأسد، ومنددين بالعنف أمام وزارة الخارجية الإسبانية والسفارة السورية. وحملوا لافتات كتب عليها quot;سوريا حرة، الآنquot;، وquot;حريةquot;.

كما سارت تظاهرة في المغرب، ضمّت آلاف الأشخاص (عشرون ألفًا بحسب المنظمين، وستة آلاف بحسب السلطات) في الدار البيضاء، للمطالبة بإسقاط النظام السوري، وذلك بناء على دعوة من جمعية العدل والإحسان الإسلامية.