ظل laquo;إنجيل برناباraquo; مرفوضًا على مر الزمن من جانب علماء مسيحيين لأنه يضع على لسان النبي عيسى تنبؤه بقدوم النبي محمد، ومن جانب علماء مسلمين لأنه يناقض الرؤية الإسلامية للمسيحية. وتقول تركيا الآن إنها حازت الأصل، وإن بابا الفاتيكان نفسه أبلغها رجاءه الإطلاع عليه.


المخطوط الذي أماطت تركيا اللثام عنه

لندن: من المحتم لنسخة من الإنجيل مكتوبة باللغة الآرامية - أي بلغة النبي عيسى - ومكتشفة في تركيا أن تضيف المزيد إلى جدل حام وسط الدوائر المعنية بالديانات السماوية حول نبوءة النبي عيسى وبأن نبيًا سيأتي من بعده اسمه محمد.

فعلى الفور صدر رد فعل من الفاتيكان تمثل في ما يُقال عن أن البابا بنديكتس السادس عشر أبدى شخصيًا رغبته في رؤية المخطوط، الذي يقال إن تاريخه يعود إلى 1500 سنة، وإنه في الواقع laquo;إنجيل برناباraquo; الأصلي.

ما هو؟

تُعرّف موسوعة laquo;ويكيبيدياraquo; الحرّة laquo;إنجيل برناباraquo; هذا على أنه laquo;لم يجد اعتراف الطوائف المسيحية لكونه اعتبر أن المسيح بشَّرَ برسول من بعده، وأن المسيح (عيسى) مجرّد رسول من الله (وليس ابنه).

ويعتقد البعض أنه كُتِب في القرن الخامس عشر على يد راهب كاثوليكي ارتد عن المسيحية، ولذا فإن المسيحيين يقولون إن هذا الانجيل يتعارض مع المبادئ المسيحية والدينية والتاريخيةraquo;. ووفقا للموسوعة نفسها، فقد وُجدت له مخطوطتان: الأقدم باللغة الإيطالية، والأخرى بإحدى لهجات إسبانيا، يعود تاريخ النسخة الموجودة منها إلى القرن الثامن عشر.

أنقرة: نسخة أصلية للإنجيل

تبعًا لصحيفة laquo;ديلي ميلraquo; البريطانية (التي نقلت أجزاء مجتزأة من صحيفة laquo;زمانraquo; التركية) فقد ظلت أنقرة تتكتم - على مدى السنوات الـ12 الماضية على حيازتها المخطوط المكتوب بأحرف مذهبة على رقائق من الجلد، واحتوى على تعاليم المسيح المبكرة، التي يرد فيها حديثه عن نبي يأتي من بعده.

وقالت إن الشرطة التركية عثرت على هذا المخطوط خلال عملية لمكافحة التهريب في العام 2000، وإن السلطات الأمنية ظلت تتكتم عليه منذ ذلك الحين إلى حين سلّمته في 2010 إلى متحف أنقرة للإثنوغرافيا.

وتعتزم إدارة هذا المتحف عرضه على الجمهور، ما إن تكتمل أعمال صيانته. وأضافت أن قيمة نسخة مصوّرة photocopy لصفحة واحدة من هذا المخطوط تقدر بنحو 1.5 مليون جنيه (2.4 مليون دولار).

الترجمة العربية لإنجيل برنابا

ونقلت الصحيفة عن وزير الثقافة التركية أرتوغرول غوناي قوله إن المخطوط laquo;ربما كان نسخة أصلية من الكتاب المقدس، سعت الدوائر المسيحية إلى حجبه بسبب المتوازيات القوية العديدة بينه وبين التصوير الإسلامي للنبي عيسىraquo; (لكونه بشرًا رسولاً).

ونقلت قوله أيضًا إن الفاتيكان تقدم بطلب رسمي لرؤية المخطوط، الذي يقال إنه يحتوي على عبارة على لسان النبي عيسى كالآتي: laquo;ما اسم المسيح؟، محمد هو الاسم المباركraquo;.

وجهة نظر عربية

من جهتها حاورت laquo;إيلافraquo; الباحث والصحافي اللبناني كمال قبيسي المهتم بهذا الموضوع منذ زمن طويل، فقال عبر الهاتف من لندن إن ثمة مخطوطات عدة تغرف من هذا النبع، ولكن لم تثبت صحتها. لذلك أهمل علماء المسلمين laquo;إنجيل برناباraquo; منذ أن إطلعوا على ترجمته العربية، التي صدرت قبل 100 عام، خصوصًا أنهم وجدوه محتويًا على تناقضات مهمة مع القرآن.

وأشار إلى أن اللبناني الدكتور خليل سعادة ترجم هذا الإنجيل من الانكليزية في 1908 حين كان مقيمًا في القاهرة قبل هجرته إلى البرازيل. وقال إن محتوياته laquo;لو كانت ملائمة للإسلام لتمسك بها علماء الدين الحنيف كحجة تثبت بشارة الإنجيل بنبوة محمد.

إلا أن إنجيل برنابا يعترف بنبوة محمد من جهة، ثم يتناقض مع القرآن من جهة ثانية، لذلك يصعب اعتماد اعترافه بنبوة خاتم الأنبياء كحجة من خارج القرآنraquo;، بحسب تعبير قبيسي.

وبين الأشياء التي تتصادم مع القرآن، مما ذكره هذا الباحث، أن النبي عيسى يسمِّي النبي الآتي من بعده laquo;محمد المسيحraquo;. ويشير إلى أن مقولة إن إنجيل برنابا كتب قبل 1500 سنة غير واردة، لأن الإسلام (الذي ظهر بعد ذلك بثمانية قرون) لا يذكر نبوءة عيسى بمحمد، سواء في القرآن أو الحديث.

ويضيف أنه بمجرد الرجوع إلى الترجمة العربية لإنجيل برنابا - وهي من 325 صفحة في 231 فصلاً - يعثر القارئ على عدد كبير من التناقضات مع القرآن، ومن بينها الآتي على سبيل المثال، وليس الحصر:

* إن المسيح قال لكهنة اليهود وللسامريين إنه ليس laquo;المسياraquo; (المسيح)، بل laquo;المسيا هو محمد الذي سيأتي بعديraquo;... أي إنه لا يوجد مسيح كما ورد في القرآن، والمسيح هو النبي محمد نفسه.

* يذكر أن الله خلق9 سماوات وعاشرها الفردوس، بينما هي سبع في القرآن.

* ولدت مريم العذراء المسيح من دون ألم، بينما يروي القرآن أنها شعرت بالمخاض الذي ترافقه الآلام عادة.

* إن ثلاثة جيوش كانت موجودة في زمن المسيح في فلسطين القديمة، في كل منها 200 ألف جندي، علمًا أنه لم يكن عدد سكان فلسطين كلها 200 ألف نسمة قبل 2000 عام. وهذا إضافة إلى أن الرومان كانوا يحتلونها، ومن المستحيل عليهم السماح بتكوين جيش غير الجيش الروماني.

يخلص قبيسي إلى أن دراسات كثيرة تصنّف إنجيل برنابا على أنه laquo;هرطقة من يهودي عاش في أوروبا في العصور الوسطى، في إيطاليا أو إسبانيا بشكل خاص، وكان على شيء من الإطلاع على القرآن وأناجيل المسيحية الأربعة، فكتب خالطًا الحابل بالنابل، ولا أحد يعرف ماهية نواياهraquo;.

ويضيف أن العصابة، التي ضبطت مع أفرادها المخطوطات وهي تقوم بتهريبها laquo;سعت على الأرجح إلى الربح المادي من وراء الأمر كله. وهذا شيء يتفق مع الرواية القائلة إن هذا الإنجيل صودر في عملية الشرطة التركية المكافحة للتهريبraquo;.