أشرف أبوجلالة من القاهرة: في وقت لا تزال تتواصل فيه الهجمات، التي تشنها القوات الموالية للرئيس السوري، بشار الأسد، وارتفاع أعداد القتلى حتى الآن، لتقدر بالآلاف، فضلاً عن الصور التي تبثها مختلف وسائل الإعلام للجرحى والمصابين وآثار الخراب والدمار الواضحة، تواجه المعارضة السورية معركة صعبة في جهودها لكسب تأييد من صناع القرار الأميركيين.

في هذا الصدد، أشارت اليوم مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى وجود عدد كبير من السوريين، الذين يدعمون قضية المعارضة السورية في الولايات المتحدة، بمن فيهم العديد من الناشطين اللامعين الذين لديهم سجل حافل من التحريض ضد بشار الأسد. ومن بينهم المنشق الشهير رضوان زيادة، مدير مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان.

مع هذا، فإن المجلس الوطني السوري، الذي تم تشكيله للتعبير عن المعارضة في شهر آب/ أغسطس الماضي، لا يزال يفتقر مكتبًا تمثيليًا مكتملاً الأركان في العاصمة الأميركية. وما زال ينتظر الحصول على إذن من وزارة العدل، التي تقوم بتسجيل كل الكيانات الأجنبية التي تعتزم الدخول في تحالفات مع الحكومة الأميركية.

وحين كان يتوافد أعضاء المجلس على واشنطن لإجراء مناقشات مع المسؤولين الأميركيين، فإنهم كانوا يستخدمون مكتب زيادة كمقر لهم. وهنا، تابعت المجلة حديثها بالقول إن جزءًا من المشكلة بالطبع يكمن في الخلل البارز، الذي يعانيه المجلس نفسه. فكثير من قادته يعيشون في المنفى منذ فترة طويلة، وغالباً ما تم انتقادهم لانغماسهم في عداءات لا جدوى لها في أماكن مثل باريس وإسطنبول، بينما يواجه الشعب السوري بطش القوات السورية بكل صوره وأشكاله. فضلاً عن التنوع الذي تشهده البلاد، التي يوجد فيها عدد كبير من الاختلافات الإقليمية والطائفية.

ورغم ذلك، أوضحت المجلة أن هذا كله قد يتغير في المستقبل. وقد حصل المجلس الوطني الانتقالي على بعض الدعم خلال مؤتمر quot;أصدقاء سورياquot;، الذي نُظّم أخيرًا في تونس. واعترف الدبلوماسيون بالمجلس، باعتباره quot;ممثلاً شرعيًاquot; للشعب السوري، وهي الصيغة التي لا تزال تفتقر الاعتراف بالمجلس الوطني السوري، باعتباره حكومة مكتملة في المنفى. وهي خطوة تلهم الآمال، لكنها فشلت في سدّ فجوة المصداقية، التي يعانيها المجلس الوطني الانتقالي.

ومضت المجلة تؤكد في هذا السياق على ضرورة أن تقف واشنطن إلى جانب المعارضة، إن كان لها أن تنجح. ثم انتقلت لتتحدث عن الجهود التي بدأت تبذلها بالفعل بعض الدول العربية في ما يتعلق بتزويد جيش سوريا الحر بالسلاح اللازم لمواجهة ومقاومة قوات الأسد الباطشة.

ولفتت إلى التصريحات التي أدلى بها في مطلع الشهر الماضي الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقال فيها: quot;يتوجب على الأسد الآن وقف حملته التي يمارس فيها القتل وارتكاب الجرائم بحق شعبه. ويتعين عليه أن يتنحّى، وأن يسمح ببدء مرحلة انتقالية ديمقراطية على الفورquot;. وإن رفض الذهاب، بالقول، إلى ما هو أبعد من ذلك.

كما تحدثت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، عن تخوفها من احتمالية وصول الأسلحة، التي ترسل إلى المعارضة السورية، إلى القاعدة. ولعدم حصول المجلس الوطني الانتقالي على تمثيل مناسب في واشنطن، فقد وقع عبء الجهود التي تبذلها المعارضة بغية وضع سياسة خاصة بها على كاهل جماعة، يطلق عليها المجلس السوري الأميركي، الذي تم تشكيله عام 2005، من أجل الترويج لتطور الديمقراطية في سوريا.

وقال محمود خطاب، مدير المجلس السوري الأميركي، إنهم أجروا العديد من المحادثات مع مسؤولين أميركيين خلال الأسابيع الأخيرة. وعن فكرة quot;الملاذ الآمنquot;، الذي يمكن أن تمنحه واشنطن للمعارضة السورية، قال خطاب: quot;لم أسمع حتى الآن عن خطة واضحة من جانب الولايات المتحدة بشأن ما يعتزمون فعله في هذا الشأنquot;.

وواصلت فورين بوليسي حديثها بالتشديد على ضرورة أن يتم تذليل العقبات أمام المعارضة السورية في الولايات المتحدة، رغم أنه من المفهوم أن الولايات المتحدة مترددة بشأن التدخل بصورة مباشرة في ما تشهده سوريا من تغييرات وتطورات متلاحقة.

ومضت المجلة تبرز الاختلافات، التي تُصَعِّب من تكرار سيناريو التدخل الغربي في سوريا، على غرار ما سبق أن شهدته ليبيا خلال مساعي الثوار هناك إلى التخلص من نظام العقيد الراحل معمّر القذافي. وهناك ترقب الآن لما يمكن أن يقدمه المجتمع الدولي من مساعدات.