في ما يبدو أنه بداية حملة لتسليح المعارضة السورية، برزت ثلاثة مواقف تعزز هذه الفكرة، ففيما أعلن رئيس وزراء قطر أن حكومته تعتزم أن تساعد المعارضة بكل الوسائل، وقدم الليبيوندعماً للسوريين، جاء الموقف الثالث بقرار المجلس الوطني تشكيل مجلس عسكري.


أعلن رئيس وزراء قطر يوم الاثنين الماضي أن حكومته تعتزم أن تساعد المعارضة السورية quot;بكل الوسائلquot; مشيراً إلى أن ذلك يشمل مدّها بالسلاح. وبعد يومين، تلقى مسؤولون في المعارضة عرضاً من أشقائهم الليبيين في السلاح الذين تبرعوا بمئة مليون دولار. ومن المستبعد أن يأتي تزامن هذين الموقفين مصادفة في ضوء الثورة الليبية.

وجاء الموقف الثالث في ما يبدو أنه بداية حملة لتسليح الانتفاضة يوم الخميس بقرار المجلس الوطني السوري الذي حرص في السابق على الابتعاد عن استخدام السلاح، تشكيل مجلس عسكري قال إنه سيكون مسؤولا عن متابعة شؤون المقاومة المسلحة وتنظيم صفوفها ودراسة احتياجاتها وإدارة تمويلها وعملياتها.

ورجّح مراقبون أن المجلس الوطني السوري ببعده العسكري الجديد لن يعاني شحة في الإمدادات وأن ليبيا ليست إلا قناة لإيصال المئة مليون دولار بقسط من التمويل القطري على أقل تقدير لمساعدة المعارضة.

وسارع المجلس الانتقالي الليبي الى التشديد على ان التبرعات التي يرسلها انما هي مساعدات انسانية هناك حاجة ماسة اليها في المناطق الغربية من سوريا التي تتحمل العبء الأكبر من بطش النظام. ولا تتحرج الحكومة الليبية الفتية بشأن مصدر هذه الأموال وحين سُئل ناطق باسمها كيف يمكن لدولة ما زالت تواجه وضعا مضطربا في الداخل ان تتحمل مثل هذا السخاء أجاب ببساطة quot;ان ذلك لن يكون مشكلةquot;.

ومن الواضح ان تصريحات قطر وإعلان السعودية قبلها بأن تسليح الثوار السوريين سيكون quot;فكرة ممتازةquot; يدشن واقعاً جديداً بعدما تبخرت الآمال بحل الأزمة السورية عن طريق الحوار.

ومنذ الأيام الاولى للانتفاضة الليبية ضد العقيد معمر القذافي، قدمت قطر أسلحة الى الثوار الليبيين أكثر مما قدمته أي دولة أخرى. وطوال النزاع الليبي، كانت طائرات شحن عملاقة قطرية تنقل السلاح الى مطار جربا في تونس على مرأى من الجميع.

وارسل القطريون مقاتلات لضرب دروع القذافي وقوات خاصة لتدريب الثوار. وأقاموا غرفة عمليات في الدوحة حيث استضافوا أكبر المنشقين عن النظام الليبي وقياديين من الثوار كانوا يمدّونهم بالمال والتوجيه، بحسب صحيفة الغارديان.

وحين اندلعت الانتفاضة السورية العام الماضي تقدمت قطر مرة أخرى الى موقع الصدارة، وكانت صاحبة المبادرة في قرار الجامعة العربية تعليق عضوية دمشق والصوت الأعلى في نقد الرئيس بشار الأسد الذي حاول أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مدّ جسور معه في البداية.

وكما في حالة ليبيا، فإن أجندة قطر تبقى quot;غير واضحةquot;، على حدّ وصف صحيفة الغارديان مشيرة الى ان تغيير موقف الدّوحة اتخذ طريقا متعرجا في البداية، بفك الارتباط تدريجيا ثم ممارسة دبلوماسية حازمة على نحو متزايد عبر قنوات سرية مراعية على طول الخط أصول الطريقة العربية في التعامل بتفادي الإهانة أو المواجهة المباشرة.

ولكن قطر أنهت الطريقة السابقة في التعامل واعلن رئيس وزرائها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني عمل كل ما يلزم لمساعدة الثوار السوريين quot;بما في ذلك مدّهم بالسلاح للدفاع عن أنفسهمquot;. وأشار الشيخ حمد الى أن الانتفاضة السورية مستمرة منذ عام وكانت لمدة 10 أشهر سلمية لم يحمل أحد فيها السلاح ولم يفعل أحد شيئا، quot;واستمر بشار في قتلهمquot;. وأكد الشيخ حمد أن من حق الثوار أن يدافعوا عن أنفسهم بأسلحة ويتعين مساعدتهم quot;بكل الوسائلquot;.

وبعد الدعوة الى اعتماد الطرق السياسية ورفض التدخل في السابق، بدأ المجلس الوطني السوري ايضا يتكلم بلغة مختلفة. وقال رئيس المجلس برهان غليون ان المجلس يريد تنظيم اولئك الذين يحملون السلاح اليوم مؤكدا ان اي اسلحة تدخل سوريا ستكون بإشراف المجلس.

واعاد غليون التذكير بأن الثورة بدأت سلمية وحافظت على طابعها السلمي طيلة اشهر ولكن الواقع مختلف اليوم. واضاف ان بعض الدول اعربت عن رغبتها في تسليح الثوار وان المجلس الوطني السوري سيكون حلقة الوصل بين من يريدون المساعدة والثوار.

وما لا شك فيه ايضا ان النزاع السوري دخل مرحلة جديدة ستتقدم فيها دول لتحل محل مهربي السلاح وتجاره في السوق السوداء لمساعدة المعارضة. وتثير هذه الانعطافة قلق الولايات المتحدة وحلف الأطلسي اللذين استبعدا التدخل المباشر في حرب يبدو ان لا أحد يريدها وغالبية الدول الكبرى تخشاها.