لندن: يقدم هجوم بشار الأسد الكاسح على المدنيين المحاصرين في مدينة حمص يوم الخميس إجابة عن تساؤلات بشأن حقيقة خوفه من التهديدات الدولية باتهامه بارتكاب جرائم حرب. ويبدو أنه ليس قلقا من هذه الناحية.

ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن الخبير بالشؤون السورية في جامعة أوكلاهوما الأميركية جوشوا لانديس أن الأسد يعرف انه إذا هُزم في صراعه من أجل البقاء سيكون في حكم المنتهي وبالتالي فان بعض التهديدات بامكانية توجيه تهم دولية في وقت ما في المستقبل ليست همه الأول في الوقت الحاضر. واضاف لانديس ان الأسد يعرف ايضا انه يستطيع الاعتماد على دعم روسيا والصين لبعض القوت على الأقل لأنهما ما زالتا على اقتناع بإمكانية بقائه.

ويأتي هجوم النظام على معاقل الثوار في حمص وخاصة في حي بابا عمرو بعدأيام على الإدانات الدولية في محافل مهمة لارتكابات الأسد ضد شعبه. ففي الأسبوع الماضي أشار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان الى ان الأسد يصل نقطة اللاعودة عن اتهامه بارتكاب جرائم حرب. وفي يوم الثلاثاء قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن تعريف مجرم الحرب يصح على الأسد.

ولكن حتى في وقت الهجوم على حي بابا عمرو الذي قال الثوار إنهم انسحبوا منه ولم يبق فيه إلا 4000 مدني لا حول لهم ولا قوة، تمكن الأسد من المضي قدما بحملته مطمئنا الى الحماية التي تتوفر له من دول مهمة. وفي مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان صدر قرار ادانته بتصويت 37 دولة ومعارضة 3 دول هي روسيا والصين وكوبا.

وكان التصويت تذكيرا بالفيتو الروسي والصيني في مناسبتين سابقتين في مجلس الأمن الدولي، احداهما في شباط/فبراير وقبلها في تشرين الأول/اكتوبر. وتوقع وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية خالد العطية بعد فيتو شباط/فبراير ان يعتبره الأسد quot;رخصة للقتلquot;. وحين اشتد الهجوم على حمص قال العطية quot;ان هذا على وجه التحديد ما كنا نخشاهquot;.

وكانت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي اتهمت مرارا قادة سوريين quot;على اعلى المستوياتquot; بارتكاب جرائم ضد الانسانية ودعت الى احالة النظام السوري على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ولكن القوى الدولية امتنعت حتى الآن عن اتخاذ هذه الخطوة كما يتضح من قرار مجلس حقوق الانسان quot;الادانة بلا إحالةquot;.

وقالت كلينتون في إفادة أمام إحدى لجان الكونغرس قبل أيام إن الخبرة التاريخية تبين أن اعلان قادة مجرمي حرب يمكن ان يدفعهم الى التعنت والمضي حتى النهاية باجراءاتهم القمعية. واضافت ان توجيه التهمة quot;يحدد الخيارات لاقناع القادة بالتنحيquot;.

ويرى الباحث لانديس ان الأسد محكوم عليه بالفشل في محاولته البقاء ولكن ليس بسبب التهديد بإحالته الى القضاء الدولي بل لأن النظام سينهار في النهاية بسبب الدعم الدولي للمعارضة السورية التي تزداد قوة وتنظيما، وخاصة دعم دول اسلامية غنية لها.

وفي هذا السياق من المرجح ان يستمر الروس والصينيون والايرانيون لبعض الوقت في دعم الأسد والحيلولة دون انطلاق تحرك دولي ذي معنى ضده، لا لأنهم يريدون ان يبدوا وكأنهم يدعمون حاكما مستبدا يقتل شعبه بل لأنهم يواجهون فقدان نفوذهم ورحيل نظام ارتبط هذا النفوذ بوجوده وليس حبا به.

ونقلت صحيفة كريستيتان ساينس مونتر عن الباحث لانديس ان الروس لا يريدون ان يبدوا وكأنهم يعارضون مساعدة المدنيين السوريين معارضة تامة.