لندن: كانت إسرائيل حتى الآونة الأخيرة تتحرك بعيدا عن مركز الجهود الدولية لوقف برنامج إيران النووي. وكان القادة الإسرائيليون يعرفون ان من الأفضل ان يتركوا للآخرين قيادة الحملة ضد طموحات إيران النووية بالطرق الدبلوماسية والعقوبات.

وما عدا ضلوع إسرائيل في اعمال تخريب وعمليات سرية فان قيامها بدور ثانوي في التحرك الدولي بدا موقفا معقولا لأن تأطير قضية البرنامج النووي الإيراني على انها مواجهة بين إسرائيل وإيران كان من شأنه أن يُضعف الاجماع الدولي، وما لا يقل اهمية عن ذلك ان يلفت النظر الى قدرات إسرائيل النووية ذاتها.

ولكن هذا كله تغير في الأشهر الماضية. وحين يجلس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين للتباحث مع الرئيس الاميركي باراك اوباما في واشنطن بشأن الملف الإيراني فانه سيواجه مشهدا استراتيجيا جديدا.

ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر تكفل سيل من التقارير والتسريبات عن عمليات إسرائيلية تستهدف منشآت إيران النووية، بدفع إسرائيل الى وسط الحلبة بعدما كانت تتحرك بعيدة عن الأضواء، والى موقع متقدم على حلفائها الغربيين أنفسهم. ولم يسبق ان كانت حكومة إسرائيلية مكشوفة وعلى هذا القدر من العزلة إزاء الملف النووي الإيراني.

ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن اميلي لانداو الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في تل ابيب quot;ان إسرائيل وضعت نفسها في الصدارة، وان المجتمع الدولي سمح بحدوث ذلك، وفجأة يجري تأطير هذا على انه مشكلة بين إسرائيل وإيران، ولكنها ينبغي ألا تكون ذلك فهي قضية للمجتمع الدوليquot;.

وتتقدم إسرائيل على الدول الأخرى الآن حتى انها اصبحت هدف ضغوط دبلوماسية شديدة. وتلقت إسرائيل مؤخرا تحذيرات بألا تهاجم إيران من الولايات المتحدة والمانيا وفرنسا وبريطانيا، وهي دول تعتبر عادة أقوى حلفائها. ولاحظت الباحثة لانداو ان القضية في مجملها تدور الآن حول جهود الولايات المتحدة quot;للجم إسرائيل بدلا من لجم إيرانquot;.

ويرى مراقبون ان نتنياهو وحكومته يتحملان مسؤولية المأزق الذي وقعا فيه. فالقادة الإسرائيليون وليس شركاؤهم في واشنطن هو الذين دأبوا على التلويح بتوجيه ضربة عسكرية إسرائيلية الى إيران.

ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بالكاد كان يمر اسبوع من دون تسريب تحذيري أو تعليق بلغة التهديد والوعيد. وإذا كان صحيحا ان هذه التحذيرات حثت الغرب على ابداء قدر اكبر من الاهتمام بالقضية وحملت إيران على التفكير في العواقب وربما اسهمت في تشديد العقوبات ضدها فان هذه المكاسب تحققت بثمن.

وما يزيد مخاوف إسرائيل واحباطاتها بشأن إيران ادراكها بأن الجبهة التي نشأت ضد إيران أخذت تتفكك. وحين تنظر إسرائيل الى الذين يقفون وراءها ترى مجموعة حلفاء يتحركون باجراءات غير مجدية وبعد فوات الأوان. وعندما تنظر الولايات المتحدة والاوروبيون الى إسرائيل التي تتقدمهم في التحرك يرون حكومة عازمة على التصعيد ومستعدة لدفع المنطقة الى حرب في وقت ما زال الحل الدبلوماسي ممكنا.

ويقول مسؤولون إسرائيليون ان هذا الاختلاف ينال من مصداقية الخيار العسكري ويقنع إيران بأنها لا تواجه خطرا داهما. ويذهب المسؤولون الإسرائيليون الى ان من الضروري وضع إيران في موقف تخاوف معه من خطر هجوم تشنه القوات الاميركية نفسها أو ضربة عسكرية إسرائيلية تحظى بدعم ضمني من واشنطن. وكلا السيناريوهين تقوضهما التوترات الحالية بين إسرائيل وحلفائها الغربيين.

وليس هناك حل ظاهر لمأزق إسرائيل لأن الخلافات خلافات حقيقية في نظرة إسرائيل وحلفائها الى التهديد الإيراني. وان وضعا يبقى محتملا بنظر الولايات المتحدة في شكل برنامج إيراني لا يذهب الى حد انتاج سلاح نووي، قد لا يكون مقبولا بنظر إسرائيل.

وهذه الفجوة في الموقفين ستكون في صلب محادثات نتنياهو في واشنطن. ولكن ردمها قد يتطلب تغييرا جذريا في الموقف لا إسرائيل ولا شركاؤها الغربيون مستعدون لاجرائه في الوقت الحاضر.