القاعة الرئيسة التي ستحتضن القمة العربيّة في بغداد |
بعد يومين من انفصالها عن المجلس الأعلى الإسلامي برئاسة عمار الحكيم، أعلنت قيادات وعناصر في منظمة بدر برئاسة وزير النقل هادي العامري انشقاقها عنها والتحاقها بالمجلس وبشكل سيؤثرفي خططها في تنشيط فعالياتها في المحافظات العراقية، فيما بدأت القوات العراقية إجراءات أمنية في العاصمة بغداد بمشاركة مائة ألف عسكري بدأت السلطات بنقلهم اليها من محافظات مجاورة استعدادا للقمة العربية التي تعقد في 29 من الشهر الحالي.
بعد يومين من إعلان منظمة بدر برئاسة العامري والمجلس الاعلى الاسلامي برئاسة الحكيم عن انفصالهما في كيانين مستقلين اثر خلافات سياسية استمرت اكثر من عام، فقد بدأت المنظمة تواجه حركة انشقاقات واسعة لقيادييها وعناصرها وانضمامهم الى المجلس.
فقد بدأت مجموعات من العناصر المنتمية إلى بدر بعقد مؤتمرات صحافية أو إصدار بيانات تؤكد فيها تمسّكها بالمجلس الأعلى وقيادة الحكيم وانتقادها السياسات التي تتبعها المنظمة. وأعلنت مجموعات من عناصر المنظمة في البصرة والعمارة والناصرية والديوانية وبابل وكربلاء والنجف إضافة الى بغداد، استقالاتها من المنظمة والتحاقها بالمجلس الاعلى.
وقال المنشقون عن بدر في بيان وزّع على الصحافيين خلال مؤتمر صحافي quot;إن قلة لاتمثل إلا نفسها سعت إلى الانفصال عن تيار شهيد المحراب (الممثل للمجلس الاعلى) وقيادة السيد عمار الحكيم ورغم النداءات العديدة التي توجه بها البدريون في عموم العراق للتراجع عن هذا الأمر لكنها لم تجد منهم استجابة واعية ومدركة يتم فيها تغليب المصلحة العامة للتيار على مصالحهم الخاصة وطموحاتهمquot;.
وأضافوا quot;ومن أجل حفظ وتماسك وقوة واتحاد تيار شهيد المحراب تحت قيادة واحدة قررنا رفض الانفصال لأن الانفصاليين لايمثلون البدريين ولا يمثلون الا انفسهمquot;.. وأكدوا بقاءهم مع quot;القيادة الحكيمةquot; الممثلة بالحكيم التي أشاروا إلى أنّها quot;تعتبر الامتداد الحقيقي لرمزية وقيادة آل الحكيم واننا رهن إشارته وتوجيهاته خدمة لشعبنا ووطناquot; بحسب بيانهم.
يذكر ان المجلس الأعلى الإسلامي يمثل القيادة السياسية العليا لتيار شهيد المحراب الذي يضم في تشكيلته المجلس الأعلى الإسلامي بقيادة عمار الحكيم ومنظمة بدر بقيادة هادي العامري وحركة سيد الشهداء وحزب الله والعدالة.. وللتيار 18 نائبا في مجلس النواب من مجموع أعضائه البالغ 325 نائبا.
وكانت منظمة بدر والمجلس الأعلى أعلنا الاحد الماضي انفصالهما في تنظيمين مستقلين بعد حوالى العام من الخلافات السياسية. وابلغت مصادر عراقية تتابع العلاقة بين الطرفين quot;ايلافquot; ان هذه الانشقاقات التي تتعرض لها منظمة بدر ستقوّض كثيرا من خطط تعدّ لها لتنشيط فعالياتها السياسية والتثقيفية في المحافظات العراقي الجنوبية بشكل خاص وفي العاصمة بغداد ايضا فيما ستطلق نشاط المجلس الاعلى الى فضاءات ارحب كانت مقيّدة بسياسات بدر خاصة في ما يتعلق بولاية الفقيه في ايران والعلاقات مع القوى السياسية العراقية الاخرى.
وأشارت إلى أنّه فيما يؤمن العامري رئيس بدر بولاية الفقيه في ايران، فإن الحكيم من المؤمنين بالمرجعية الشيعية الاعلى في العراق السيد علي السيستاني التي لاتحبذ ولاية الفقيه. وأضافت أن الخلافات بين منظمة بدر التي تأسست في ايران عام 1980 وبين المجلس الاعلى قد بدأت بعد ظهور نتائج الانتخابات العامة التي جرت في البلاد أوائل عام 2010. فقد اتخذ العامري مواقف مخالفة للحكيم والمجلس الاعلى من تشكيل الحكومة الحالية التي أعلنت أواخر ذلك العام حيث انحاز الى رئيس الوزراء نوري المالكي الذي لم يكن المجلس الاعلى يفضل ترشيحه لولاية ثانية مفضلا عليه القيادي في المجلس نائب رئيس الجمهورية السابق عادل عبد المهدي.
وقد كافأ المالكي العامري على موقفه هذا، وأناط به حقيبة النقل خلافا لتوجهات المجلس الاعلى الذي كان مفترضا أن يرشح هو قياديين فيه للمناصب الوزارية في الحكومة. وطوال هذه الفترة، ظلّ التجاذب بين منظمة بدر والمجلس الاعلى واضحا في العديد من المواقف حول التطورات السياسية على الساحة العراقية حتى توصلا الى إعلان انفصالهما الذي يتوقع ان يدفع بالحكيم نحو انفتاح أوسع على القوى السياسية كان مقيّدا بسياسات قيادة بدر ومواقفها خاصة في ما يخص العلاقة مع ايران التي يعتبر العامري واحدا من أكبر مؤيدي سياساتها ووجودها المتنامي في العراق.
وتعرف موسوعة ويكيبيديا منظمة بدر بأنها quot;منظمة شيعية عراقية مسلحة تأسست نهاية عام 1980 من قبل المعارض الشيعي العظمى محمد باقر الحكيم وكان تشكيل فيلق بدر هي فكرة المرجع الشيعي الزعيم الإيراني الراحل آية الله الخميني. وهي الجناح العسكري للمعارضة الإسلامية الشيعية إبان نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وقد اتخذت من إيران ملاذا لها بعد حملة تصفيات واغتيالات لاحقت كوادرها المتقدمة في العراق حسب أوامر شخصية صدرت من صدام نفسه اعطت الضوء الاخضر لتصفية الجناح السياسي لها في العراق.
ومن ابرز مؤسسي فيلق بدر محمد باقر الحكيم. ويتألف الفيلق من جنود منشقين عن الجيش العراقي السابق وقادة وضباط سابقين ومعارضين لنظام صدام حسين وقد هربوا من العراق ولجأوا إلى سوريا وايرانquot; قبل ان يعودوا الى بلدهم بعد سقوط نظامه السابق عام 2003 ليعلنوا بعد ذلك تحولهم من منظمة عسكرية مسلحة الى منظمة للاعمار والتنمية.
وفي هذا الاطار، أشار الحكيم في تصريحات سابقة إلى أنّ منظمة بدر لم تعد تشكيلا مسلحا وانما quot;منظمة بدر للاعمار والتنميةquot; بعد ان كانت فيلقا عسكريا يقابل النظام البائد وعندما سقط النظام تحول الفيلق إلى منظمة للإعمار والتنمية ومنظمة سياسية لان هدفها العسكري انتهى بسقوط النظام.
إجراءات استباقية لأمن القمة العربية بمشاركة 100 الف عسكري
شعار القمة العربية في بغداد |
إلى ذلك، باشرت القوات العراقية إجراءات مبكرة لتوفير أجواء أمنية مناسبة لانعقاد القمة العربية الثالثة والعشرين في بغداد في ال29 من الشهر الحالي حيث يتم حاليا نقل وحدات عسكرية من محافظات قريبة الى العاصمة للمشاركة في هذه الاجراءات التي سيساهم فيها حوالى 100 الف عسكري.
وتشير مصادر عراقية إلى أنّ حماية السماء العراقية خلال انعقاد القمة قد تكلف بها القوات الاميركية استنادا إلى الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين نهاية عام 2008 لمراقبة تحركات الجماعات المسلحة على الأرض للحد من عمليات قصف بالصواريخ قد تحدث خلال وجود الزعماء العرب داخل المنطقة الخضراء التي تتعرض لمثل هذا القصف بين فترة واخرى.
وقال عادل برواري مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي في تصريح صحافي انه نظرا لعدم امتلاك القوات العراقية طائرات مقاتلة فسيجري الاعتماد على مروحيات طيران الجيش العراقي لمراقبة تحركات المسلحين على الأرض مع إمكانية طلب مساعدة أميركية متى ما اقتضت الحاجة لذلك.
ومن جهته، قال الفريق الركن حسن البيضاني رئيس اركان قيادة عمليات بغداد ان تنظيم القاعدة يعمل جاهدا من أجل أن يخلق نوعا من البلبلة ويحاول التصعيد والاثارة الاعلامية حول تنفيذ هجمات خلال انعقاد القمة. وأشار الى اتخاذ سلسلة من الاجراءات الامنية المشددة بينها غلق الاجواء العراقية بالكامل في ال29 من الشهر الحالي في يوم وصول الزعماء العرب مؤكدا أن الأجواء العراقية ستكون مفتوحة فقط لطائرات الوفود العربية الاثنتين والعشرين المشاركة في القمة. وأشار الى نشر عناصر استخبارات في جميع قطاعات بغداد.
وكانت قيادة quot;عمليات بغدادquot; قد أجرت مؤخرا ممارسات وتدريبات بحضور سفراء الدول العربية بهدف طمأنة الدول المشاركة وعرض الإجراءات الأمنية المتّبعة لتأمين انعقاد القمة والمشاركين فيها. واليوم أكد رئيس أركان قيادة عمليات بغداد الفريق الركن حسن البيضاني أنه لم يتم حتى الآن اتخاذ أي قرار بفرض حظر للتجوال في العاصمة بغداد خلال القمة العربية معتبرا أن هذا الأمر مرهون بالظروف التي ستترتب عنها.
لكنّه أوضح أن فرض هذا الحظر أمر وارد وفي حال اقتضت الضرورة سيكون هناك حظر جزئي للمركبات في بعض مناطق بغداد وليوم واحد فقط. وقال إن حوالى 100 ألف عنصر أمني سينتشرون في بغداد لتأمين متطلبات القمة الأمنية موضحاً في تصريح لوكالة quot;السومرية نيوزquot; أن هناك أكثر من خمس فرق عسكرية عاملة حالياً وأضيف إليها وحدات من المحافظات الوسطى والجنوبية والشمالية لتعزيز الواقع الأمني. ولفت إلى أن quot;الأيام الماضية شهدت تنفيذ عمليات استباقية ضد الجماعات الإرهابية وقد تم إلقاء القبض على عدد من عناصرها بينهم قيادي في تنظيم القاعدة أثناء محاولته الدخول إلى بغداد لتنفيذ عمليات خلال انعقاد القمة.
ومن جانبه، قال مدير مركز الدفاع المدني في بغداد الكرادة الرائد مجيد حميد ان مديرية الدفاع المدني تعد المعني الأول في تنفيذ الخطة الأمنية الخاصة بمهمة تأمين القمة من خلال توزيع مفارز الإطفاء ومفارز الإنقاذ ومركبات الإسعاف في جميع مناطق العاصمة.
يذكر أن العراق استضاف القمة العربية لمرتين الاولى بدورتها التاسعة عام 1978 والتي تقرر خلالها مقاطعة الشركات والمؤسسات العاملة في مصر التي تتعامل مباشرة مع إسرائيل وعدم الموافقة على اتفاقية كامب ديفيد.. والثانية بدورتها الـثانية عشرة عام 1990 والتي شهدت خلافات كبيرة بين العراق ودولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة وتبعها احتلال العراق للكويت واندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991.
وكانت القمة العربية الاخيرة التي انعقدت في ليبيا في اذار (مارس) عام 2010 قد اتخذت قرارا بعقد القمة المقبلة في العراق على الرغم من ان البروتوكول المعمول به في الجامعة العربية يقر باستضافة مؤتمرات القمة بحسب الترتيب الابجدي حيث كان من المفترض عقد القمة السابقة في بغداد طبقا لهذه القاعدة الا انها عقدت في مدينة سرت الليبية بسبب المخاوف الامنية في العراق الذي تنازل عن استضافة تلك القمة لليبيا.
التعليقات