الجدل يتواصل حول حقوق المثليين في العالم العربي

على الرغم من أن الاخوان المسلمين وقفوا إلى جانب المسؤولين الأوروبيين حين أصدروا تقريرا حاسما بشأن حقوق الانسان في مصر، إلا أنهم يستثنون حقوق مثليي الجنس.


القاهرة: حين أصدر البرلمان الأوروبي تقريراً حاسماً بشأن سجل حقوق الإنسان في مصر عام 2008، رد نظام مبارك وقتها على ذلك بموجة من الغضب الوطني المحتدم. بينما وقفت جماعة الإخوان المسلمين، من ناحية أخرى، إلى جانب المسؤولين الأوروبيين.

وهو ما جعل مجلة فورين بوليسي الأميركية تقول إن اهتمام تلك الحركات الإسلامية، أو على الأقل الحركات الأكثر انتشاراً، بحقوق الإنسان لم يكن مفاجئاً على وجه الخصوص، حيث أنهم عانوا على مدار سنوات من القمع وظلوا يتأملون فيه طويلاً.

وبالرغم من ذلك، نوهت المجلة إلى أنهم ما زالوا يتعاملون بحذر مع مسألة النسبية الثقافية، من منطلق أن لكل دولة خصوصياتها، وكما هو الحال في مصر، يستثني الإخوان حقوق مثليي الجنس، على حسب ما قاله في هذا الشأن النائب الإخواني حسين إبراهيم.

ثم تحدثت المجلة عن تشابه ذلك الموقف مع ما تشهده تونس الآن من مستجدات، في أعقاب هيمنة حزب النهضة الإسلامي المعتدل على حكومة ما بعد ثورة الياسمين. وقد أثار سمير ديلو، أول وزير لحقوق الإنسان في البلاد، موجة من الغضب بين النشطاء الشهر الماضي بقوله في تصريحات تلفزيونية إن الميول الجنسية ليست حقاً من حقوق الإنسان، ووصفه الشذوذ الجنسي باعتباره انحرافاً يحتاج لعلاج طبي.

ورغم أن تصريحات ديلو التي أدلى بها في هذا الخصوص جاءت مشوشة، كما بدا من معناها، إلا أنها أشارت أيضاً إلى أن الإسلاميين، أو بعضهم على الأقل، بدأ يغير من وجهته. فهو لم يقتبس آيات من الكتاب المقدس الديني، على سبيل المثال، ليندد بالمثلية الجنسية باعتبارها واحدة من أبشع الخطايا المعروفة للبشر ولم يتحدث عن ضرورة إعدام الأشخاص المثليين، كما سبق وفعل الكثير من علماء المسلمين.

غير أن المجلة رأت أن تصريحات ديلو جاءت أيضاً لتثير، دون قصد، تساؤلاً صعباً بالنسبة لمجتمع تونس المميز، وهو إنه إذا كان ينظر الآن إلى المثلية الجنسية على أنها مرض أكثر من كونها خطيئة، فكيف لهم أن يبرروا الاستمرار في تجريمها، من خلال العقوبات التي تصل إلى السجن مدة 3 أعوام بالنسبة للمتورطين بها ؟

ومع أن نقاش quot;المرض مقابل الخطيئةquot; يعتبر نقاشاً مألوفاً إلا أنه عقيم، لكنه يشكل خطوة هامة في بعض الأحيان نحو التكيف مع الواقع ndash; ويعتبر محاولة لإيجاد أرضية وسط بين الرفض الأخلاقي للمثلية الجنسية وبين تقبلها. ثم تحدثت المجلة عن الطريقة التي تتعامل بها الأسر في المجتمعات العربية الآن مع الشواذ، لافتةً إلى أن بعضهم يعاقبونهم ويطردونهم من المنزل، فيما يلجأ آخرون إلى الأطباء. وهي ردود الأفعال التي تحدث انطلاقاً من مسألة الطبقية أو مسألة الأعراف والتقاليد.

وفي الوقت الذي تحظر فيه قانوناً ممارسات الشواذ في معظم البلدان العربية، مضت المجلة تقول إن استمرار إنكار وجود شواذ عرب يعد مسألة متزايدة الصعوبة. وتابعت المجلة بلفتها إلى وجود عدة مواقع إلكترونية ومدونات خاصة المثليين العرب، بالإضافة للمجلة التي صدرت لهم مؤخراً في تونس بعنوان quot;Gaydayquot;.

وأعقبت المجلة بقولها إنه ورغم نشوب موجة الربيع العربي للاعتراض على أنظمة الحكم الاستبدادية، إلا أن إحداث تغيير حقيقي يتطلب توسيع نطاق الصراع وألا يقتصر على الإطاحة بالأنظمة بل مواجهة الاستبداد في المجتمع على نطاق أكبر. ولا بد من كسر الحواجز التي تحول دون النظر بشكل إسلامي في حقوق المثليين. كما أن هناك عقبة أخرى بالنسبة للمستقبل تتمثل في استمرار النظام الأبوي الراسخ. فضلاً عن عدم إمكانية تهميش حقوق مثليي الجنس إلى أجل غير مسمى.