تجاوزت البحرين أصعب أزمة في تاريخها بعد مضي عام على أعنف موجة احتجاجات شهدتها هذه المملكة الصغيرة، المطلة على خليج العرب والفرس معاً، فيما يتطلع أركان الحكم إلى تفعيل لقاءات الحوار الوطني مع المعارضة، وجمع أطراف الأزمة على طاولة واحدة.
مجمع التسوق الأكبر في العاصمة البحرينية، سيتي سنتر |
المنامة:في إحدى الديار التي يقطنها أصحاب المقام العالي، وهم كبار الكبار في المملكة، كانت الأجواء تشير إلى أن البلاد قد تجاوزت العاصفة، لكن الرغبة الكبرى هي في الحوار وإعادة بناء الثقة المشتركة، بين مكونات المجتمع البحريني، حسب ما لمسته quot;إيلافquot; خلال حديث مع أكثر من مسؤول بحريني.
وتقول أجواء الملكية البحرينية، أي أولئك الذين زاروا الكبار وخبروا أحاديث البلاط الملكي، إن البلاد تجاوزت عاصفة احتجاجات فبراير بسلام، مع رغبة حقيقية في تفعيل خطوات الإصلاح السياسي، لكن الأمر بحاجة إلى الوقت، حيث بدأت أقطاب البلاد حواراتها تحت العين الملكية، وينتظر الجميع ما ستفضي إليه تلك الاجتماعات.
وقال الملك حمد آل خليفة في جلسة مغلقة مع صحافيين، حضرتها quot;إيلافquot;، إن quot;الإعلام الغربي ظلم الشيعة كثيراً رغم مواقفهم التاريخية المؤيدة لعروبة البحرين وسيادتهاquot;، ثم أضاف بصوت مليء بالعاطفة:quot; هؤلاء أبنائي، وهذا شعبيquot;.
ولا تزال الطائفة الشيعية تتحدث عن رغبتها في الحصول على حقوق اكثر في المملكة على اعتبارها تمثل الأغلبية، رغم أنها حققت تواجداً كبيراً في الحكومة والبرلمان خلال السنوات الأخيرة. وثبت حكم آل خليفة في وجه عاصفة تظاهرات فبراير، التي كانت تدعو لإسقاط الحكم من قبل متظاهرين شيعة، ولم يعد الحديث مسموعاً عن إسقاط حكم، أو تغيير حاكم.
وعلى الرغم من أن أخطاء تاريخية قد ارتكبت في حق الطائفة الشيعية في البلاد، منذ عقود مضت، إلا أن عاهل البحرين، عرض فتح صفحة جديدة بعد توليه الحكم، الأمر الذي سهل لشخصيات شيعية دخول الحكومة من أوسع الأبواب.
ويقول سعود الريس، وهو محلل سياسي لاذع في صحيفة الحياة اللندنية، إن الإشكالية تكمن في أن quot;القرار ليس بيد فئة دون أخرى. فعلى صعيد المعارضة هناك انقسام كبير بين أطيافها، فالشارع له مطالبه والجمعيات السياسية لها أطماعها، ورغم أن الحكومة تمد يدها من تارة لأخرى إلا أن مؤامة المطالب ما بين أطياف المعارضة تصعب من المهمةquot;.
ويضيف قائلاً :quot;الجانب الأخر (الحكومة) فإشكاليته أنه لا يمسك بأطراف القضية من جوانبها كافة بالمعنى الدقيق، فهو رهينة لأوضاع إقليمية ودولية وجد نفسه محشوراً بينها.الأرجح أن يبقى موضوع البحرين معلقاً بين شد وجذب إلى أن يتضح الموقف السياسي والأمني في سورية، ومن بعدها في ايران، إذ إن هاتين الدولتين في الوقت الحاضر تهيمن قضاياهما على العالم بأسرهquot;.
وما يقال على جنبات الموائد الكبرى، وأحاديث أصحاب المقامات العالية، في المنامة، يشير إلى أن خطوات الإصلاح ماضية قدماً شرط أن لا تصطدم بعقبات جديدة قد تضعها المعارضة في وجه الحكومة.
وينقل مجمع التسوق الأكبر في العاصمة البحرينية، سيتي سنتر، صورة عما وصلت إليه البلاد بعد الأزمة، إذ إن حركة التسوق طبيعية، رغم أنها ليست بتلك الكثافة التي اعتاد عليها أصحاب المحال التجارية في المجمع.
ويتذكر سفيان العتيبي، المهاجر معاجداده قبل عقود إلى الأردن من الجزيرة العربية،كيف شعر بالرعب للمرة الاولىمنذ عمله في البحرين قبل خمس سنوات. يقول عن ذلك اليوم: quot;كنت في المحل وعندما شعرت بحركة غريبة، وعند الثانية ظهراً زاد عدد المتواجدين وفجأة بدا كل شيءquot;.
واقتحم متظاهرون شيعة هذا المجمع الحيوي ضمن تظاهرات فبراير التي أقلقت هذه المملكة الصغيرة ذات الموارد المحدودة.
ويقول سفيان، وهو خليط بشري من رحلات عائلته، فأجداده سعوديون وميلاده كويتي وجوازه أردني، إن quot;الوضع الأن أفضل مماكان عليه بكثير،لكن لاتزال هنالك هجمات أسبوعية على أطراف المنامةquot;.
وتسببت الأزمة في تضرر عدد من المشاريع العقارية، حيث هبطت أسعار الشقق الفارهة، جوار دوار اللؤلؤة إلى أكثر من خمسين في المئة.
ويقول أبو محمد، الذي اختار هذا الاسم للحديث بحرية، إن quot;كل شيء جيد لكن الحركة بطيئة، وهنالك ظلم لبعض الفئات في المجتمع والمنتصر الأكبر هو المرأةquot;. ويضيف باستياء بالغ:quot; كل شيء هنا للمرأة بسبب هذا المجلس الأعلى للمرأةquot;.
التعليقات