لميس فرحات: نوال ولينا، طالبتان جامعيتان، جذبتهما روح التحدي الجماعي، فتحولتا إلى ناشطتين في مغامرة جريئة، وصحوة سياسية في سوريا.

quot;إنه شعور مدهش، وكأنك كسرت كل حواجز الخوف والظلمquot;، تقول نوال وزميلتها لينا، في أحد مقاهي العاصمة السورية دمشق، خلال مقابلة مع صحيفة quot;لوس أنجلوس تايمزquot; الأميركية.

في حين أن معظم طلاب الجامعات يهربون من صفوفهم لحضور الحفلات، تفضل الشابتين التجول في شوارع العاصمة وضواحيها من أجل المشاركة في الاحتجاجات التي تعمّ البلاد، وتدعو إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

تقول نوال (20 عاماً): quot;نكون في الجامعة، وتردنا مكالمة هاتفية من الأصدقاء الذين يقولون إن هناك احتجاجاً في احد الشوارع، فنتجه إلى هناك فوراًquot;، وتضيف بصوت خافت خوفاً من أن يسمعها النادل: quot;بعد ذلك نعود إلى صفوفنا وكأن شيئاً لم يحدثquot;.

تضحك الفتاتان على حياتهما المزدوجة، بفرح طفولي، لكن ذلك لا ينفي أن تكون مهمتهما خطرة وقاتلة، فالمشاركة في التظاهرات تعرّض الناشطين السوريين في أي لحظة للموت برصاص قوى الأمن والشبيحة، فضلاً عن الاعتقال، لا سيما أن مدارس وجامعات دمشق مليئة بالمخبرين.

من جهته، تقول لينا: quot;نحن لا نخبر أحدًا عندما نذهب إلى المظاهراتquot;، مشيرة إلى أنها وزميلتها لم تنخرطا في العمل السياسي، إلى أن اندلعت الثورة الشعبية، التي أدت إلى مقتل أكثر من 8000 شخص في صفوف المدنيين.

ومع اندلاع الثورة التي قابلتها حملة قمع وحشية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تحولت المشاركة في الاحتجاجات إلى نوع من الهوس، للمطالبة بالحرية في بلد لطالما كانت معارضتها مقموعة. quot;لقد كسرنا كل الحواجزquot;، تقول نوال، مضيفة: quot;ونأمل أن يسمع صوتنا قريباًquot;.

خلافاً لبعض المتظاهرين، تقول نوال إنها لا ترتدي ما يخفي وجهها في المسيرات، فالغطاء يعوقها. وتشير إلى أن quot;صوتي لا يخرج، وأنا أريد أن أصرخ، ولست خائفة من أحدquot;. لكن نوال ولينا لا علاقة لهما بتنظيم التظاهرات، إذ لا تشارك الفتاتان في إلقاء الخطابات أو رفع اللافتات، وتشددان على: quot;نريد فقط أن نرفع صوتنا في الشارع ونقول: نحن لا نخاف منك يا بشارquot;.

عادة ما تشارك الفتاتان في التظاهرات quot;الطيارةquot;، أي تلك التي غالباً ما تعقد بشكل مفاجئ، في المناطق التي يحتفظ فيها الأسد بتأييد كبير. ويتم تحديد مواقع التجمعات قبل فترة وجيزة من التجمع لتجنب تعرّض المشاركين للإعتقال بعد أن تتلقى السلطات إخباراً بموقعهم.

وتروي الفتاتان تجربتهما مع الشبيحة أثناء المشاركة في إحدى المسيرات، فتقول لينا: quot;كانت هناك سيارات تقل الشبيحة في كل مكان، وبإمكانك أن تميزهم من شكلهم، فلديهم نظرة خاصةquot;. وتقاطعها لينا مضيفة: quot;لديهم لحى طويلة، ويرتدون ساعات ذهبية في معصمهم، وعادة ما يكونوا متبجحين إذ يعتبرون أنهم أفضل من الناسquot;.

عند وصول الشبيحة إلى مكان التجمع، تردد دوي إطلاق النار وبدأ المتظاهرون بالهروب للإحتماء في الأزقة المجاورة. وتقول لينا: quot;ثم بدأت عربات الأمن باعتقال كل الناس على الطريق، حتى الذين لم يشاركوا في المسيرةquot;.

في مثل هذه الحالات، تضطر لينا ونوال للجوء إلى السحر والبراءة لتفادي الاعتقال، فترتديا ملابس عصرية لا تثير شكوك رجال الشرطة الأمنية، لتظهرا كفتاتين تتجولا في الشوارع، أو في طريقهما لزيارة صديقة.

على الرغم من المحاولات للحفاظ على سرية نشاطهما، أصبحت لينا ونوال معروفتان في الحرم الجامعي كناشطتان في المعارضة، الأمر الذي يمكن أن يكون خطرًا جداً.

وتشير لينا إلى أن الجامعة أصبحت quot;مجرد فرع للمخابراتquot;، وهناك مخاوف عميقة إزاء احتمال نشوب حرب شاملة، تقسم سوريا إلى مجموعات دينية وعرقية. قبل الانتفاضة، كما تقول الشابتان، لم يكن هناك شيء اسمه طائفية. أما الآن quot;فنجد أنفسنا في مناقشات عن الطائفة والولاءاتquot;.

على الرغم من أن نوال ولينا شجاعتان، إلا أنه لا يمكن إخفاء الخوف من احتمال التعرّض للاعتقال، والتعذيب والاغتصاب. لكن الشابتان تصرّان على أن quot;الاستشهادquot; أفضل من الحياة بدون حرية.