متظاهرون مؤيدون للرئيس السوري يرفعون صور بشار الأسد وحسن نصر الله

إن القرار الذي اتخذه حزب الله اللبناني بالحفاظ على تحالف قوي مع سوريا عرّضه للخطر. ومع أن قاعدة حزب الله في لبنان لا تزال قوية، إلا أن الحزب مهدد بشكل متزايد لأن يصبح معزولاً، في وقت يسعى فيه حسن نصر الله إلى محاولة التدخل للتوصل إلى مصالحة في سوريا.


لا يختلف حال مازن، وهو نجار ينظم تظاهرات ضد الرئيس السوري بشار الأسد في إحدى ضواحي العاصمة السورية، دمشق، عن حال كثيرين من المواطنين السوريين، في ما يتعلق بالموقف الذي باتوا يتخذونه من حزب الله، وزعيمه، حسن نصر الله، وإقدامه مؤخراً على تمزيق صوره، التي كانت تزين سيارته ومتجره من قبل.

فمازن، الذي يبلغ من العمر 35 عاماً، كان يبجل نصر الله لموقفه الجريء في مواجهة إسرائيل. وكان يعتبر حزب الله، ذلك الحزب السياسي والجماعة المسلحة اللبنانية، بمثابة البطل العربي لكل من الشيعة والسنة على حد سواء. لكن موقفه تجاه حزب الله بدأ يتغير خلال الآونة الأخيرة، بعد وقوفه إلى جانب الرئيس الأسد في مواجهة الانتفاضة الشعبية الممتدة على مدار أكثر من عام ضد نظام حكمه، وينظر مازن إلى حزب الله باعتباره حزبًا طائفيًا يدعم الأسد لأن خصومه سنة في الأساس.

وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية عن مازن قوله :quot; بدأت أكره حزب الله الآن. ويجب أن يقف نصر الله إلى جانب ثورة الشعب إن كان يؤمن باللهquot;.

وأضافت الصحيفة أن القرار الذي اتخذه نصر لله بالحفاظ على تحالفه القوي مع سوريا عرَّض وضعية حزب الله ومحاولاته بناء علاقات إسلامية في لبنان والعالم العربي الكبير للخطر. ومع أن قاعدة حزب الله في لبنان لا تزال قوية، إلا أن الحزب مهدد بشكل متزايد لأن يصبح معزولاً، وقد يجد نفسه متورطاً في حرب طائفية.

ثم نوهت الصحيفة بقيام حركة حماس بإبعاد نفسها عن الأسد، بعدما نقلت مقرها خارج دمشق، بينما يتعامل الثوار السنة في سوريا مع حزب الله باعتباره عدوًا. كما بدأ يشعر منافسو الحزب في لبنان بأن هناك ثمة فرصة نادرة أمامهم لكي يعملوا من خلالها على إضعاف قوته. وقد حاول الحزب من جانبه التعديل من سياسته في مواجهة تلك الحقائق الجديدة، وهو ما اتضح من خلال الكلمة التي ألقاها الشهر الماضي حسن نصر الله، وأشار فيها إلى أنه لا يمكن للأسد سحق الانتفاضة عن طريق القوة وأنه يتعين عليه إلقاء السلاح والسعي للتوصل إلى تسوية سياسية.

هذا وسبق لنصر الله من قبل أن حاول في ما وراء الكواليس بصورة شخصية بدء عملية مصالحة في سوريا مع بداية الانتفاضة، وأنه قد بدأ يجدد الآن تلك الجهود، على حسب ما أوردته الصحيفة عن علي بركة، أحد مسؤولي حماس المشاركين في المحادثات.

وأضاف بركة، وهو مندوب حركة المقاومة الإسلامية حماس في بيروت :quot; كما يلتزم نصر الله موقفاً رافضاً للقتل من كلا الجانبين. وقام بزيارة إلى دمشق في نسيان/ أبريل الماضي ونجح في إقناع الأسد، لفترة وجيزة، بمحاولة التوصل إلى حل سياسي، بينما عمل حزب الله وحماس كوسطاء. لكن حين بدأت حماس السير على خطى المسلمين السنة في المعارضة، تم إحباط الخطة من قبل الحكومة السوريةquot;.

وتابعت الصحيفة بقولها إن حزب الله نادراً ما كان يسمح بإجراء مقابلات رسمية ورفض ذلك على مدار أشهر. لكن أنصارًا وناشطين سابقين وحاليين في الحزب أشاروا إلى أن الموقف بدأ يثير المخاوف من احتمالية حدوث رد فعل عنيف ضد الشيعة كما جاء ليشكل اختباراً للموالين الذين يتعين عليهم شرح موقف الحزب للآخرين ولأنفسهم.

وأعقبت النيويورك تايمز بلفتها إلى أن الصراع الحاصل في سوريا يشكل اختباراً لتناقضات حزب الله القائمة منذ مدة طويلة. فبينما يرتكز على الدعم الشعبي، إلا أنه يتصرف بصورة استبدادية في بعض الأحيان؛ وفي الوقت الذي يعتبر فيه جماعة قومية تم تأسيسها لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، فإنه يمتلك قوته العسكرية الخاصة به وكذلك الأموال التي أعادت بناء الجنوب عقب حرب عام 2006.

وفي مقابل ذلك، يتعامل بعض الناشطين الآخرين على نحو مختلف مع الحزب، حيث ترى إحدى العاملات بقطاع الرعاية الصحية أن دعم الحزب الأسد يبقي على الاعتقاد بالمبدأ الأكثر أهمية من هذا كله وهو المتعلق بالاستمرار في مقاومة إسرائيل. وأضافت quot; تلك الثورة لم تصنع في سوريا. والهدف الحقيقي هو لبنان والمقاومةquot;.
وبينما لا يبدو أن حزب الله معرض لخطر فقدان معظم أبرز مؤيديه، إلا أن بعض الموالين لهما زال لديهم تساؤلات. وعاود بركة ليقول إن قادة حزب الله شعروا باضطراب نتيجة قتل الأبرياء في كلا الجانبين وأنهم أدركوا أن الحكومة ليست بريئة.