مخاوف في العراق من عودة الحرب الأهلية

تزيد الاشتباكات بين الجماعات الدينية والعرقية المستمرة منذ الانسحاب الأميركي التوتر السياسي في العراق، حيث تأخذ المشاكل أبعادا خطيرة قد تعيد الحرب الأهلية.


بيروت: في غرفة جلوس واسعة في منزله في مدينة الرمادي العراقية، وصف الشيخ عوض علي حسين المعركة الدامية لطرد تنظيم القاعدة من غرب العراق، ثم وقف فجأة من مقعده، ورفع ثوبه البني ليكشف عن مجموعة واسعة من الندوب الرهيبة.
نظر الشيخ حسين إلى ندوبه وقال إن تضحياته ذهبت هباءً بسبب الحكام الذين quot;يبدون عازمين على سحقه وغيره من المسلمين السنةquot;، مضيفاً أن سلوك الحكومة غير عادل وسيكون هناك الكثير من المشاكل في العراق، quot;وربما سيتم تقسيمهquot;.

إصابات الشيخ تسلط الضوء على قصة التوتر السياسي المتزايد داخل العراق بسبب الإشتباكات بين الجماعات الدينية والعرقية منذ انتهاء الاحتلال العسكري الأميركي في كانون الاول (ديسمبر).
في هذا السياق، أشارت صحيفة quot;فاينانشال تايمزquot; إلى أن المشكلة في العراق باتت تأخذ أبعاداً خطيرة، ويخشى العديد من العراقيين عودة الحرب الاهلية والتقسيم الفعلي للبلاد.

وقال هادي جالو، رئيس مرصد الحريات الصحافية، وهي منظمة غير حكومية: quot;إذا نظرتم إلى العراق، يتولد لديكم انطباع بأنه سيقسّم إلى ثلاث ولاياتquot;، في إشارة إلى منطقة شيعية، وأخرى سنية وثالثة كردية.
ارتفاع المشاعر الطائفية أدى إلى مخاوف في الشارع العراقي، وبات حديثاً على كل لسان منذ انسحاب القوات الأميركية بعد احتلال دام تسع سنوات. وعلى الرغم من أن العديد من العراقيين العاديين من جميع الخلفيات يدعون إلى الاختلاط والتسامح والسلام، إلا أن الجدران التي تحيط بأحياء بغداد تحمل كتابات تعكس مشاعر مختلفة كلياً.

على المستوى السياسي، اهتزت البلاد مباشرة بعد رحيل القوات الأميركية، عندما أصدرت الحكومة الائتلافية التي يقودها الشيعة برئاسة نوري المالكي، أمراً باعتقال طارق الهاشمي، نائب الرئيس وأكبر مسؤول سني في البلاد يتهمة الإرهاب.
ونفى الهاشمي هذه المزاعم، وفرّ من البلاد، مدعياً هذا الأسبوع أن اثنين من حراسه الشخصيين الذين اعتقلوا في هذه القضية، خضعا للتعذيب في السجن ما أدى إلى مقتلهما، وهو اتهام رفضته الحكومة.

في نزاع منفصل، أوقفت السلطات في المنطقة الكردية، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، صادرات النفط خلال الأسبوع الماضي بسبب خلاف على المدفوعات مع العاصمة بغداد، وبعد بضعة أيام، تم تأجيل عقد مؤتمر وطني يهدف الى حل الخلافات بين الكتل السياسية الرئيسية في البلاد.
ونفى صادق الركابي، وهو نائب شيعي في البرلمان وشخصية مقربة من المالكي، أن تكون هناك محاولات لتهميش السنة، لكنه اعترف بأن quot;التوترات الداخليةquot; في البلاد تحتاج الى مناقشة.

وعلى بعد 90 دقيقة من بغداد، باتجاه محافظة الأنبار التي تعتبر عاصمة المناطق السنية وتمتد على طول الطريق إلى سوريا، يجلس خميس عبطان، عضو مجلس المحافظة، في منزله ويتهم الحكومة بالتمييز ضد السنة بدءاً من التعليم وصولاً إلى الحريات الدينية.
وأضاف: quot;نحن نبحث عن حقوق الإنسان وفرص الحياة. إننا بحاجة إلى الأمن والاستقرارquot;.

في مكان آخر في مدينة الرمادي، كانت هناك تلميحات عن مجتمع منقسم بين نفسه. فيقول الشيخ حميد الهايس إن المالكي هو شخصية سياسية معتدلة. ويضيف الشيخ، وهو عضو في مجلس إنقاذ الانبار، وهي مجموعة شُكلت لمحاربة تنظيم القاعدة بين عامي 2006 و 2008، أنه أيضاً عانى من الخطف وتعرّض للتعذيب كما قُتل تسعة أفراد من أسرته، لكنه يلوم المعارضين لرئيس الوزراء بسبب عدم الاستقرار.
وأضاف: quot;إن الناس يعيشون معاً، لكن السياسيين مختلفينquot;.

وأشارت صحيفة الـquot;فاينانشال تايمزquot; إلى أن حكاية الشيخين هي بمثابة تذكير مقلق، بأن نهاية القمع على يد أقلية، قد يكون عرضة للإستبدال بسهولة فائقة بسبب مزيج من طغيان الأغلبية والتشرذم السياسي.
وختم الشيخ عوض بالقول إن العراق غير متوازن، متوقعاً أن يتم تقسيمه إلى ولايات ومقاطعات ومناطق.