المعتقلان فرج الحيدري وكريم التميمي

أعلن في بغداد اليوم عن إطلاق سراح رئيس مفوضية الانتخابات العراقية العليا فرج الحيدري، ورئيس الدائرة الانتخابية كريم التميمي بكفالة مالية قدرها 15 مليون دينار عراقي لكل منهما على أن يمثلا أمام القضاء في وقت لاحق، بينما رفض رئيس الوزراء نوري المالكي الاتهامات التي وجهت اليه بالأمر باعتقالهما لأسباب سياسية تعود الى نتائج الانتخابات العامة الأخيرة، في وقت نفت القائمة العراقية ما أسمته بـquot;الشائعاتquot; عن مغادرة زعيمها اياد علاوي العراق بلا عودة، مؤكدة أنه سيعود الى بغداد متى ما استكمل زياراته ولقاءاته السياسية الخارجية الحالية.


استطاع محامو رئيس مفوضية الانتخابات العراقية العليا فرج الحيدري وزميله رئيس الدائرة الانتخابية كريم التميمي المعتقلين منذ الخميس الماضي إكمال إجراءات إطلاق سراحهما مقابل كفالة مالية بلغت 15 مليون دينار عراقي (حوالي 11 الفاً و500 دولار) على أن يمثلا امام القضاء في وقت لاحق للدفاع عن نفسيهما أمام الاتهامات الموجهة لهما بصرف مبلغ لا يتجاوز الـ500 الف دينار عراقي (حوالي 380 دولارًا) بشكل غير قانوني. يأتي ذلك وسط تصاعد اتهامات للمالكي بالأمر باعتقال الحيدري والتميمي انتقامًا من موقف المفوضية من نتائج الانتخابات الأخيرة التي جرت في آذار (مارس) العام 2010 ، والتي خسرها ائتلاف المالكي أمام القائمة العراقية مما اضطره للتحالف مع قوى شيعية أخرى ليشكلالكتلة الأكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة مما مكنه من تولي رئاسة الحكومة لأربع سنوات أخرى.

المالكي يتهم مهاجميه بإعادة ثقافة البعث والدكتاتورية

وإزاء الاتهامات التي وجهتها شخصيات وقوى سياسية له بالوقوف وراء اعتقال الحيدري والتميمي فقد اتهمها المالكي بدوره بمحاولة quot;إعادة ثقافة البعث والدكتاتورية البائدةquot;، وقال إنه لا بد من إدانة هذه التصريحات المتوترة التي تسعى الى إثارة المشاحنات وعدم الاستقرار وإرباك الوضع السياسي عن عمدquot;.
وأضاف المالكي في بيان لمكتبه الإعلامي تلقته quot;إيلافquot; الليلة الماضية، quot;أن التصريحات والمواقف وكذلك الاتهامات، التي أثيرت نتيجة اعتقال رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فرج الحيدري، وعضو الهيئة كريم التميمي من قبل القضاء على خلفية التحقيق في الملفات المطروحة، تدعو الى توضيح جملة من الحقائق التي قد تذهب ضحية الصراعات السياسية والمناكفات بين الكتل والأحزاب ويكون الخاسر الأساسي فيها الدولة ومؤسساتها الدستورية والأسس التي تبنى عليهاquot;.

وقال quot;إننا في الوقت الذي نؤكد عدم علم دولة رئيس الوزراء بعملية الاعتقال إلا بعد وقوعها، فإننا ندين إطلاق الاتهامات، والتسرع في توجيهها الى هذا الطرف أو ذاك، رغم العلم ببطلانها وإن ذلك يدل بصورة واضحة على عدم احترام هذه الجهات لمؤسسات الدولة وفي مقدمتها القضاء الذي يتشدقون بالدفاع عن استقلاله، ويتظاهرون بالحرص على نزاهته لكنهم يسارعون الى اتهامه بشتى التهم لمجرد عدم رضاهم عن أي عمل يقوم به او أي حكم يصدر عنهquot; .

وأشار الى quot;أن إشاعة ثقافة الاستهانة بمؤسسات الدولة وعدم احترام استقلالها، هي التي تهدد النظام الديمقراطي وتعيدنا الى ثقافة البعث والدكتاتورية البائدةquot;. وتابع بالقول quot;إن احترام كرامة الأشخاص وحقوقهم المشروعة أمر واجب لكنه لا يمكن أن يكون مبرراً لانتهاك حرمة المؤسسات الدستورية او الاستهانة بها، وإننا لا نستطيع المحافظة على حقوق المواطنين والدفاع عن كرامتهم من دون مؤسسات قوية ومحترمةquot;.

وأضاف المالكي quot;أن الخلافات السياسية موجودة في كل المجتمعات لاسيما المجتمعات التي تعيش في أنظمة ديمقراطية، لكن تبقى دائمًا هناك خطوط حمراء تتعلق بمصلحة الوطن العليا واستقرار الدولة لا يمكن المساس بها تحت كل الظروف، ولهذا لا بد من إدانة التصريحات المتوترة التي تسعى الى إثارة المشاحنات وعدم الاستقرار وإرباك الوضع السياسي عن عمدquot;.

وأكد بالقول: quot;رغم ثقتنا الأكيدة بوعي المواطن وقدرته الكبيرة على تمييز الحقائق ومعرفة الغث من السمين لكننا نجد من الخطورة بمكان الالتهاء بهذه الصراعات عن العمل الجاد في بناء الدول وتقديم الخدمات وتطوير حياة المواطنينquot;.
ومن جهتها، قالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق quot;يوناميٍquot; إنها على علم بشأن اعتقال اثنين من أعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في بغداد منذ 12 نيسان الحالي. ودعت يونامي في بيان صحافي الى تطبيق الاجراءات القانونية بشأن احتجاز العضوين الحيدري والتميمي. وأشارت البعثة الى أنها تواصل متابعة الوضع عن كثب، مشددة على أنه ينبغي أن تطبق حيال هذا الأمر الإجراءات القانونية وفقًا للمبادئ المنصوص عليها في الدستور العراقي.

وكان مجلس القضاء الأعلى قال الجمعة إن الاعتقال تم بناء على قيامهما بصرف مكافآت من ميزانية المفوضية العليا للانتخابات لموظفي التسجيل العقاري لقيامهم بتسجيل قطع الأراضي المخصصة لهم.
غير أن الحيدري اوضح أن القضية تتعلق بمكافآت صرفها هو والتميمي العام 2008 وفق الصلاحيات التي يتمتعان بها لأربعة أو خمسة موظفين حصة كل واحد منهم 100 الف دينار أي أن المبلغ لا يتجاوز الـ500 الف دينار (حوالي 380 دولارًا).

انتقادات للمالكي

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد اتهم أمس المالكي بالوقوف وراء اعتقال فرج الحيدري، وذلك بهدف quot;تأجيل أو إلغاء الانتخابات المحليةquot;. وقال الصدر في بيان له:quot;الذي أمر بهذا الاعتقال هو الأخ نوري المالكي بالتحديدquot;. واضاف: quot;لعل الاعتقال يصب في مصلحة الأخ رئيس الوزراء حسب ظني لأنه يسعى الى تأجيل او الغاء الانتخابات فاحذرواquot;. ورأى أن quot;سبب الاعتقال يحتاج الى دليلquot; مؤكدًا أن quot;اعتقال الحيدري يجب ان يكون تحت طائلة القانون لا تحت نير الدكتاتوريةquot;.

ومن جهتها، قالت رئاسة اقليم كردستان quot;إن إقدام السلطات في بغداد على إصدار قرار التوقيف بحق كل من السيدين فرج الحيدري، رئيس المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات، وكريم التميمي، عضو مجلس المفوضين، يُعد إنتهاكاً صارخاً ومساساً خطيراً بالعملية السياسية، وبالتالي تفريغها من المحتوى الديمقراطي وتقويض المسيرة الديمقراطية في البلادquot;. وأكدت quot;أن قراراً كهذا إنما يستهدف إستقلالية هيئة الإنتخابات، ويُراد منه إجهاض العملية الديمقراطية من خلال إحكام السيطرة على مؤسسة مستقلة تعنى بتسيير العملية الإنتخابية في البلاد، وبالتالي قيام من يقفون وراء هذه الألاعيب المغرضة والمكشوفة بتمرير ما تبقى لديهم من نوايا وأهواءquot;.

أما القائمة العراقية بزعامة علاوي فقد اعتبرت الحيدري quot;ضربةquot; للعملية الديمقراطية وعقوبة للمفوضية من قبل المالكي quot;على عدم تزويرها نتائج الانتخاباتquot;، فيما طالبت مجلس النواب باتخاذ موقف حاسم وواضح من القضاء، وكذلك مكتب القائد العام للقوات المسلحة. وقال المتحدث باسم القائمة حيدر الملا أن quot;اعتقال الحيدري يعني أن مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية اصبحا، اليوم، مكاتب تعمل لدى رئيس الحكومة العراقية نوري المالكيquot; معتبرًا أن هذا quot;الامر يمثل عقوبة للمفوضية العليا من قبل المالكي لعدم تزويرها نتائج الانتخابات وجعله في المرتبة الاولىquot;.

ويُعتبر توقيف الحيدري إحدى مراحل الأزمة السياسية الدائرة بين المالكي ومعارضيه الذين باتوا يتهمونه صراحة بالدكتاتورية والانقلاب على العملية السياسية. ويعتبر الحيدري (64 عامًا) القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الذي يترأس مفوضية الانتخابات منذ العام 2007، أحد خصوم قائمة دولة القانون النيابية التي يقودها المالكي كونه رفض خلال انتخابات 2010 التشريعية اعادة فرز الاصوات في جميع انحاء البلاد، كما كان يطالب المالكي. وفازت قائمة quot;العراقيةquot; بقيادة اياد علاوي الخصم السياسي الابرز للمالكي ب91 مقعدًا من اصل 325 في الانتخابات في مقابل 89 لدولة القانون.

وفي حزيران (يونيو) العام 2010 طالب المالكي البرلمان بسحب الثقة من الحيدري إلا أن الأحزاب الأخرى رفضت المضي في ذلك. وقال مصدر برلماني الجمعة إنه quot;من المفترض أن يصوت البرلمان في 28 من الشهر الحالي على التمديد لأعضاء المفوضية لشهرين إضافيين الا أن قائمة دولة القانون ترفض التمديد لرئاسة الحيدريquot;.

مجلس القضاء الأعلى يدافع عن الاعتقال

وإزاء ضجة الاستنكار التي جوبهت بها عملية احتجاز الحيدري والتميمي فقد سارع مجلس القضاء الاعلى الى القول بأن قرار توقيفهما quot;جاء بناء على قيامهما بصرف مكافآت لموظفي التسجيل العقاري لقيامهم بتسجيل قطع الاراضي المخصصة لهم من ميزانية المفوضية العليا للانتخاباتquot;. واكد الغاء قرار بالافراج عنهما quot;باعتبارهما قد تصرفا بأموال الدولة لصالحهما، وهي جناية يعاقب عليها بالسجن لمدة لا تزيد عن سبع سنواتquot;.

غير أن الحيدري قال في تصريحات صحافية عبر الهاتف من مكان توقيفه في مركز للشرطة قرب المنطقة الخضراء: quot;لا اعتقد أن هذ الخطوة موجهة ضدي، بل ضد المفوضية وضد كل العملية السياسية في العراقquot;. واوضح أن توقيفه جاء على خلفية quot;دفع نحو 100 الف دينار (حوالي 380 دولارًا) لثلاثة او اربعة اشخاص يعملون لدى المفوضية، وذلك في مقابل اوقات عمل اضافية وهذا امر طبيعي جداquot;. واتهم الحيدري النائبة حنان الفتلاوي المنتمية الى قائمة دولة القانون بزعامة المالكي بأنها تقف خلف الاتهامات الموجهة اليه.

العراقية تنفي quot;شائعاتquot; مغادرة زعيمها علاوي البلاد بلا عودة

نفت القائمة العراقية ما سمّته بالشائعات عن مغادرة زعيمها اياد علاوي العراق بلا عودة، مؤكدة أنه سيعود الى بغداد متى ما استكمل زياراته ولقاءاته السياسية وبعض الاجراءات الطبية البسيطة والالتزامات العائلية الحالية.
وقالت المتحدثة الرسمية بإسم العراقية النائبة ميسون الدملوجي إن بعض الاوساط الحريصة على التخرص، قد دأبت على اطلاق الشائعات المغرضة ضد رئيس ائتلاف العراقية وامين عام حركة الوفاق أياد علاوي وآخرها أنه سيمكث في اربيل ولن يعود الى بغداد بسبب التهديدات على حياته.

واكدت الدملوجي في تصريح صحافي لـquot;ايلافquot;، ردًا على تقارير اشارت الى أنه غادر العراق الى غير عودة، quot;أن علاوي يتعرض لمحاولات ومخططات اغتيال مستمرة كان آخرها قبل اكثر من عام بقليل عندما انكشف مخطط لاغتياله من قبل قناصة عند سفره من المطار المدني بعد أن منع هو وآخرون من استعمال المطار العسكري وقد كذّبت الحكومة هذا الخبر حينها لكنها عادت واكدته بعد أن انكشفت خطة الاغتيال وهذا المخطط وغيره لم يثنِه عن الوجود في بغداد ولحد الآن وعلى الرغم من وجود خطط جدية جداً حاليًا لاغتياله الا أن هذا لن يثنيه على الاطلاق ومتى ما استكمل زياراته ولقاءاته السياسية وبعض الاجراءات الطبية البسيطة والالتزامات العائلية فإنه سيكون في بغدادquot;. وشددت الدملوجي بالقول quot;إنه لا العراقية ولا الوفاق ولا علاوي لهم مكتب في اربيل فمكاتب الاخوة الكرد جاهزة لاستقبالهم في أي وقتquot;.

وكان علاوي اتهم الاسبوع الماضي quot;عناصر مرتبطة بإيرانquot; بالتخطيط لاغتياله، وقال في مقابلة تلفزيونية إن عناصر مرتبطة بإيران أعدت مخططات لاغتياله وأنه تلقى تحذيرات من دول عربية بشأن ذلك. وأضاف أنه تلقى اتصالات من قادة دول عربية آخرها كان من quot;قادة دولة عربية هامةquot; حذرته من وجود مخطط لاغتياله واستهداف قادة القائمة العراقية.

واتهم علاوي إيران بالتدخل في شؤون العراق الداخلية، وفي شؤون عدة دول عربية وانتقد زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد quot;إلى جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة من قبل إيرانquot; مؤخرًا وحمل بشدة على quot;تصريحاته هناك حول العربquot;.
وكانت تقارير اشارت الى ان علاوي قرر عدم العودة الى بغداد لكشفه محاولة خطيرة لاغتياله منذ شهرين . واضافت أن علاوي اتخذ مكتبين في اربيل وعمّان،وقد كلّف فريقاً سياسياً واعلامياً لادارة حركة الوفاق وهو بانتظار تغيير رئيس الحكومة نوري المالكي بشخصية أخرى وزوال خطر الاغتيال قبل العودة الى بغداد.