أسلحة أميركا لن تقدر على مواجهة ايران

في حين كانت تتحضر القوى الغربية والولايات المتحدة الأميركية للقاء إيران في اسطنبول للبحث في ملفها النووي، والذي تصرّ ايران على ان طبيعته وأهدافه سلمية في حين يشير آخرون إلى العكس، جرتأحاديث وتحليلات حول سيناريو ما بعد فشل هذه المفاوضات.


بيروت:في الوقت الذي كانتتتحضر فيه الولايات المتحدة الأميركية وقوى غربية أخرى للقاء ايران يوم السبت في اسطنبول بهدف استئناف المفاوضات حول برنامجها النووي، كانالجيش الاميركي يستعد لشحذ مخططاته العسكرية في حال الطوارئ.
دعاة الأساليب السلمية يقولون إن العقوبات الاقتصادية ضد النظام الايراني بدأت تأخذ مفعولها، آملين في ان تتخلى طهران عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

وتصر الجمهورية الإسلامية الايرانية على أن البرنامج النووي ذو طبيعة سلمية ويهدف إلى توليد الكهرباء، لكن أجهزة الاستخبارات تشير إلى أن النظام بات قاب قوسين أو أدنى من تطوير القدرة على صنع سلاح نووي.
على الرغم من اللقاء المزمع عقده نهاية الأسبوع الحالي، تقلل إدارة أوباما من فرص التوصل إلى نقطة التقاء خلال الاجتماع، وهو الأول بين أميركا وايران منذ أكثر من عام، في الوقت الذي يتوقع الدبلوماسيون أن افضل نتيجة يمكن التوصل اليها هي اتفاق على إجراء جولة ثانية من المحادثات.
في هذا السياق، تحدثت الـ quot;وول ستريت جورنالquot; عن سيناريو ما بعد فشل المفاوضات، وهو أن تقرر الولايات المتحدة أو إسرائيل مهاجمة ايران. ونقلت عن محللين قولهم إن الحرب ستعتمد على تكتيكات حرب العصابات، مشيرين إلى أن زعم الجمهورية الإسلامية بحيازة الأسلحة المتطورة، على غرار الطائرات المقاتلة والطوربيدات quot;مجرد تفاخر وتبجحquot;.

ويقول مسؤولون عسكريون إن الولايات المتحدة يمكن أن تطغى سريعاً على الدفاعات الجوية الايرانية، وذلك بزرع قنابل متباعدة بشكل متساو، على سبيل المثال، على المدارج لتعطيل القواعد الجوية الإيرانية. أما الغارات الجوية الضخمة، فقد تستخدم لمحاولة تدمير المنشآت النووية المعروفة، وهو هدف معقد لأن النظام الايراني أنشأ بعضها في مواقع سرية تحت الأرض. لكن وزارة الدفاع تعمل على رفع مستوى قنبلتها التقليدية من أجل تحقيق اختراق أفضل في المرافق المحصنة تحت الأرض.

في المقابل، يعتقد مسؤولون في البحرية الأميركية أن ايران ستردّ بشن حرب عصابات بحرية في منطقة الخليج العربي، عن طريق نشر القنابل في مضيق هرمز أو مهاجمة السفن البحرية الاميركية بواسطة القوارب الصغيرة.
ويمكن لمثل هذه التهديدات، التي تسمى بالحرب غير المتكافئة، أن تكون خطيرة بشكل غير متوقع، على نحو القنابل المزروعة على الطرقات في أفغانستان أو العراق، أي أن باستطاعة قنبلة منخفضة التكلفة أن تؤدي إلى شلل أو غرق سفينة حربية بمليارات الدولار.

في مثل هذا السيناريو، فإن الجيش الأميركي سيضطر إلى بذل جهدٍ كبير ومحفوف بالمخاطر في كثير من الأحيان، من أجل إعادة فتح الممرات الملاحية لمرور شحنات النفط العالمية.

وقال ضابط كبير في الجيش في منطقة الشرق الأوسط: quot;لقد بقيت ايران وفية لتوجهاتها. لطالما اتخذت نهجاً غير متماثل مثلما فعلت في الثمانيناتquot;.
قبل الثورة الاسلامية عام 1979، كانت ايران تملك أكثر الترسانات شراسة في المنطقة، ومجهزة بأسلحة حديثة، حازت عليها من قبل وزارة الدفاع الأميركية التي باعتها للشاه في ذلك الوقت.

لكن الجيش الايراني استنزف قواه في وقت لاحق خلال ثماني سنوات من الحرب مع العراق في الثمانينات، وعمدت ايران منذ ذلك الوقت إلى quot;ترقيعquot; ترسانتها بمجموعة من بعض الأسلحة المحلية الصنع، وأخرى من الصين وكوريا الشمالية والاتحاد السوفياتي السابق.
هددت ايران منذ أشهر قليلة بإغلاق مضيق هرمز رداً على تشديد العقوبات الدولية ضدها، ويقدر المحللون العسكريون أن ايران جمعت ما يقرب من 5000 لغم بحري، بدءا من الأجهزة البدائية التي تنفجر عند الاحتكاك، والتكنولوجيا الفائقة التطور التي تزرع عند قاع البحر، ويمكنها التعرف إلى البصمة الصوتية من أنواع معينة من السفن وتنفجر في الأهداف المحددة والكبيرة.

من جهته، قال سكوت تروفر، وهو محلل حرب الألغام، إن محاولة إيجاد وإزالة الألغام الإيرانية ستكون بمثابة quot;لعبة القط والفأر للقوات البحرية الأميركية، فهذه الحرب صعبة وخطيرة مثل العبوات الناسفة على الأرض، إن لم تكن أكثر صعوبةquot;.
ومن بين أحدث التهديدات الايرانية، الطوربيدات المتطورة التي استقدمتها الجمهورية الإسلامية من روسيا التي يمكنها الوصول إلى السفن الحربية ولا تنخدع بسهولة بالشراك العسكرية التي تستخدمها السفن للتشويش على الطوربيد.

ويقلق المخططون العسكريون من هذه الطوربيدات التي قد تطلقها ايران من ثلاث غواصات quot;كيلوquot; روسية الصنع، فضلاً عما يقرب من أربع غواصات quot;يونوquot; من كوريا الشمالية، التي أدت إلى إغراق سفينة حربية كورية جنوبية عام 2010، ما أسفر عن مقتل 46 بحاراً.
وعلى الرغم من أن هذه الغواصات الصغيرة لا تستطيع الوصول إلى مسافات بعيدة أو البقاء فترة طويلة تحت الماء، إلا أنها ndash; وفي حال تم استخدامها في أماكن قريبة من مضيق هرمز، يمكنها تنفيذ الهجمات البحرية بسهولة.
وتُعرف ايران أيضاً بأسطولها الذي يتألف من مئات الزوارق السريعة الصغيرة التي يمكن أن تحمل كل شيء من المدافع الرشاشة، إلى الصواريخ المضادة للسفن الكبيرة. وفي حين أن قاربا سريعا واحدا قد لا يعرض السفن الحربية الأميركية للخطر، غير أن سربا من القوارب الصغيرة قد تطغى على دفاعات أكبر سفينة.

السفن الحربية التقليدية ليست مصدر القلق الوحيد، فإيران تستطيع زرع الألغام أو حتى الصواريخ بواسطة السفن التجارية، أو المراكب الشراعية. ومثل هذه التهديدات سيكون من المستحيل تحديدها في الممرات الملاحية المزدحمة في الخليج العربي.
قبل عشر سنوات، أجرت وزارة الدفاع في عهد رامسفيلد لعبة حرب سرية لاختبار سيناريو الخليج العربي. قاد اللفتنانت جنرال بول فان ريبير quot;الفريق الأحمرquot; الذي يمثّل العدو الإيراني، وأعطى أوامره إلى القوات في خط المواجهة عبر سائق دراجة نارية، منعاً للتجسس عليه، وأرسل زوارق سريعة مزودة بصواريخ ومتفجرات إلى سرب السفن الحربية الاميركية. وما ان انقشع الدخان المزيف الذي استخدم في التجربة، حتى تبين أن أكثر من دزينة من السفن الحربية الاميركية باتت في قاع الخليج العربي.

وكانت تلك العملية، المعروفة باسم quot;تحدي الألفيةquot;، بمثابة دعوة لليقظة إزاء احتمال حرب غير متكافئة مع ايران، فعمدت البحرية إلى وضع خطط لتعزيز دفاعات سفنها في الخليج.
وقال الاميرال جوناثان جرينيرت الذي أصبح قائداً للعمليات البحرية في أيلول (سبتمبر) الماضي إن البحرية الأميركية مهتمة بآليات الماء الروبوتية التي يمكنها البحث عن الألغام والغواصات وتحسين أسلحتها وبنادقها لمواجهة الهجمات الايرانيةquot;.
وسارعت قوات البحرية لاختبار مجال جديد لمكافحة الطوربيدات، وهو سلاح من شأنه مواجهة طوربيدات ايران الأكثر تطوراَ.

وأعلنت البحرية مؤخراً عن خطة لمضاعفة أسطولها، وتزويده بسفن إزالة الألغام من نوع quot;آفنجيرquot; في الخليج العربي.
إضافة إلى ذلك، اتخذ الجيش الأميركي خطوات أخرى في وقت سابق من هذا العام، إذ كشفت وزارة الدفاع الأميركية عن خطط لإعادة تجهيز سفينة نقل كمنصة انطلاق لأنواع مختلفة من المهمات، من مكافحة الألغام لإطلاق طائرات من دون طيار. ويمكن أن تستخدم أيضاً كمنصة لإطلاق quot;عمليات مغاويرquot; لاعتراض السفن الإيرانية والسفن المرافقة أو حماية منصات النفط.

ما وراء مياه الخليج الفارسي، يقلق المخططون العسكريون في الولايات المتحدة من ترسانة ايران الآخذة في الاتساع والتزود بالصواريخ البالستية، التي بنيت بالتعاون مع كوريا الشمالية.
وتقدّر وزارة الدفاع أن ايران لديها حوالى 1،000 صاروخ قصير وبعيد المدى الذي يمكنه الوصول من 90 إلى 1200 كيلومتر، ويعتبر هذا المخزون هو الأكبر في الشرق الأوسط.

وركّز المسؤولون العسكريون اهتمامهم على صواريخ شهاب 3 البعيدة المدى، والتي يمكن أن تصل إلى إسرائيل. لكن صواريخ سكود القصيرة المدى التي قد تطلقها ايران من على منصات متحركة، قد تسمح لها بتنفيذ ضرباتها والهروب بسهولة من دون التعرض للكشف.
على مرمى حجر من الصواريخ الايرانية، تقع المنشآت العسكرية التابعة للولايات المتحدة في الكويت، وأخرى في قطر، إضافة إلى الأسطول الأميركي الخامس في البحرين.

وعلى الرغم من أن صواريخ السكود غير دقيقة نسبياً، إلا أنه باستطاعتها نشر الذعر أو إثارة حرب أوسع إذا ما أصابت حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
وقال ضابط بحرية متقاعد ان هذه الصواريخ لا تمتلك قدرات استهداف متطورة، لكن بإمكانها تسجيل quot;ضربة أعمىquot; في أحد حقول النفط السعودية، أو منشأة إنتاج الغاز القطرية، أو مدينة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وهدد مسؤولون من الحرس الثوري الايراني بشن عمليات انتقامية ضد أي دولة تستخدم كنقطة انطلاق لتوجيه ضربات ضد إيران، وهذا يمكن أن يكون اختباراَ حقيقياً لخطط الدفاع الصاروخي الاميركية.
إضافة إلى كل ما سبق، هناك أيضاً التهديد الإرهابي المفترض، فالاستخبارات الإيرانية تستطيع تنشيط خلايا نائمة لتنفيذ ما يسمى بـ quot;أعمال التخريب أو الهجمات الإرهابيةquot;، وفقاً لمسؤولين اميركيين.
وقال الجنرال المتقاعد انطوني زيني، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية إن quot;هناك خلايا نائمة في كل مكان سيتم تفعيلها بطريقة ما في الشرق الأوسطquot;.

وقال الرئيس السابق للقوات الجوية الجنرال مايكل موزلي إن الحملة الجوية الأميركية قادرة على إلحاق quot;شعور شلل استراتيجيquot; بالدفاعات الجوية الايرانية من خلال استهداف القيادة والسيطرة على المرافق والمطارات.


وأشار إلى أن نظام الدفاع الجوي في ايران يتألف في الغالب من صواريخ هوك الأميركية القديمة الصنع، وبعض صواريخ أرض جو من الطراز السوفياتي، التي quot;لا تشكل تهديداً للطائرات في الولايات المتحدةquot;، لكنه أضاف: quot;أي شيء يطلق النارعليك يستحق بعض الاحترامquot;، في إشارة إلى أنه لا يجب التقليل من شأن الأسلحة الايرانية.
وشدد مسؤولون عسكريون على ضرورة عدم التقليل من شأن القوات الإيرانية. وقال ريتشارد براون، وهو طيار في البحرية الأميركية الذي ساعد في تدريب الطيارين في أصفهان الايرانية في أواخر السبعينات: quot;طهران تملك كل الأسلحة الكبيرة من أميركاquot;.
ويشكك قدامى المحاربين في أن تكون ايران قد حافظت على قطع غيار للطائرات الاميركية الصنع. وقال ريك مورو، وهو طيار في البحرية الأميركية إن quot;ما تبقى من سلاح الجو الإيراني لن يكون منافساً للولايات المتحدةquot;.
ومع ذلك، تشير بعض الأدلة إلى أن إيران تدير شبكة مشتريات عالمية لشراء قطع الغيار العسكرية الاميركية. فمنذ عام 2007،عالجت وزارة العدل الاميركية أكثر من 22 حالة ملاحقات جنائية المتعلقة بتصدير قطع الغيارالعسكرية لايران.

وقال كليف بيرنز، محامي شركة بريان كايف للقانون في واشنطن العاصمة، إن quot;إيران تعطي قوائم التسوق لمتعاقدين مستقلين الذين يشترون قطع الغيار نيابة عنها من سوق الطيران في العالم، مشيراً إلى أن quot;جهود إنفاذ القانون وحدها ليست كافية لوقف تدفق قطع غيار الطائرات الى ايرانquot;.