جمعة في ساحة الأقصى |
يتعرض الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية لحمّى انتقادات شرسة، على خلفية زيارته للقدس، واعتبرت قوى وشخصيات سياسية ودينية مصرية زيارة جمعة بمثابة تطبيع مع إسرائيل، فيما ذهب آخرون إلى حد اتهامه بـquot;الخيانة العظمىquot;، وطالبوا بإقالته من منصبه ومحاكمته قضائياً.
القاهرة: جاءت زيارة الدكتور علي جمعة مفتي مصر للقدس بشكل مفاجئ، ومن دون أي تنسيق مسبق مع القوى الدينية أو السياسية، لا سيما أن هناك إجماعًا مصريًا على عدم زيارة المقدسات الدينية الإسلامية أو المسيحية، طالما بقيت تحت الإحتلال الإسرائيلي، ما اعتبره كثيرون خروجاً عن الإجماع الوطني، ومنح الإحتلال الإسرائيلي هدية ثمينة بالإعتراف بالقدس تحت الإحتلال.
كارثة وضربة لمصر
وشنّت جماعة الإخوان المسلمين هجوماً على المفتي، وقال الدكتور أسامة ياسين الأمين العام المساعد لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، إن زيارة جمعة للقدس تمثل كارثة حقيقية وضربة موجهة للجهاد الوطني الذي نجح في إفشال كل محاولات التطبيع طوال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن النظام السابق الذي كان يتمتع بعلاقات متينة مع قادة إسرائيل فشل في فرض التطبيع على الشعب المصري، وبالتالي من غير المقبول القيام بمثل هذه الزيارة بعد الثورة التي شهدت توافقا بين الموقف الشعبي والرسمي، الرافضين لوجود أية علاقات مع الكيان الإسرائيلي، طالما استمر الاحتلال والاستيطان وحصار غزة.
واتهم ياسين المفتي بمخالفة جميع الفتاوى الصادرة عن علماء المسلمين، ومن بينهم الأزهر الشريف، ومجمع البحوث الإسلامية، معتبراً أن جمعة لم يكن يمثل نفسه، وإنما يمثل أحد المسؤولين في المؤسسة الدينية الرسمية، ودعا ياسين إلى محاسبة المفتي بالشكل الذي لا يسمح بتكرار مثل هذا الموقف من أي شخصية اعتبارية رسمية بما فيه إضرار بالقضية الفلسطينية ولا يخدمها بأي حال من الأحوال.
إسرائيل المستفيد
ويتفق الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى في الأزهر سابقاً مع ياسين في وصف زيارة المفتي للقدس بأنها كارثة، وقال لـquot;إيلافquot; إن جمعة خالف قرارات الأزهر الشريف، والإجماع الوطني بعدم زيارة المقدسات الإسلامية، ما دامت تحت الإحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الزيارة كارثة على الأزهريين والمصريين والفلسطينيين، وأكد أن هناك جهة واحدة هي المستفيدة من تلك الزيارة، ألا وهي إسرائيل، لأنها زيارة شخصية بحجم مفتي الديار المصرية تمثل أكبر اعتراف بأن القدس يهودية كما تدعي إسرائيل. ودعا أبو الحسن الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية إلى اتخاذ قرارات حاسمة وحازمة ضد المفتي، مهما كانت مبررات زيارته للقدس، وأن يكون عبرة لجميع الشخصيات في مثل مكانته.
خيانة عظمى
وجاء الهجوم الأكثر شراسة من جانب الشيخ السيد عسكر، رئيس اللجنة الدينية في مجلس الشعب، وقال لـquot;إيلافquot; إن زيارة جمعة للقدس وهي تحت الإحتلال الإسرائيلي تعتبر quot;خيانة عظمىquot; تستوجب إقالته من منصبه فوراً، وتقديمه للمحاكمة القضائية، مشيراً إلى أن اللجنة الدينية في البرلمان سوف تعقد إجتماعاً طارئاً في أقرب فرصة من أجل مناقشة الزيارة، واستدعاء المفتي لمحاسبته برلمانياً، وأضاف أن الزيارة تمثل اعترافاً ومباركة من جانب جمعة بالإجراءات الإسرائيلية لهدم القدس، ومحاولات تهويده، وطمس هويته الإسلامية، وهي نوع من التطبيع الذي رفضته كافة القوى الوطنية والسياسية منذ احتلال إسرائيل لفلسطين، وقال إنه في حال غضب المصريون من زيارة بعض الأٌقباط العاديين للقدس، في إطار الحج إلى كنيسة القيامة، فإنهم أشد غضباً من زيارة المفتي، ولذلك لن تمر فعلته من دون حساب.
سقطة خطيرة
أما الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية السابق، فقال لـquot;إيلافquot; إن زيارة جمعة للقدس تحت الإحتلال لم تكن تجوز بأي حال من الأحوال، وتمثل سقطة خطيرة، لاسيما أن زيارة القدس ليست فريضة على المسلمين، معتبراً أنها يجب ألا تمر مرور الكرام، لأنها أول زيارة لمسؤول ديني مصري بحجم المفتي منذ خضوع القدس للإحتلال الإسرائيلي عام 1967، وطالب واصل بإقالة جمعة فوراً، لأنه ارتكب سقطة خطيرة أساءت إلى الأزهر ومصر والإسلام، ورفض القول إن الزيارة تمت تحت إشراف أردني، وقال إن الزيارة وإن تمت تحت إشراف أردني، إلا أنها تمت بإذن سلطات الإحتلال الإسرائيلي التي تسيطر فعلياً على مدينة القدس.
ترحيب فلسطيني
وفي الوقت الذي هاجم فيه المصريون مفتيهم، وطالبوا بمحاكمته بتهمة الخيانة العظمى، وخرق الإجماع الوطني والإعتراف بالإحتلال الإسرائيلي للقدس وفلسطين ككل، اختلف الفلسطينيون أنفسهم حول الزيارة، رحّب بها الشيخ محمد حسن، مفتي القدس والديار الفلسطينية، ورافقه في الزيارة، ورحب بها كذلك محمود الهباش، وزير الأوقاف الفلسطيني، واصفاً إياها بأنها تأتي quot;تنفيذاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وحق مفروض على كل المسلمينquot;، ورفض الهباش، في تصريحات صحافية، الإتهامات الموجهة لجمعة بالخيانة والتطبيع، معتبراً إياها مساهمة جليلة في فك الحصار المفروض على المدقسيين والشعب الفلسطيني.
فتوى عملية بالتطبيع
مفتي مصر يؤدي الصلاة في القدس |
فيما اعتبرت حركة حماس زيارة جمعة بأنها تعني الاعتراف بالاحتلال، وتعني تطبيع العلاقات مع العدو، وإعطاءه شهادة أخلاقية، وقال موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة في تدوينه له عبر صفحته على الفايسبوك quot;إنها فتوى عملية بزيارة المسجد الأقصى الأسيرquot;. وأضاف: quot;نحن نؤكد من جديد أن الزيارة تعني الاعتراف بالاحتلال، وتعني تطبيع العلاقات مع العدو، وإعطاءه شهادة أخلاقية، وتعني تشجيع السياسات الاسرائيلية المانعة لأهلنا في الضفة والقطاع من الصلاة في الأقصى، وتعني زيادة في قوة الاقتصاد الاسرائيليquot;.
وتابع: quot;بكل أسف زيارة سيادة المفتي أعطت رسالة واضحة بادعاءات الصهاينة بضمان حرية الأديان، فزيارة وصلاة سيادة المفتي مع من يقتحم أبواب القدس من اليهود ليصلوا في باحات المسجد الأقصى هو الدليل على حرية الأديان المدعاةquot;. وأضاف موجهًا حديثه إلى مفتي مصر quot;القدس تريدنا يا سيادة المفتي فاتحين ولا تريدنا زائرين تحت حراب من يدنسون حرمها ويهددون مستقبلها ويحرقون منبرها، ويمنعون أهل القدس من الصلاة فيهاquot;.
دفاع مستشار المفتي
فيما برر الدكتور إبراهيم نجم، مستشار المفتيالزيارة بالقول إنها كانت في إطار افتتاح كرسي الإمام الغزالي للدراسات الإسلاميةفي القدس، وبوصفه عضوا في مجلس أمناء الكرسي، وقال لـquot;إيلافquot; إن زيارة جمعة جاءت تحت إشراف أردني سياسياً وأمنياً، وليس إسرائيلياً كما يزعم البعض، مشيراً إلى أن السلطات الأردنية هي ما تشرف على شؤون المسجد الأقصى، وأفاد بأن المفتي صلى ركعتين في المسجد الأقصى، وزار قبر النبي موسى عليه السلام، وزار بطريرك كنيسة القيامة، صلى الظهر داخل مسجد البراق في الحرم القدسي إماماً بالمصلين الذين كان من بينهم الأمير الأردني غازي بن محمد رئيس مؤسسة آل البيت والشيخ محمد حسن، مفتي القدس والديار الفلسطينية وخطيب المسجد الاقصى والشيخ عبد العظيم سهلب رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية بالقدس والدكتور عزام الخطيب رئيس أوقاف المسجد الأقصى.
ولفت نجم إلى أن الدكتور علي جمعة أكبر وأرشد من أن يسقط في فخ التطبيع أو مباركة تهويد القدس كما يزعم البعض، وأكد أن جمعة يدعم القضية الفلسطينية، ويعمل من أجل نصرة القدس واستعادته وتحرير الأراضي الفلسطينية من الإحتلال الإسرائيلي.
التعليقات