إيمانويلا أورلاندي

قبل ثلاثة عقود اختفت مراهقة إيطالية وقيل إن المافيا قتلتها. ومن وقتها، ظلت هذه الدراما تتخذ منعطفات تتميز حالياً بإثارة خاصة لأن الفاتيكان وافق على نبش قبر زعيم لعصابة المافيا المتهمة باختطافها. فبالإضافة الى لغز دفنه بمقابر الفاتيكان في المقام الأول، يُعتقد الآن أن تابوته يحوي أيضا رفات الفتاة المفقودة نفسها.


لندن: قررت السلطات الإيطالية الاستجابة أخيرا لأصوات ظلت تطالب دهراً بفتح تابوت لأحد زعماء المافيا مدفون في إحدى مقابر الفاتيكان. ويأتي هذا في إطار السعي إلى حل لغز يحيط بجريمة قتل وظل يلقي بظلال ثقيلة فوقه على مدى ثلاثة عقود رغم ترديده مرارا أنه ألقى بكل الضوء المتاح لديه على الأمر.

ويعتقد أن التابوت قد يقدم المفتاح الى ذلك اللغز بكونه لا يحوي رفات زعيم المافيا، إنريكو ريناتينو دي بيديس، وحده وإنما رفات laquo;أخرىraquo; أيضا. ويقال إن هذه الأخيرة تعود الى تلميذة مراهقة تدعى ايمانويلا أورلاندي اعتبرت في عداد المفقودين منذ صيف العام 1983. وكانت هذه المراهقة، التي اختفت وهي في سن الخامسة عشرة، ابنة أحد موظفي الفاتيكان.

وكان المحققون الإيطاليون، في أحد خيوط تحقيقهم، قد اتهموا الفاتيكان في السابق بأن له روابط مالية مشبوهة بعصابة المافيا التي اختطفت الفتاة - وكان يتزعمها دي بيديس - في محاولة لاسترداد أموال استدانها منها laquo;الكرسي البابويraquo;، وهو كيان الفاتيكان السياسي والقانوني الذي يترأسه البابا نفسه.

وفي خيط آخر ورد أن الفتاة اختطفت كورقة مساومة من أجل إطلاق سراح محمد علي أقجة، التركي الذي حاول اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني، في ساحة القديس بطرس العام 1981. وورد فيه أيضا أن الجهة التي دبرت أمر الاختطاف لهذا الغرض هي جهاز الاستخبارات السوفياتي وقتها laquo;كيه جي بيraquo;.

ويُتوقع الآن أن يقوم مكتب المدعي العام في روما بفتح التابوت حال التوصل الى مكانه بالضبط. وسيتعين عليه البحث في مساحة تمتد من بازليك القديس أبوليناري داخل حرم الفاتيكان نفسه (حيث يُقال إنه مدفون) الى مقبرة في ضواحي روما. وهذه عملية قد تستغرق زهاء الشهر قبل التحقق من أن القبر يعود إلى دي بيديس فعلا. ويذكر أن دي بيديس قُتل برصاص عصابة منافسة في التسعينات.

وبين الألغاز الأخرى التي تحيط بأمر دي بيديس حقيقة أنه مدفون في مقابر تعود الى الفاتيكان، أي وسط الكرادلة وآخرين تعتبرهم الكنيسة الكاثوليكية laquo;أتقياءraquo;. وهذا بينما كان هو، على الطرف النقيض، مجرما وزعيما لعصابة laquo;ماغلياناraquo; التي كانت تعتبر إحدى أخطر أذرع المافيا في روما. لكن القسيس الذي وافق على دفنه في مقابر الفاتيكان برر هذا القرار وقتها بأن دي بيديس كان laquo;سخي العطاء للفقراءraquo;.

إنريكو دي بيديس

ويأتي قرار فتح التابوت بعد سنوات طويلة من التسويف والمماطلة من جانب السلطات الإيطالية، ووجد ترحيبا عميقا من أسرة أورلاندي. ونقلت الصحافة قول بييترو اورلاندي، شقيق الفتاة المفقودة: laquo;أخيرا توصلت الدولة والكنيسة الى اتفاق إيجابي بالنسبة لنا. آمل أن أكون حاضرا لدى فتح التابوت وأن تمضي التحقيقات قدما وبعزم قوي نحو الحقيقة الضائعة كل ذلك الوقتraquo;.

ومن جهته قال والتر فيلتروني، عمدة روما السابق الذي ألقى على كاهله مناقشة القضية برمتها في البرلمان الإيطالي: laquo;فتح التابوت خطوة في الاتجاه الصحيح نحو نفض غبار الغموض الذي ظل يكتنف هذه المسألة لعقود من الزمن. لا بد لنا من معرفة ما حدث لإيمانويلا أورلاندي وبالتالي رفع عبء الشعور بالذنب عن كاهل المؤمنينraquo;.