سيأتي الرئيس المصري المقبل إلى بيئة سياسية معقدة وبخاصة في ظل سيطرة الإسلاميين على البرلمان ونفوذ الجيش بالتزامن مع التطلعات الكبيرة للمواطنين.


سيكون رئيس مصر المقبل، بصرف النظر عن نتيجة الانتخابات، في وضع غريب تتبدى غرابته في أنه لا يعرف ما هي صلاحياته وسلطاته. والسبب أن كتابة دستور مصري لمرحلة ما بعد مبارك اصطدمت بمصاعب وانقسامات حالت دون إعداده قبل الانتخابات الرئاسية.

ومن الواضح في غمرة تحمس المصريين لانتخاب أول رئيس يختارونه بإرادتهم، فإن العملية تأتي في إطار إصلاح نتائجه ليست معروفة. وأن انتخاب رئيس الدولة لن يعيد بحد ذاته الاستقرار والأمن أو يحقق النهوض الاقتصادي الذي يتطلع إليه ملايين المصريين منذ الثورة.

المصريون ينتظرون الكثير من الرئيس المقبل

ويرى مراقبون أن انتخاب الرئيس لن ينهي تدخل العسكر في السياسة أيضا ناهيكم عن تدشين عصر ذهبي جديد من العدالة الاجتماعية.

ومن القضايا التي تتسم بأهمية حاسمة لمستقبل البلاد قضية العلاقة بين الرئيس والبرلمان الذي تهيمن عليه الآن أغلبية من النواب الإسلاميين الذين خابت آمال المصريين عموما بأدائهم حتى الآن. وبموجب الإعلان الدستوري المعتمد حاليًا فان من صلاحية الرئيس أن يُجري تعيينات في مناصب حساسة ولكنه لا يستطيع أن يصادق على ميزانية الدولة مثلا التي ما زالت من اختصاص البرلمان حصرا. ولا يمكن تشريع قانون من دون اتفاق بين البرلمان والرئيس.

وحذر محللون من أن الرئيس سيكون رئيسًا ضعيفاً وخاضعًا إذا لم تتغير هذه القواعد. وتوقعت صحيفة الأهرام أن تنشأ نزاعات لا مفر منها إذا وجد الرئيس نفسه بين سندان الاستياء الشعبي ومطرقة الضغط البرلماني.

وقال المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، الذي راهن كثير من الليبراليين على دخوله حلبة السباق الرئاسي، إن غياب الوضوح هذا بشأن صلاحيات الرئيس يزرع بذور النزاع لاحقاً.

ومن المتوقع أن يتخذ المرشحون المختلفون مواقف مختلفة من هذه القضية. وعلى سبيل المثال يرى مراقبون أن عمرو موسى لا يتمتع بقاعدة سلطة طبيعية، وبالتالي سيحاول على الأرجح أن يقوي سلطة الرئاسة على الضد من مطالب الثوار. ولكن رئيسا إسلاميا سيجد من الأسهل عليه أن يعمل مع نواب غالبيتهم إسلاميون مثله. ويخشى كثيرون أن تكون الآمال المعلقة على التغيير آمالا عريضة إلى حد الخطر.

وحذر الكاتب والصحافي المخضرم محمد حسنين هيكل من أن أي رئيس جديد يعمل من أجل الإصلاح لمصلحة الشعب سيرث بيروقراطية في جهاز الدولة لم تمسها الثورة.

ومن القضايا الحيوية الأخرى التي ما زالت بلا حل العلاقة الثلاثية بين الرئيس والبرلمان والعسكر.

ويبدو في حكم المؤكد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيلتزم بتسليم مقاليد السلطة في نهاية حزيران/يونيو كما وعد. ولكن من المؤكد بالقدر نفسه أن المجلس سيصر على الاحتفاظ بحق الفيتو في مجال الأمن والسياسة الخارجية مقابل إعادة الجنود إلى ثكناتهم.

ويُراد تشكيل مجلس جديد للأمن القومي، ولكن لا أحد يعرف كيف يمكن إخضاع الجيش لمسؤولين مدنيين منتخبين ومؤسسات مدنية، وما إذا كان سيُخضع أصلا لمثل هذه الإدارة.

كما سيحاول الجيش حماية ميزانيته من المراقبة العامة والمحاسبة البرلمانية.

ونقلت صحيفة الغارديان عن محلل في مؤسسة آي ايتش أس للأبحاث في لندن انه إزاء قائمة القضايا الملحة التي ستواجه الرئيس الجديد في اليوم الأول من عمله، مثل العلاقة مع البرلمان وموقع الجيش المصري والإصلاح الدستوري ودفع عجلة النمو الاقتصادي والعلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة وتراجع دور مصر الإقليمي والأزمة في سوريا والمشاكل المستمرة مع برنامج إيران النووي، فان المشكلة الأكبر التي ستواجه الرئيس المصري الجديد قد تكون الآمال الشعبية غير الواقعية قطعا التي من المرجح أن يعقدها المصريون على الانتخابات وتسليم العسكر مقاليد السلطة إلى المدنيين. وأضاف المحلل أن الانتخابات المصرية قد تؤشر إلى نهاية فترة عصيبة في تاريخ مصر الحديث ولكن العمل الشاق ما زال في بدايته.