فقدت وزارة الشؤون الدينية في تونس بعد الثورة سيطرتها على الكثير من المساجد والأماكن الدينية ليقع كثير من هذه الاماكن تحت نفوذ جماعات دينية متشددة.


تونس:تسعى وزارة الشؤون الدينية في تونس إلى استعادة سيطرتها على الاماكن الدينية التي وقع بعضها في قبضة متشددين منذ الاطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير 2011.
وبحسب القانون التونسي، فإن الإشراف على الجوامع والمساجد وتعيين أو عزل القائمين عليها من أئمة ومؤذنين هو من الصلاحيات الحصرية للوزارة.

وفي عهد بن علي، أحكمت وزارة الشؤون الدينية بدعم من وزارة الداخلية سيطرتها على الاماكن الدينية في جميع أنحاء البلاد، لكنها فقدت هذه السيطرة بعد الثورة التي اطاحت بنظام زين العابدين، ليقع كثير من هذه الاماكن تحت نفوذ جماعات دينية متشددة.
وصرح مصدر في وزارة الشؤون الدينية لوكالة فرانس برس أن الوزارة تأمل باستعادة إشرافها على كل مساجد وجوامع تونس البالغ عددها نحو 5000 بحلول شهر رمضان المقبل.

واضاف أن عدد المساجد والجوامع التي لا تزال خارج سيطرة الوزارة انخفض من 400 في آذار/مارس الماضي إلى 120 في حزيران/يونيو الحالي، موضحًا أن 20 من بينها تقع تحت سيطرة سلفيين متشددين.

وقال مصدر أمني إن quot;مساجد تونس شهدت بعد الثورة حالات انفلات غير مسبوقة، تمثلت في عزل أئمة (عينتهم الدولة) واستبدالهم بآخرين متشددينquot;، مؤكدًا أن هؤلاء الائمة quot;ينشرون خطابًا دينيًا متطرفًا يتضمن أحيانا تحريضًا على جهاز الشرطة أو بعض مكونات المجتمع كالصحافيين والفنانين، وتحريض الشباب على الجهاد في سوريا أو ارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون مثل إقامة الحدودquot;.
والاسبوع الماضي اعتقلت الشرطة إمام مسجد الرحمة في مدينة جندوبة (شمال غرب) بعد أن حرض في خطبة الجمعة على قتل رجال الأمن.
ومنذ أشهر، تتحصن مجموعة سلفية متشددة، اشتبكت في أكثر من مناسبة مع قوات الأمن، في أحد جوامع مدينة جندوبة.

قلق من سيطرة المتشددين على بعض المساجد

وأعلنت وزارة الشؤون الدينية في بيان أصدرته في 16 حزيران/يونيو أنها quot;ستتصدى وبالتعاون مع وزارة الداخلية لأي مخالفة للقوانين والتراتيب التنظيمية المتعلقة بالمساجد والإطارات المعينة للعمل بهاquot;.

وجاء موقف الوزارة بعد أيام من تعرض وزير الشؤون الدينية نور الدين الخادمي لمعاملة مهينة في مسجد حي quot;الغزالةquot; في محافظة أريانة (شمال) الذي يسيطر عليه متشددون عزلوا إمامًا عينته الدولة واستبدلوه بواحد منهم.
ويومها توجه الوزير إلى هذا المسجد للحوار مع السلفيين لكنّ هؤلاء طردوه بعدما سرقوا حذاءه.

وأعلن حسين اللافي المستشار السياسي لوزير الشؤون الدينية الاسبوع الماضي أن الشيخ حسين العبيدي الإمام الخطيب في جامع الزيتونة، وهو من أشهر الجوامع في العالم الاسلامي، لن يخطب مجددًا في الجامع بعد أن كفر وأهدر دم فنانين تشكيليين تونسيين.
لكن الإمام أكد أنه سيلقي خطبة الجمعة المقبلة في الجامع.

وقال الشيخ العبيدي لفرانس برس: quot;لو أرسلوا إلينا إمامًا آخر سوف يتم طرده على الفورquot;، داعيًا وزارة الشؤون الدينية إلى quot;عدم التدخل في جامع الزيتونةquot; الذي يقع في قلب مدينة تونس العتيقة.

وقال مصدر في وزارة الشؤون الدينية إن الإمام مدعوم من حركة النهضة التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في البلاد، وأن الوزارة لم تعينه إمامًا في جامع الزيتونة وأنه يعمل في الأصل إمامًا في جامع مدينة بن عروس (جنوب العاصمة تونس).
وأشار المصدر طالبًا عدم نشر اسمه إلى وجود تجاذبات غير معلنة بين أطراف تريد السيطرة على جامع الزيتونة مثل السلفيين وحركة النهضة وأعيان مدينة تونس وأعضاء الهيئة العلمية للجامع.

وأضاف أن هناك تشنجًا في العلاقة بين وزارة الشؤون الدينية وعدد من أئمة المساجد الذين لا يعترفون بالوزارة كسلطة إشراف تنظم القطاع الديني في البلاد.
وتستدعي جمعيات دينية غير حكومية (تأسست بعد الثورة) بانتظام دعاة متشددين من المشرق العربي ولا سيما من السعودية ومصر لالقاء محاضرات ودروس في جوامع تونس.

وتثير زيارات الدعاة المتشددين هؤلاء انتقادات كبيرة من قبل المعارضة العلمانية التي تتهم الحكومة بالتواطؤ مع المتشددين لتغيير نمط المجتمع التونسي quot;المعتدلquot;.