قادة التحالف الوطني العراقي إثر اختتام اجتماعهم

فيما رفض خصوم المالكي تلويحه بالانتخابات المبكرة في حال امتنعوا عن التفاوض معه فإن المراقبين يرون أن مفتاح الأزمة السياسية أصبح بيد طالباني الذي يعالج صحيًا الان في المانيا خاصة بعد رفضه تقديم طلب سحب الثقة من الحكومة وعليه الآن اتخاذ موقف من الانتخابات المبكرة التي تعني حل البرلمان والامران هما من صلاحيات الرئيس بحسب الدستور.


في الوقت الذي رفض الرئيس العراقي جلال طالباني في وقت سابق طلب خصوم رئيس الوزراء نوري المالكي بتقديم طلب الى مجلس النواب لإقالته مؤكدا أن التوقيعات النيابية على الطلب لم تصل الى العدد المطلوب دستوريا وهو 164 توقيعا اي النصف زائد واحدا من مجموع عدد اعضاء البرلمان البالغ 325 نائبا.. فإن تلويح المالكي امس بإجراء انتخابات مبكرة قد اعاد الكرة الى ملعب طالباني الذي يخوله الدستور حل البرلمان تمهيدا لإجراء مثل هذه الانتخابات.

ويشيرون إلى أنّه لكي يتخلص طالباني من مأزق الدعوة لحل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة فإن عليه ان يشدد على ضرورة عقد المؤتمر الوطني لحل الأزمة السياسية الحالية التي تضرب البلاد منذ ستة أشهر من اجل جمع الفرقاء السياسيين على مائدة مفاوضات واحدة. ويوضحون انه في حال اقدم طالباني على خطوة حل البرلمان تلبية لرغبة المالكي فإنه سيظهر بمظهر المنحاز لرئيس الوزراء ضد خصومه الذين كان رفض سابقا طلبهم بسحب الثقة من رئيس الوزراء.

ويقول المراقبون إن جميع مفاتيح الخيارات المطروحة لحل الأزمة السياسية هي الان بيد طالباني الموجود في المانيا منذ عشرة ايام للعلاج ولايعرف بعد موعد عودته خاصة وأن مغادرته البلاد في خضم الأزمة السياسية قد أثارت استياء عدد من القوى العراقية.

موقف الدستور من سحب الثقة وحل البرلمان

فبالنسبة إلى سحب الثقة من الحكومة تنص المادة 61 من الدستور: quot;ثامنا/ ب 1ـ لرئيس الجمهورية، تقديم طلبٍ الى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء. 2ـ لمجلس النواب، بناءً على طلب خُمس (1/5) اعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، ولا يجوز ان يقدم هذا الطلب الا بعد استجوابٍ موجهٍ الى رئيس مجلس الوزراء، وبعد سبعة ايام في الاقل من تقديم الطلب. 3ـ يقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه.ج ـ تُعدُ الوزارة مستقيلةً في حالة سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء. د ـ في حالة التصويت بسحب الثقة من مجلس الوزراء بأكمله، يستمر رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مناصبهم لتصريف الامور اليومية، لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، الى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد وفقاً لاحكام المادة 76 من هذا الدستورquot;

اما حل مجلس النواب فيكون كما نصت المادة 64 من الدستور العراقي من خلال طريقين: أولهما عن طريق البرلمان ويتضمن تقديم طلب من ثلث عدد اعضاء المجلس، اي طلب 109 نواب وموافقة 163 نائبا عند إجراء التصويت على حل مجلس النواب بمن فيهم اصوات الثلث وان هذا لا يحتاج الى استجواب او اسباب ذلك.. اما الثاني فهو ان يطلب رئيس الوزراء من رئيس الجمهورية حل مجلس النواب، وفي حال موافقته على الحل يعتبر نهاية للدورة الانتخابية ولعمر البرلمان وفي هذه الحالة يعد مجلس النواب مستقيلا ويواصل تصريف الامور اليومية وعلى رئيس الجمهورية تحديد موعد الانتخابات الجديدة لمجلس نواب جديد خلال مدة أقصاها 60 يوما من تاريخ الحل. لكن هذه المادة لم تحدد اسبابا او ذرائع او استجوابا كونها مطلقة عامة شاملة.

خصوم المالكي يرفضون تلويحه بإجراء انتخابات مبكرة

هذا ورفض الحكيم والصدر والتحالف الكردستاني تلويح المالكي بالانتخابات المبكرة في حال امتنع خصومه عن تلبية دعوته للتفاوض والحوار لحل الأزمة السياسية الحالية. فقد عارض رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم إجراء انتخابات مبكرة في البلاد ودعا المالكي الى القيام باتصالات مع جميع الأطراف السياسية لحل الأزمة الراهنة كما طالب هذه الأطراف بالعودة الى طاولة المفاوضات الاولى التي تم فيها تشكيل الحكومة الحالية.

وقال الحكيم في كلمة له باحتفالية دينية أقامها مكتبه quot;اننا لا نجد حلاً واقعياً للأزمة السياسية الراهنة عبر الدعوات المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة على الرغم من اننا اول طرف يستفيد من تلك الدعوات quot;.

وأضاف quot;نتمنى من المالكي ان يبادر بإجراء اتصالات مع كل الاطراف السياسية لحل الأزمة الحالية في البلادquot; منتقداً تصريحات رئيس الوزراء في quot;التقليل من هيبة البرلمان لانه يمثل القيمة الشرعية للشعب وتعيين رئيسه جاء بتفاهمات سياسية وسحب الثقة منه يجب ان يأتي ايضاً بتفاهمات سياسية.

وأشار الحكيم إلى أنّ الدعوات لسحب الثقة من رئيس مجلس النواب معتبرا أنها ناتجة من التفاعل مع الأزمة بصورة منفعلة. وتساءل قائلا quot;هل نحن نعيش في أزمة سحب الثقة اذ حدث خلاف مع قائد معين تكون ردة الفعل بان يتم سحب الثقة من الطرف المقابلquot;.

وأكد ان سحب الثقة لا يشكل حلا للأزمة بل انه سيضيف صراعا اخر للصراعات الأخرى في المشهد السياسي ولن يعالج المشاكل التي يعانيها البلد. وحذر الحكيم من ان البلد يمر بأزمة قد تكون الأصعب والاخطر خلال السنوات التسع الماضية.

وقال ان هذه الأزمة دخلت في نفق مظلم وتراكمت بشكل يصعب حلها يوما بعد اخر وان الاخطر في هذه الأزمة هو محاولة نقلها الى الشارع والتخندق الطائفي الذي سيدفع ضريبته الجميعquot;كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي اليوم.

ودعا الحكيم الاطراف السياسية التي تريد استبدال رئيس الحكومة الى العودة الى الطاولة نفسها التي تم من خلالها ترشيحه وتشكيل الحكومة. وقال quot;من اراد ان يغير رئيس الوزراء فعليه ان يعود للطاولة نفسها التي تم فيها ترشيح رئيس الوزراءquot;. وأضاف أن الكتل السياسية اجتمعت سابقا ورشحت رئيس الوزراء واذا ارادت ان تستبدله فعليها الرجوع إلى الطاولة نفسها التي من خلالها تم ترشيحه وتطرح المشاكل التي تم تشخيصها امام بقية الاطراف.

ومن جهته، فقد اعرب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن امله في أن لا تصل الأزمة السياسية الى مرحلة الاضطرار لإجراء انتخابات مبكرة. وقال في رده على سؤال وجهته له وكالة انباء quot;كل العراقquot; بشأن طرح بعض الكتل السياسية إجراء انتخابات تشريعية مبكرة كخيار لحل الأزمة.. قال quot;لا نأمل ان نصل الى مرحلة اجراء انتخابات مبكرة quot;. وأضاف quot;اننا نأمل ان تحل الأزمة عبر اجراء الإصلاحات quot;.

كما أعلنت كتلة التحالف الكردستاني أنها ليست مع قضية حل مجلس النواب في الفترة الحالية وقال الناطق الرسمي باسمها النائب مؤيد الطيب انquot; موقفنا في التحالف الكردستاني ليس مع حل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة لان هناك قضية مطروحة الان يجب ان ننتهي منها وهي استجواب رئيس الوزراء نوري المالكي وسحب الثقة منه وهذا يجب ان ننتهي منهquot;. وأضاف أنquot; حل البرلمان لن يخدم العملية السياسية والبلد في هذه المرحلة الحساسةquot;.

وأشار الطيب الى أن الدعوة إلى انتخابات مبكرة وحل البرلمان لاتتم فقط بطلب من رئيس الوزراء بل يجب أن يتم طرحها داخل مجلس النواب الذي هو الجهة المختصة بحله من عدمه. وقال إن اجراءات حلّ مجلس النواب يجب أن تتم عن طريق آلية تتضمن قيام رئيس الوزراء بطلب حل البرلمان ويوافق عليه رئيس الجمهورية وثم يطرح داخل مجلس النواب للتصويت عليه أو أن تتم دعوته من داخل المجلس.

وأضاف الطيب أن تصريحات المالكي الاخيرة بشأن الدعوة لحل البرلمان ما هي الا رد فعل لقضية استجوابه وسحب الثقة منه. واوضح أن هذه القضية لم يتم التباحث بشأنها داخل التحالف الكردستاني بشكل رسمي وهي مجرد دعوة quot;وسيكون لنا موقفنا عندما يتم طرحها quot;.

اما النائب القيادي في كتلة العراقية حيدر الملا فقال quot;اذا ما قدم رئيس الوزراء طلبا لحل مجلس النواب وصوت عليه المجلس بالقبول فان العراقية ستحترم هذا الخيار الدستوريquot;. وأضاف ان quot;العراقية مع اي خيار دستوري نص عليه الدستور العراقي، ولكنها ايضا تطالب السيد رئيس الوزراء بان يفهم الديمقراطية في اتجاهين، عندما تكون في صالحه وعندما لاتخدمهquot;.

وتابع quot;عندنا مشكلة في السلطة التنفيذية وفي رئيس الحكومة تحديدا وبالنتيجة هناك آلية دستورية من اجل تغيير رئيس الحكومة والكتل السياسية عازمة على سلوك الآلية الدستورية من اجل استبداله او سحب الثقة منهquot;.

المالكي يؤكد أن سحب الثقة انتهى والتحالف يجدد دعمه

ومن جانبه، أكد المالكي أن موضوع حجب الثقة عنه قد انتهى وقال في حديث لعدد من وسائل الاعلام في ختام اجتماع التحالف الوطني الحاكم الليلة الماضية أن المشروع الحقيقي لحل للخروج من الأزمة الحالية يتمثل بالجلوس إلى طاولة الحوارquot; مشيراً إلى أن quot;المشاكل لا تحل بالقفز على الدستورquot;.

ونفى المالكي في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري عقب اجتماع الليلة الماضية أن يكون قد دعا إلى إجراء انتخابات مبكرة الآن مبيناً أن quot;الموضوع ينبغي أن يتم تداوله أولاً في التحالف الوطني ومع الشركاء في العملية السياسيةquot;. وأضاف أنquot;المشاكل إذا لم تحل على أساس الحوار وتطبيق الدستور فلن يكون ثمة سبيل لنجاح أي مشروع آخرquot; مؤكداً أن quot;إذا لم نتحاور لا يوجد أمامنا سوى إجراء انتخابات مبكرةquot;.

وعما إذا كان يستعد لمواجهة الاستجواب في البرلمان قال المالكي إن quot;هناك مقدمات كثيرة يجب أن تحصل قبل الاستجوابquot; مبدياً إصراره على quot;مناقشة الخروقات كافة سواء كانت في البرلمان أم في السلطة التنفيذية أم المحافظات لأننا نريد بناء الدولةquot;.

وقال إن هناك تغيرا في موقف التيار الصدري بخصوص سحب الثقة منه مشددا في الوقت ذاته عن استمراره بطرح ملفات خطيرة بشأن بعض الامور انquot; هناك تغييرا في موقف التيار الصدري ولا وجود لسحب الثقةquot;. وأضاف quot;إننا ماضون في طرح الملفات الخطيرة التي اشرنا لها اذ ان الاطراف يتهربون من الحضور للمؤتمر الوطني بسبب مكاشفة هذه الملفاتquot;.

اما الجعفريفقد أكد استمرار دعم التحالف الوطني لحكومة المالكي وانتهاج الحوار مع الكتل السياسية الأخرى لحل المشاكل السياسية العالقة. وقال إن مكونات التحالف اتفقت في اجتماعها على استمرارها بدعم حكومة نوري المالكيquot;.

وأضاف أن quot;التحالف مستمر كذلك بانتهاج الحوار مع الكتل السياسية الأخرى لحل المشاكل السياسية العالقةquot; مشيرا إلى أن quot;لجنة الإصلاحات عقدت أول اجتماعاتها بغية التوصل إلى مقترحات تقدم إلى الحكومةquot;.

ومن غير المقرر إجراء انتخابات برلمانية في العراق قبل عام 2014 لكن الحكومة الائتلافية الحالية غارقة في تشاحن سياسي منذ تشكيلها قبل 18 شهرا بعد انتخابات غير حاسمة عام 2010. ويتهم المالكي من قبل خصومه بالهيمنة على السلطات في الدولة ويقولون انه لم ينفذ الاتفاقات لتقاسم المناصب الوزارية في الحكومة خاصة في ما يتعلق بوزارتي الدفاع والداخلية.

ونجح المالكي حتى الان في التصدي لمحاولات الاطاحة به حيث إن الكتل العراقية والتيار الصدري والتحالف الكردستاني يجدون صعوبة في حشد الأغلبية المطلقة من النواب اللأزمة لاجراء تصويت على سحب الثقة من حكومته.

ويأتي تلويح المالكي بالانتخابات المبكرة فيما يشهد العراق منذ أشهر عدة أزمة سياسية حادة بسبب إتهامات وجهتها العديد من الكتل السياسية لرئيس الوزراء نوري المالكي بالتفرد باتخاذ القرارات وتهميش الآخرين وخرق بنود الدستور والهيمنة على الملف الأمني كما تتعلق الأزمة بالنظرة الى كيفية إدارة الدولة. كما تأتي الدعوة في وقت تحاول 3 كتل سياسية رئيسة هي القائمة العراقية والتيارالصدري والتحالف الكردستاني سحب الثقة من المالكي.