لندن: وصلت مياه البحرين قبل أيام سفينة من أقدم سفن النقل في البحرية الأميركية بعد تحويلها الى منصة من أحدث منصاتها الحربية في إضافة كبيرة الى وجود القوات الاميركية في منطقة الخليج حيث دفعت الولايات المتحدة بتعزيزات في مواجهة ايران.

وكان من المقرر إخراج السفينة بونس التي بُنيت عام 1966 من الخدمة، ولكنها شهدت ولادة جديدة بوصفها قاعدة متقدمة عائمة لتنفيذ عمليات عسكرية مهمة في عموم المنطقة، في أحدث مثال على الطريقة الاميركية الجديدة في الحرب، بحسب تعبير صحيفة نيويورك تايمز.

وجرى التخطيط لأن تكون مهمة السفينة الأولى مهمة دفاعية بعيدة عن الأضواء كمركز عمليات لازالة الألغام في مضيق هرمز بعد تهديدات ايران بغلق هذا الممر المائي الحيوي. وستكون السفينة بهذا الدور منصة للمروحيات وقاعدة لفرق الغواصين ومحطة خدمات عائمة توفر الوقود وأعمال الصيانة لكاسحات الألغام.

ولكن بإضافة ثكنة مسبقة الصنع على السطح يمكن أن تصبح السفينة قاعدة يتمركز فيها مئات من أفراد القوات الخاصة لتنفيذ مهمات مثل انقاذ الرهائن ومكافحة الارهاب وعمليات الاستطلاع والتخريب وتوجيه ضربات مباشرة. وحتى بإضافة الثكنة يبقى هناك حيز واسع للمروحيات والزوارق الصغيرة السريعة التي يفضلها افراد القوات الخاصة.

ويقول محللون إن الحلفاء والأصدقاء على أهميتهم فإنهم يمكن أن يعترضوا على مهمات اميركية تنطلق من قواعد في أراضيهم في حين أن السفينة بونس تعمل في المياه الدولية. ويتسم عنصرا المباغتة والسرعة بأهمية حاسمة في نجاح العمليات العسكرية.

وبمقدور السفينة أن تبحر على مقربة من مناطق النزاع. وتكون قدرتها على تنفيذ مهمات مختلفة لفروع مختلفة من القوات المسلحة أكثر أهمية من وجود قاعدة متخصصة بنشاط واحد لفرع واحد من فروع القوات المسلحة.

وينظر القادة الايرانيون الى السفينة بونس نظرة مختلفة بطبيعة الحال وحملوا بشدة على ارسالها الى مياه المنطقة متهمين واشنطن ببناء وجود عسكري استفزازي لا سيما وأن التعزيزات الاميركية تشمل ايضًا مضاعفة عدد كاسحات الألغام الى 8 كاسحات واضافة طائرات مقاتلة وهجومية.

وذهب قائد عسكري في الحرس الثوري الايراني الى حد التهديد بأن ايران سترد على هذه التحركات بنشر اعداد أكبر من الصواريخ القادرة على تهديد السفن الحربية الاميركية وقواعدها في الدول الحليفة في المنطقة.

ولدى البحرية الاميركية قناعة بأن القدرات التي توفرها السفينة بونس ضرورية للعمليات العسكرية لاحقًا، واقترحت على الكونغرس أن يوافق على الاستمرار في تنفيذ برنامج مدته 4 سنوات بكلفة 1.2 مليار دولار لبناء سفينتين خصيصًا لما يُسمى باللغة العسكرية quot;قواعد انطلاق متقدمة عائمةquot;.

وقال نائب وزير البحرية لبرامج السفن اليسون ستيلر إن القطعتين البحريتين اللتين يجري بناؤهما الآن هما اول سفينتين متخصصتين بهذه العمليات تحديدًا على النقيض من السفن الحربية التقليدية التي تقوم بهذا الدور موقتًا.وستكون السفينة الأولى جاهزة للخدمة بحلول عام 2015 والثانية بعدها بعام إذا وافق الكونغرس على تخصيص الاعتمادات المطلوبة.

وقال الادميرال كينث بيري في اتصال هاتفي مع صحيفة نيويورك تايمز من مقر الاسطول الخامس في البحرين إن القاعدة المتقدمة العائمة بونس quot;تمنحنا القدرة على إيصال امكانية التصدي لزرع الألغام مباشرة الى مسرح العملياتquot;.

واستخدمت القوات الاميركية منذ عقود سفنًا حربية وقطعًا بحرية مختلفة كمنصات للانطلاق منها في تنفيذ عمليات حربية سواء في الحرب العالمية الثانية أو الحرب الفيتنامية. وفي عهد أقرب أفرغت البحرية حاملة الطائرات كيتي هوك من طائراتها قبل غزو افغانستان وسلمتها الى القوات الخاصة لشن غارات على مواقع طالبان.

واكتسبت فكرة انشاء اسطول من القواعد العائمة أهمية مضاعفة مع اعادة تنظيم القوات المسلحة في التسعينات بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والبحث عن طرق للعمل بصورة مستقلة قرب مناطق النزاع. وكان من الأفكار المطروحة أن تُقطر منصات نفطية عملاقة الى منطقة النزاع ثم تُربط لبناء مطار كبير بما فيه الكفاية للمروحيات وحتى لطائرات النقل. ورُفضت الفكرة لأن المنصات ستكون مكشوفة للهجوم اولاً وثقيلة الحركة ثانيًا.

ويعتبر تصميم قواعد عائمة امتداداً لما يُسمى منصة الانزال المتحركة التي تُستخدم لنقل مشاة البحرية ومعداتهم الحربية من السفينة الى الساحل. وتتولى بناء منصات الانزال هذه شركة جنرال داينامكس ناسكو التي تبني القواعد العائمة الجديدة. وتبدو هذه القطع البحرية للعين غير الخبيرة شبيهة بناقلة النفط.

وستكون القطع البحرية الجديدة مجهزة بعنابر للمروحيات على السطح وبوابات لانطلاق زوارق صغيرة سريعة منها بحيث تكون صالحة للعمليات المتعددة التي تنفذها فروع القوات المسلحة على اختلافها. كما تضم القاعدة العائمة مستشفى ميدانياً ومنشأة لتنقية الماء.

وقال نائب وزير البحرية ستيلر إنها ستكون سفينة مصممة حسب الطلب كي تتمتع بهذه القدرة، في حين قامت البحرية بتحوير السفينة بونس لتوفير مثل هذه القدرة ولولا ذلك لكان البديل تفريغ سفينة أخرى لهذه المهمة.

ويلاحظ مسؤولون في البنتاغون والبحرية أن البحث الذي استمر عقودًا عن قاعدة متقدمة عائمة اصبح واقعًا في نهاية المطاف تحت ضغط القادة العسكريين وخاصة كبار الضباط في قيادة المنطقة الوسطى وقيادة العمليات الخاصة.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن المتحدث باسم قيادة المنطقة الوسطى تي. جي. تايلور أن العمليات المضادة لزرع الألغام ذات أهمية حاسمة لحماية خطوط الملاحة بتحديد مواقع الألغام وتعطيلها. واضاف أن الألغام البحرية تستهدف ضحاياها عشوائيًا وتتطلب برنامجًا قويًا من الاجراءات المضادة لضمان سلامة جميع القطع البحرية.