أكد نواف فارس، سفير سوريا السابق لدى العراق أن الدمار المأساوي الذي لا يصدق في البلاد كان من أهم الأسباب التي دفعته إلى الانشقاق عن نظام الأسد، مؤكدًا أن القاعدة تعاونت مع قوات الأمن لتنفيذ الانفجارات الكبرى.


نواف فارس

أشرف أبوجلالة من القاهرة: تحدث باستفاضة نواف فارس، سفير سوريا السابق لدى العراق، الذي انشق قبل أيام عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، عن الأسباب التي دفعته إلى الإقدام على تلك الخطوة، والتي جاء في مقدمتها حجم الدمار quot;المأساوي الذي لا يصدقquot; الذي تشهده بلاده.

نجحت صحيفة صنداي تلغراف البريطانية في إجراء حوار مطول وخاص مع السفير السوري السابق لدى العراق المنشق عن النظام عبر الهاتف من مقر إقامته الجديد في قطر، حيث أكد من جانبه على أمور عدة، وزعم أشياء عدة ضد نظام الأسد، الذي قال عنه إنه عازم تحقيق الانتصار مهما كان الثمن.

أكمل نواف بقوله إن الوحدات الجهادية التي ساعد نواف نفسه على إرسال دمشق إياها لمحاربة القوات الأميركية في الجارة العراق شاركت في سلسلة من الهجمات الانتحارية المميتة داخل سوريا، وأن الهجمات نفذت بناءً على أوامر مباشرة من نظام الأسد، على أمل أن يتمكن من تحميل الحركة الثورية مسؤولية ذلك، فضلاً عن أن الرئيس الأسد، الذي يسير على نهج والده العنيف نفسه، يعيش في quot;عالمه الخاصquot;.

وقد تحدث نواف، كاشفاً كل هذه الأسرار المثيرة، بينما تتواصل أعمال العنف في سوريا بلا هوادة، في الوقت الذي قتل فيه 28 شخصاً في كل أنحاء البلاد يوم أمس فقط.

في غضون ذلك، قامت بعثة من مراقبي الأمم المتحدة بزيارة إلى قرية quot;التريمسةquot;، وسط محافظة حماه، التي لقي فيها ما يصل إلى 200 شخص حتفهم يوم الخميس الماضي. وقالت الصحيفة من جهتها إن مثل هذه الفظاعات هي التي أجبرت نواف على الاستفسار تدريجياً بشأن ولائه للنظام، لينهي بانشقاقه الأخير 35 عاماً من الخدمة المخلصة التي عمل فيها كرجل شرطة ومحافظ ورئيس جهاز أمني سياسي.

ومضت الصحيفة تنقل عن نواف قوله: quot;في بداية الثورة، حاولت الدولة أن تقنع الناس أن الإصلاحات ستتم عما قريب. وعشنا على هذا الأمل لبعض الوقت. ومنحناهم ميزة الشك، لكن اتضح لي بعد أشهر عدة أن وعود الإصلاح لم تكن سوى أكاذيب. وحينها اتخذت قراري. وكنت أرى المجازر وهي ترتكب.. وليس بمقدور أحد أن يعيش مع نفسه، وأن يرى ما رأيته ويعلم ما علمته، ويبقى مع هذا كله في منصبهquot;.

ثم أشارت الصحيفة إلى أن أبرز تصريحات نواف، وأكثرها إثارة، هي تلك التي قال فيها إن الحكومة السورية نفسها لها يد في حملة التفجيرات الانتحارية التي تمت في كل أنحاء البلاد على المنشآت الحكومية، والتي تسببت في قتل المئات، وتشويه الآلاف.

وتابع حديثه هنا بالقول quot;أعلم يقيناً أنه لم يتعرّض أي ضابط مخابرات خلال الانفجار المزدوج الذي وقع أمام مبنى المخابرات العسكرية لأذى، حيث تم إخلاء المكان بكامله قبل وقوع الانفجار بـ 15 دقيقة. ولهذا كان الضحايا جميعهم من المارّة. وتم تنفيذ كل هذه الانفجارات الكبرى من قبل القاعدة من خلال تعاونها مع قوات الأمنquot;.

وأضاف نواف: quot;بعد غزو العراق عام 2003، بدأ يشعر النظام في سوريا بالخطر، وبدأ يخطط لتعطيل القوات الأميركية في العراق، ولهذا كوَّن تحالفاً مع القاعدة. ويتم تشجيع كل العرب والأجانب على الذهاب إلى العراق عن طريق سوريا، وكان يتم تسهيل تحركاتهم من جانب الحكومة السورية. وبحكم منصبي كمحافظ في ذلك الوقت، كنت أتلقى توصيات لفظية بأنه في حال كان يرغب أي موظف حكومي في الذهاب إلى هناك، فإنه سيتم تسهيل رحلته، وأن غيابه لن يتم الانتباه اليه. وأعتقد أن أيادي النظام ملطخة بالدماء، ويجب أن يتحمل مسؤولية الكثير من حالات الوفاة في العراقquot;.

وأشار نواف، وهو أب لستة أطفال كبار، إلى أنه اتخذ قراره بالانشقاق قبل خمسة أشهر، بعد وقوع أحداث دامية في أحد أيام الجمعة. ونتيجة لتخوفه من أن تؤثر خطوة كهذه على أفراد أسرته، فإنه قد بدأ على نحو تدريجي بإخراج أقربائه من البلاد. ثم تم إخراجه هو نفسه من بغداد في الأسبوع الماضي من جانب المعارضة السورية. لكنه رفض الكشف عن المزيد من تفاصيل تلك العملية، وإن أوضح أنه حرص على مواصلة مهامه المعتادة حتى آخر لحظة، بحيث لا تثار من حوله الشكوك.

وأضاف أيضاً أن آخر مقابلة تمت بينه وبين بشار، وجهاً لوجه، كانت قبل ستة أشهر، حيث طلب منه الرئيس وقتها بأن يستخدم نفوذه في دير الزور، ووعده بترقيته إن فعل ذلك. وأكمل: quot;وأخبرنا بشار كذلك بضرورة أن نؤكد على أن ما يحدث هو مؤامرة من الغرب تستهدف سوريا. وقد تحدثت مع الشيوخ والقادة المحليين، لكن رد فعل الناس تمثل في أنه لا يمكنك الوثوق في الأسد. وظني أنا هو أنه يعتقد تماماً أنها بالفعل مؤامرة محاكة ضده، لكنه يعيش الآن في عالم خاص بهquot;.

مع هذا، لم يبدُ نواف واضحاً بخصوص ما إن كان بشار يوجّه شخصياً بأعمال العنف أم لا. وختمت الصحيفة بتنويهها بأن نواف، مثله مثل الأسد، يواجه مستقبلاً غامضاً، خاصة بعدما تم فصله رسمياً من وظيفته، وبعدما بات ينظر إليه باعتباره خائناً.