يبدأ رمضان هذا العام في أجواء من الخوف والتوتر في دمشق التي تشهد اشتباكات بين الجيش السوري والمعارضين المسلحين بعد ايام على تفجير أودى بحياة أربعة من كبار المسؤولين الأمنيين في البلاد.


دمشق: يقول أحد الباعة الجوالين في شارع باب توما الذي كان يؤمه السياح في وسط المدينة لوكالة فرانس برس quot;هناك توتر. الناس خائفون. انهم يعتقدون الان أن كل شيء يمكن أن يحدث بعد عملية التفجيرquot;.

ويضيف قبل يوم من بدء رمضان السبت ان quot;اي حادث عرضي يمكن أن يولد ردود أفعال غير متوازنةquot;، في إشارة الى حالة الذعر السائدة.

واوضح ان quot;حادث سير بسيطا زرع الرعب في باب توما حيث أخذ الناس يجرون في كل الاتجاهاتquot; الاربعاء بعيد عملية التفجير التي أودت بحياة أربعة من كبار القادة الأمنيين في دمشق.

والأجواء نفسها تسود حي القصاع المجاور حيث اكد نضال الذي يعمل خياطا ان quot;التجار اغلقوا محالهم بعد التفجيرquot;.

سوريون يأملون في رحيل بشار الأسد خلال شهر رمضان

وقال أحد التجار طالبا عدم الكشف عن اسمه إن quot;عملية التفجير أثرت في الحياة في العاصمة وأصبح الناس أشد حذراquot;.

ورمضان شهر الصيام لدى العائلات المسلمة لكنه مناسبة لتتشارك العائلة الوجبات ولحركة التسوق.

وبلغت المعارك العاصمة بعد 16 شهرا من بدء الحركة الاحتجاجية كانت دمشق خلالها في منأى عن أعمال العنف التي تشهدها بقية المدن السورية.

وأسفر تفجير غير مسبوق الأربعاء عن مقتل وزير الدفاع العماد داوود راجحة ونائبه آصف شوكت وهو صهر الرئيس السوري بشار الاسد، والعماد حسن توركماني رئيس خلية الأزمة التي وضعها النظام لوقف الحركة الاحتجاجية ورئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار.

ويقول احد باعة الاقمشة في حي الصالحية التجاري quot;اي رمضان هذا؟ الوضع خطير والاشتباكات في وسط المدينةquot;.

وأكد احد سائقي الاجرة عامر انه لن quot;يحتفل برمضان هذا العام لأن اشقاءه الثلاثة في السجنquot;.

كما تشعر رهف ربة المنزل بأنها quot;لن تقضي رمضان كسائر المرات هذه السنةquot;.

وأعربت عن حسرتها بسبب ارتفاع الاسعار. وقالت quot;لم يعد يمكننا السهر خارجا او العودة بشكل متأخر الى المنزلquot; بعد الافطار عند مغيب الشمس.

وتضيف ابنتها نعمت quot;انتابني الخوف لاول مرة الثلاثاء حيث خلت الشوارع قبيل المغيب واغلقت المحال التجارية. من المحزن رؤية ذلكquot;.

وقد تمكن الجيش السوري من السيطرة على حي الميدان غير البعيد عن مركز المدينة التي يؤمها الناس عادة لارتياد المطاعم، لكن الاشتباكات التي بدأت الثلاثاء مستمرة في عدد من أحياء من العاصمة.

ويبدو كأنما الحياة توقفت في العاصمة حيث quot;تفوح رائحة الدمquot; على حد قول أحد التجار.

مقاتلون من المعارضة يؤدون الصلاة

وتقول سيدة تقيم في حي المزة الراقي غرب المدينة quot;نعيش في خوفquot;. وتضيف quot;لا يمكننا الفرار بسبب القصف ونحن خائفون من البقاء هناquot;

ويقول بشار الذي يعمل مصفف شعر quot;علينا حماية العاصمة، انظروا حولكم الدمار في المدن الاخرىquot;.

واغلقت أغلب المحال ابوابها في حيي الصالحية والشعلان بينما يضطر كثيرون للعودة أدراجهم وهم في طريقهم الى عملهم بينما قل عدد سيارات الاجرة.

وأكد أحد ممرضي مشفى في مدينة دمر بالقرب من العاصمة ان quot;نحو ربع العاملين فقط تمكنوا من المجيءquot; حيث قطعت الطرقات بدوريات الامن والجيش.

اما سمير وهو موظف ويسكن في مدينة جرمانا احدى ضواحي دمشق، فيقول quot;لقد قررت ارسال زوجتي وطفلي الى طرطوس (غرب)، بعيدا عن اعمال العنفquot; مضيفا ان quot;احدا الان لا يفكر برمضانquot;.

وفتح الاهالي القاطنون عند مدخل جرمانا المدارس لاستقبال المهجرين من البلدات المجاورة حيث اطلقت نداءات استغاثة عبر الجوامع.

وفي محافظة حماة السورية يقول أحد قادة المعارضين المسلحين مع انطلاق الدعوات الى الصيام من بعض المساجد إن شهر رمضان هذا العام quot;سيكون شاقا جداquot; مع ارتفاع درجات الحرارة الى اكثر من 40 درجة مئوية في الظل.

ورغم هذا الاعلان يوجد خلاف على بدء شهر الصوم في الريف السوري. فقد اعلنت دمشق رسميا ان الجمعة هو المتمم لشهر شعبان وان اليوم السبت هو اول ايام شهر رمضان، في حين اعلن المجلس الوطني الانتقالي أن الجمعة هو غرة رمضان.

وهكذا فان quot;نصف السكان لم يهتموا بالصيام اليومquot; كما يقول واحد من سكان احدى البلدات السنية quot;المحررةquot; المحيطة بمدينة حماة، في وسط سوريا، رغم دعوة المؤذن ليلا الى الصيام. ويضيف هذا الرجل وهو يدخن سيجارة quot;لكن الجميع سيلتزمون الصومquot; السبت.

ويقول احد quot;الثوارquot; الشباب ان صيام رمضان هدا العام quot;سيكون شديد الصعوبةquot; متسائلا عما اذا كان يمكن عدم الصوم في هذه السنة الاستثنائية مع احتدام المعارك بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة لتشمل جميع انحاء البلاد وسقوط اكثر من 17 الف قتيل منذ بدء حركة الاحتجاج في اذار/مارس 2011 وفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان.

ويقول قائد مجموعة من نحو 40 مقاتلا ان quot;رمضان سيزيد الوضع تعقيداquot;. ويضيف هذا القائد واسمه الحركي ابو عبد الله quot;لكننا سنشن عملياتنا ليلا لأن ذلك سيكون أسهل علينا. وغالبا هذا ما نفعله حتى في غير رمضان. فنحن نعرف الطرق والقرى افضل كثيرا مما يعرفها الجيشquot;.

الا ان الوضع يمكن ان يكون افضل بالنسبة إلى الجيش. ويوضح الضابط المنشق محمد جيدان الذي يقود مجموعة اخرى من عناصر الجيش السوري الحر انه quot;في الجيش السوري الذي ينتمي معظم افراده الى السنة (بالنسبة إلى الجنود حيث يكون الضباط غالبا من العلويين) لا يسمح بصوم رمضان او حتى الصلاة. ومن يفاجأ وهو يفعل ذلك يودع السجن فوراquot;.

ويضيف هذا الضابط الاربعيني الذي تغطي وجهه لحية رمادية طويلة ضاحكا quot;لن احلق لحيتي الا بعد سقوط النظامquot;.

ويقول quot;لحسن الحظ يبيح لنا الله عدم صيام رمضان وقت المعارك على ان نعوض هذه الايام بعد شهر رمضان او باطعام مسكينquot;.

لكنه يقر بان quot;الامر سيكون شاقا جدا رغم قوة ايمانناquot;.

من جانبه يقول قائد الجيش السوري الحر في محافظة حماة الملقب بابو احمد والذي يقول انه يرأس 12 الف مقاتل quot;ان شاء الله ينتهي الامر خلال شهر ومع انتهاء شهر رمضان نكون قد سيطرنا على دمشق ويكون النظام قد سقطquot;.