عناصر من الجيش السوريالحر في حلب

القاهرة: بدأت تنتشر على شبكة الإنترنت خلال الآونة الأخيرة مجموعة من المقاطع المصورة التي يظهر فيها رجال ملثمون يطلقون على أنفسهم الجيش السوري الحر ومعهم بنادق من طراز AK-47، وهي مقاطع مماثلة للمقاطع التي كان يتم بثها في الماضي، لكنها جاءت بفارق واحد فقط، وهو ظهور علمين لتنظيم القاعدة في الخلفية لونهما أسود، مكتوب عليهما بالعربية عبارات بيضاء اللون.

وقال أحد المتحدثين في مقطع من هذه المقاطع الجديدة باستخدام اللغة العربية الفصحى التي تفضلها القاعدة: quot;نقوم الآن بتشكيل خلايا انتحارية من أجل الجهاد في سبيل اللهquot;.

وأكدت في هذا الصدد صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; الأميركية أن هذا المقطع، الذي تم بثه على موقع يوتيوب، يعد دليلاً آخر على أن القاعدة وباقي المتطرفين الإسلاميين يبذلون قصارى جهدهم من أجل اختطاف الثورة السورية، بنجاح متزايد، وإن كانلا يزال محدوداً، لدرجة جعلت مسؤولي الاستخبارات الأميركية يعبرون علناً عن مخاوفهم، والمسؤولين العراقيين يبدون انزعاجهم على الملأ.

وفي الوقت الذي ما زال يواصل فيه القادة السياسيون والعسكريون للمعارضة في سوريا إنكار قيام المتطرفين بأي دور، فقد ساعدت القاعدة في تغيير طبيعة الصراع، بضخها السلاح الذي أتقنته في العراق - وهو التفجيرات الانتحارية - في العراك المستمر ضد قوات الرئيس بشار الأسد بوتيرة متزايدة.

وذكرت الصحيفة أن الأدلة بدأت تتزايد على أن سوريا أضحت نقطة جذب للمتطرفين السنة، خاصة الذين يعملون تحت شعار القاعدة. وسرعان ما تحولت منطقة باب الهوى، التي تعد من المعابر الحدودية الهامة مع تركيا والتي سقطت في أيدي الثوار السوريين الأسبوع الماضي، لنقطة تجمع للجهاديين.

وأعقبت الصحيفة بقولها إن تواجد الجهاديين في سوريا بدأ يتسارع خلال الأيام القليلة الماضية، لعدة أسباب من بينها التقارب مع التوترات الطائفية بامتداد حدود البلاد الطويلة في العراق. وأشار مسؤولون عراقيون إلى أن المتطرفين الذين يزاولون أنشطتهم في سوريا هم في كثير من الحالات المسلحون المنتشرونأنفسهم في كافة أنحاء العراق.

وفي مقابلة أجريت معه يوم أمس الثلاثاء، قال عزت الشهبندر، وهو مساعد مقرب من رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي: quot;نحن متأكدون بنسبة 100 % من خلال التنسيق الأمني مع السلطات السورية أن الأسماء المطلوبة لدينا هي الأسماء المطلوبة نفسها لدى السلطات في سوريا، خاصة خلال الأشهر الثلاثة الماضية. فعناصر تنظيم القاعدة التي تعمل في العراق هي العناصر نفسها التي تعمل في سورياquot;.

وفي حديث له مع الصحيفة يوم أمس، قال أحد أفراد القاعدة، وهو رجل يبلغ من العمر 56 عاماً ويطلق عليه أبو سها، ويعيش في منطقة الحويجة قرب كركوك في العراق: quot;لدينا خبرات الآن في مقاتلة الأميركيين، واكتسبنا خبرات أكبر الآن من خلال الثورة السورية. وأملنا الكبير هو أن نُكَوِّن دولة سورية عراقية إسلامية لجميع المسلمين، ثم نعلن الحرب على إيران وإسرائيل ونحرر فلسطينquot;.

ورغم عدم تمتع هذا الفرد بأي حيثية، إلا أن خططه المتكلفة التي عبَّر عنها قد رددها المسؤولون في جبهة نصرة أهل الشام، التي يقول عنها محللون استخباراتيون وعسكريون إنها فرع القاعدة الرئيس الذي يعمل في سوريا، مع جماعتين أخريين تابعتين للقاعدة يقال إنهما تنشطان أيضاً في سوريا، هما كتائب عبد الله عزام وكتيبة شهداء البراء بن مالك.

ومن الجدير ذكره أن الحكومة السورية تحاول منذ بدء الانتفاضة أن تصور المعارضة باعتبارها تخضع لهيمنة تنظيم القاعدة والحلفاء الجهاديين، وهو الأمر الذي تنكره المعارضة ويفند صحته مراقبون مستقلون.

وعادةً ما تصف وسائل الإعلام الرسمية السورية كل انفجار بأنه تفجير انتحاري، كما فعلوا وقت أن حدث انفجار يوم الثامن عشر من شهر تموز (يوليو) الجاري، الذي أودى بحياة أربعة على الأقل من كبار المسؤولين الحكوميين.

ومع هذا، أضحت سوريا مع مرور الوقت نقطة جذب للجهاديين، في الوقت الذي تطور فيه العراك إلى حرب طائفية بين المعارضة التي تخضع لهيمنة السنة وبين الحكومة والقوات الأمنية التي تخضع لهيمنة الطائفة العلوية.

وسبق لجيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، أن قال في شباط (فبراير) الماضي، خلال جلسة استماع في الكونغرس، إنهم خلصوا إلى وجود كل خصائص الهجمات التي يشنها تنظيم القاعدة في سلسلة التفجيرات التي نفذت ضد أهداف أمنية واستخباراتية في العاصمة السورية دمشق. وعزا ذلك، ومعه شهود آخرون من أجهزة المخابرات، إلى توغل فرع تنظيم القاعدة في العراق داخل الأراضي السورية.

وقبل إدلاء كلابر بتلك الشهادة بفترة قصيرة، أصدر أيمن الظواهري، الزعيم الواضح لتنظيم القاعدة منذ مقتل أسامة بن لادن، تسجيلاً صوتياً أثنى فيه بشدة على الثوار السوريين، واصفاً إياهم بـ quot;أسود الشامquot;.

بينما مضت الصحيفة تنقل عن دانييل بيمان، الخبير في شؤون مكافحة الإرهاب والأستاذ لدى جامعة جورج تاون والزميل لدى معهد بروكينغز، أنه من الواضح أن القاعدة تحاول ان تصبح أكثر نشاطاً في سوريا، مضيفاً أنها تفعل الآن مثلما سبق لها أن فعلت في الصومال ومالي، وقبل ذلك في الشيشان واليمن، حيث تسعى إلى تحويل صراع محلي لصالحها. وتابع بيمان حديثه بالقول: quot;لقد استفادوا كثيراً من تجربتهم في العراق. وقد كتبوا بالفعل كذلك عن هذا الأمرquot;.

بينما أوردت الصحيفة عن سمير نشار، عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري، قوله: quot;نسمع بين الحين والآخر عن وجود للقاعدة في سوريا، لكن لا يوجد أي دليل مادي حتى الآن على ذلك. وقد تحدث النظام عن ذلك، وصدرت بيانات سياسية عن الحكومة العراقية تفيد بأن القاعدة انتقلت من العراق إلى سوريا، لكن لا توجد معلومات على الأرض بأن هناك وجودًا لمقاتلين أجانبquot;.