طلاس في أنقرة خلال اللقاء مع وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو مساء الخميس

لندن: تبحث إدارة أوباما ومسؤولون من دول عربية وغربية سبل وضع العميد السوري المنشق مناف طلاس في مركز عملية نقل السلطة في سوريا، كما أفادت مصادر رسمية أميركية وعربية. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن المصادر أن التركيز على العميد طلاس صديق الرئيس بشار الأسد في أيام الطفولة، يتزايد مع تبدد الآمال المعقودة على نجاح المجلس الوطني السوري في توحيد المعارضة.

وقالت المصادر إن الجهود الرامية إلى ايجاد شخصية انتقالية مقبولة لروسيا التي تدعم الأسد وللدول العربية الكبرى فضلاً عن قبول المعارضة بها اكتسبت طابعًا أشد الحاحًا بتأثير النجاحات التي يحققها مقاتلو المعارضة في مدن سورية كبيرة وانشقاق مسؤولين كبار في النظام.

وأشارت المصادر إلى أن العميد طلاس واحد من القلائل بين شخصيات المعارضة التي يمكن أن تساعد في إعادة النظام في دمشق وتأمين ترسانة سوريا الكبيرة من الأسلحة الكيميائية. وكان العميد طلاس قائدًا في الحرس الجمهوري النخبوي قبل انشقاقه في 16 تموز/يوليو، وعمل والده وزيرًا للدفاع 30 عامًا في عهد حافظ الأسد والد بشار. كما أن طلاس عربي سني يأمل المسؤولون الغربيون بأن تجعله هويته هذه مقبولاً للمقاتلين وقادة المعارضة الذين غالبيتهم من السنة.

وقال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الاميركية لصحيفة وول ستريت جورنال quot;إن من السابق لأوانه القول ما إذا كان طلاس سيتحمل الضغط الواقع عليه ويكسب شعبية أو يتلاشى، وأن الاسبوع المقبل أو الاسبوعين المقبلين سيكشفان رصيده وجاذبيته للفصائل والأطراف المختلفة داخليًا ودوليًاquot;.

ولكن التركيز على العميد طلاس يؤكد ايضًا ندرة الشخصيات التي يمكن أن تكون بديلاً مقبولاً عن الأسد. فإن كثيرين في المعارضة ينظرون الى طلاس على أنه شديد الارتباط بآلة الأسد القمعية وفساد نظامه بحيث لن يكون مقبولاً للسوريين. كما يشككون في قدرته على كسب افراد الطائفة العلوية التي تشكل 12 في المئة من سكان سوريا وتبدو موحدة اساسًا وراء الأسد.

وقال الناشط عمار عبد الحميد الذي يقيم في واشنطن quot;إن من الصعب تسويق شخص مثل طلاس على الشعب السوري وهو بكل تأكيد لا يستطيع أن يقوم بأي دور قيادي في العملية الانتقاليةquot;.

وكان شح الخيارات المتاحة للغرب اتضح مؤخرًا بالتغيير الذي طرأ على موقف الاتحاد الاوروبي الداعم للمجلس الوطني السوري بعد أن اعتبرته بروكسل ممثل المعارضة الرسمي منذ اوائل 2012. إذ جاء بيان وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي حول سوريا يوم الاثنين خاليًا من أي اشارة الى المجلس الوطني السوري.

وقال دبلوماسي اوروبي إن نقطة الانعطاف كانت في مؤتمر اصدقاء سوريا الذي عقد في باريس في 6 تموز/يوليو عندما بدا المجلس الوطني السوري عاجزًا عن الاستجابة لدعوات الاتحاد الاوروبي الى توسيع قاعدته السياسية. ونقلت صحيفة وول ستريت عن الدبلوماسي الاوروبي قوله quot;إن المجلس لا يحقق تقدمًا في هذا الشأن على ما يبدوquot;.

وكانت واشنطن وبروكسل رحبتا بفرار العميد طلاس الى باريس بوصفه اسطع دليل على تصدع النخبة الحاكمة في دمشق. واعتُبر انشقاق طلاس دعوة الى الضباط السنة في الجيش السوري للاقتداء بمثاله. وظهر العميد طلاس على التلفزيون يوم الثلاثاء متعهدًا بالعمل من اجل التغيير في سوريا وتحقيق الوئام المذهبي والقومي بين مكونات الشعب السوري.

وكان طلاس يتحدث من السعودية حيث بدا متضايقًا بعض الشيء في قميص بياقة مفتوحة، على حد تعبير صحيفة وول ستريت جورنال ناقلة عن مصادر عربية أن ظهوره في السعودية يبين دعم الرياض للجهود الرامية الى اناطة دور بالعميد المنشق في المرحلة الانتقالية.

كما يأمل المسؤولون الاميركيون والاوروبيون بأن يسهم دور العميد طلاس في نيل دعم روسيا لنقل السلطة في دمشق نظرًا لعلاقة عائلة طلاس القديمة بنظام الأسد الذي يعود دعم روسيا له الى فترة الحرب الباردة. لكنّ سوريين يعرفون العميد طلاس وافراد عائلته يستبعدون امكانية قيامه بدور مركزي في أي عملية انتقالية نظرًا لدور عائلته في نظام الأسد على امتداد العقود الأربعة الماضية.

وقال سوري يعرف العائلة إنها منخرطة في التجارة وفي الجيش، وبالتالي quot;فهي مغطاة من الناحيتينquot;. وللعماد طلاس شقيق اسمه فراس فاز بعقود حكومية لاستيراد السكر وتموين الجيش مثلاً. وقال فراس طلاس إنه لا يستطيع التعليق حول ما إذا كان شقيقه يجري محادثات بشأن دور يضطلع به في عملية نقل السلطة.

ويضع بعض من يعرفون العميد طلاس قدراته القيادية موضع تساؤل. وقال صديق للعائلة إن العميد طلاس اعترض على استخدام القوة لقمع الانتفاضة في مناطق مثل حمص وحماة ودعا الى الحوار ولكنه لم يتمكن من الوقوف بوجه المتشددين من اركان النظام.