أشعل التصريح الذي أطلقه رئيس الحكومة المغربية، عبد الاله بنكيران، وقال فيه quot;عفا الله عما سلفquot;، في إشارة إلى عدم متابعة المتهمين في قضايا فساد، حالة من السخرية في الشارع المغربي، الذي يرى أنه يتوجب معاقبة الفاسدين في البلد.


الرباط: ما زال التصريح التلفزيوني لرئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، الذي قاله فيه quot;عفا الله عما سلفquot;، في إشارة إلى عدم quot;النبش في الملفات القديمةquot; ومتابعة المشتبه بهم والمتهمين بنهب المال العام، (ما زال) يثير الكثير من ردود الفعل، التي استغربت تغيير الخطاب في ما يخص quot;محاربة الفسادquot;، علمًا أنه كان الشعار الأساسي الذي خاض به حزب العدالة والتنمية الانتخابات التشريعية، وفاز به.

واعتبر المنتقدون أن اعتماد هذا المنطق يعد بمثابة إعطاء الضوء الأخضر لاستمرار الفساد، معتبرين أنه تعطيل للدستور، الذي أكد رئيس الحكومة التزامه بتنزيله.

الصورة التي يتبادلها نشطاء فايسبوك وتسخر من الحكومة المغربية

وفجر هذا التعبير طاقات السخرية لدى المغاربة، إذ تداول نشطاء في موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك) صورة لنجوم مسلسل quot;فرقة ناجي عطا اللهquot;، أدخل عليها تعديل يتمثل في اعتماد وجوه وزراء العدالة والتنمية بدل الممثلين الأصليين، في حين أسند دور عادل إمام إلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، قبل أن يكتب تحتها quot;فرقة عفا اللهquot;.

وفي تعليق على التعبير الصادر عن رئيس الحكومة، قال محمد طارق السباعي، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام في المغرب، quot;إنه خيب آمال الشعب المغربي، الذي ناضل طيلة أكثر من خمسة عقود من أجل محاربة الفساد والاستبدادquot;، وزاد موضحًا quot;لقد كانت الشعارات المرفوعة قبل دستور 2011 وصعود هذه الحكومة، هي محاربة الفساد في كل مكان، لكن تصريحات بنكيران أثبتت بشكل واضح أنه كان ولا يزال في خدمة الفساد والمفسدينquot;.

وأضاف محمد طارق السباعي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;لا حق لرئيس الحكومة في أن يقرر العفو عن لصوص المال العام، لأنه بلغة الأرقام لا يمثل في مجلس النواب، هو والأحزاب المحيطة به، إلا ربع الكتلة الناخبة، وبالتالي فقرار العفو عن ناهبي المال العام هو موكول للملك، سواء قبل المتابعة، أو بعد المتابعة، أو بعد الحكمquot;.

أما بنكيران، يشرح رئيس الهيئة، quot;فلا حق له في أن يصدر هذا القرار. إنه بلغة القانون الجنائي يجب أن يكون في السجن، لأنه متستر على عصابات إجرامية ومافيات ظلت تنهب خيرات البلاد منذ الاستقلال إلى الآن. إنه يعتبر مسؤولاً عن تهريب الأموال إلى الخارج. فقد كان بعبعًا لناهبي المال العام، قبل توليه رئاسة الحكومة، لكنه الآن أصبح ذلك الشخص الذي يحمي ناهبي المال العامquot;.

من جهته، أكد محمد أبيض، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري (المعارضة)، أن quot;التصريح الذي أدلى بهرئيس الحكومة لا يمحي أموراً لديها طابع قانوني ومؤسساتي، إذ لا يمكن أن يأتي إنسان ويقول بأنني أسامح. فهذه مسألة تتعلق به شخصيًا، والبلاد لديها مؤسساتquot;.

اجتماع للحكومة المغربية

وأضاف القيادي السياسي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;أعتبر أنه إذا طبق (عفا الله عما سلف) فإن المحاسبة تبقى للمواطن، الذي سيحكم عليهquot;، وزاد مفسرًا quot;نحن لدينا موقف في هذا الجانب، ونقول إنه، في ما يخص ملفات التي يثار حولها الكثير من الجدل، يجب أخذ موقف استرجاع أموال الدولة والمواطنين، وبعدها نقول (عفا الله عما سلف) في ما يخص العقوباتquot;.

وقال الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري quot;يجب استرجاع الأموال أولاً، ثم بعدها تبقى المتابعة من عدمها مسألة شكلية. فهدفنا ليس أن يدخل الناس إلى السجن، بل أن لا يستمر أشخاص في نهب أموال الدولةquot;.

من جانبه، أوضح محمد بولمان، عضو الحزب الاشتراكي ومحامي في هيئة الرباط، أن quot;شعار العدالة والتنمية في الانتخابات كان هو إسقاط الفساد والاستبداد، وباعتبار أن الأصوات التي حصل عليها الحزب كانت بناء على برنامجه الانتخابي، فإنه يجب أن يلتزم بما ورد في برنامجه من تحسين وضعية البلاد ومحاربة الفسادquot;.

وأضاف محمد بولمان، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;نحن نستغرب تصريح عبد الإله بنكيران، وإذا كنا سنعفي على الناس المعروفين، والذين لدينا أدلة على أنهم نهبوا ثروات البلاد إلى غير ذلك، فإن هذا يعدّ تراجعًا عن المسائل التي كان ينادي بها حزب العدالة والتنمية، والتي على أساسها وصل إلى رئاسة الحكومةquot;.

وأشار الناشط السياسي إلى أن quot;هذا ضرب للقوانين والمحاسبة، لأن المسؤولية تربط بالمحاسبة، وإذا لم نكن سنحاسب الناس، فإننا نؤسس لاستمرارية الفساد ونهب ثروات البلاد، وتخريب الاقتصاد الوطني، والرشوة، واستغلال النفوذ...quot;.

وكانت منظمات حقوقية نبّهت، في بيانات لها، إلى الخطورة التي تنطوي عليها تلك التصريحات، التي تتعارض كليًا مع روح الدستور.