عدد المتوفين بسبب التدخين يوازي عدد ضحايا الحرب

تشير الإحصائيات إلى أن اكثر من ثلث سكان العراق هم من المدخنين، وتتركز الأغلبية بين الذكور الذين يجدون ضالتهم في سجائر رخيصة الثمن، وهو السبب الأساسي لإرتفاع نسبة المدخنين في البلاد.


بغداد: بعد مضي أشهر على إقرار قانون يقضي بمنع التدخين في الأماكن العامة في العراق، تفيد المشاهد على الأرض أن الأمر سيان بالنسبة لبعض المدخنين، سواء طبق القانون أم لم يطبق، لأنهم ببساطة لا يستطيعون الالتزام به، ويتزامن ذلك مع ازدياد الأنواع المختلفة من السجائر التي تدخل العراق من دون أن تظهر بوادر سيطرة على نوعية وكمية التبوغ المستوردة عبر الحدود، والتي هي في الكثير منها بضاعة مقلّدة تفتقر إلى الشروط الصحية اللازمة.

ولا يرى الشاب خضر علي أي تطبيق أو التزام بقانون حظر التدخين، ففي ليالي رمضان، تصاعد دخان السجائر والنرجيلة في الكازينوهات والمطاعم في ظاهرة تثير الانتباه حول الإنتشار الواسع لتعاطي الشيشة لاسيما بين الشباب.
ويرجع أبو حامد من كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد)عدم التزامه بقانون الحظر إلى عدم قدرته على ترك السيجارة ولو لدقيقة واحدة، معترفًا بأنه مدمن على التدخين.

ويمسك ابو حامد السيجارة بين أصابع مرتعشة، وتنبعث رائحة الدخان من جسمه.
وتشير الإحصائيات إلى أن اكثر من ثلث سكان العراق هم من المدخنين، وتتركز الأغلبية بين الذكور الذين يجدون ضالتهم في سجائر رخيصة الثمن قياسًا إلى أسعارها في الدول المجاورة.

لكن الباحث الاجتماعي قاسم محمد يرى أن عدم الالتزام بالقانون من قبل البعض، هو نتيجة لعدم تعودهم على النظام واتباع القوانين، مؤكدًا أن هؤلاء لا يتجاوزون قانون التدخين فحسب، بل القوانين الأخرى أيضًا.
وعلى العكس تمامًا مما يراه المناهضون لحظر التدخين، يؤكد انمار القيسي، أن الكثير من مؤسسات الدولة والجامعات نجحت في تطبيق القانون.

ويتابع: ينجح حظر التدخين في الأوساط الأكاديمية والمتعلمة أكثر من نجاحه بين الأوساط الشعبية.
ويعتقد قاسم أن لدى العراقيين اليوم الوعي والإرادة الكافيين ليقولوا للمدخن كفى.
وبحسب الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية العراقية عبد الحسين جبر رشيد، فإن الأسواق المحلية تتوفر على نحو 126 نوعاً من السجائر كلها مستوردة.

وتنص المادة 4 من قانون حظر التدخين في الأماكن العامة، على منع التدخين داخل مباني الهيئات الرئاسية والوزارات والدوائر والمؤسسات التعليمية والتربوية والصحية والمطارات والشركات والمصانع في المحافظات كافة، والمسارح ودور العرض والفنادق والنوادي والمطاعم وقاعات الاجتماعات والمناسبات ومكاتب العمل والأسواق التجارية، بالإضافة إلى منعه داخل وسائط النقل العام والخاص الجماعية البرية والبحرية والجوية، في الرحلات الداخلية والخارجية ومحطات الوقود كافة.

وتنص المادة 5 على تخصيص مواقع خاصة للتدخين في الأماكن المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون بمواصفات معينة.
وتشير بيانات وزارة الصحة العراقية إلى أن أعداد ضحايا التدخين في العراق توازي أعداد ضحايا الحروب والعمليات الإرهابية.

انخفاض أسعار السجائر يزيد من نسبة المدخنين

وبسبب انخفاض أسعار التبغ و السجائر، أصبح العراق الأعلى في معدل أعداد المدخنين في الشرق الأوسط، كما أن انتشار مقاهي النرجيلة شجع الشباب على السيجارة والشيشة، حيث يستمر هؤلاء بالتدخين لساعات طويلة.
لكن الطبيب كاظم شكر ينتقد التهاون في تطبيق الحظر مشيرًا إلى حالات الوفاة والأمراض بسبب التدخين.

ويقول أحمد القيسي الذي لم يدخن يومًا، إن حظر التدخين لم يطبق على أرض الواقع، داعيًا إلى معاقبة كل من يدخن في الأماكن العامة وإلى فرض غرامات بحق المدخنين.
بائع السجائر باقر الجبوري، يرى أن تجارتها مازالت فاعلة، وهو مؤشر على ازدياد اعداد المدخنين.

غير أن صاحب كازينو المساء في بابل (100 كم جنوب بغداد) يشير بإصبعه إلى كثرة الذين يدخنون النارجيلة التي تنتشر بين الشباب والفتيان، مؤكدًا أنها تحولت إلى موضة وأسلوب حياة يصر عليه البعض.
لكن الطبيب شاكر ينبه إلى أن الخطورة تزداد حين تنحصر النسبة الأعلى من المدخنين بين الشباب لاسيما تعاطي النرجيلة.

وينبه شاكر إلى وجود اعتقاد شائع بين كثيرين وهو أن النرجيلة أقل ضررًا على الصحة من السيجارة، وهو ما ينفيه الطب.
ويلاحظ المتجول في المدن، الأعداد الهائلة من باعة السجائر من الذين يفترشون الأرض في دلالة واضحة تشير إلى الانتشار الكبير للمدخنين في البلاد.