مخيم للاجئين السوريين في الأردن

تقيم مجموعة من كبار ضباط الجيش والشرطة المنشقين عن الجيش السوري في معسكر سري في الأردن قريب من موقع كانت تستخدمه سابقًا أميركا لتدريب قواتها أثناء الحرب في العراق،فيما تدعو تركيا لإقامة مخيمات للاجئين داخل الأراضي السوريّة، وهو ما عارضته الأمم المتحدة.


عمّان: في منطقة معزولة من الصحراء الأردنية أقيم معسكر سري يخضع لحراسة مشددة يضم ما يقارب 1200 من كبار ضباط الشرطة والجيش المنشقين عن النظام السوري. ويعيش هؤلاء الرجال في مقطورات ويمضون أيامهم في مشاهدة التلفاز ومتابعة الانترنت للتعرف إلى أخبار الحرب الأهلية الدائرة في سوريا.

وقالت وكالة quot;أسوشيتد برسquot; إن الوصول إلى المنشقين يعدّ مقيدًا، حرصًا على حمايتهم، مشيرة إلى أن الجيش الأردني يدير المعسكر، القريب من موقع كان يستخدم سابقا من قبل الولايات المتحدة لتدريب بعض قواتها للحرب في العراق.

وأوضحت أن المنشقين يعيشون بمفردهم بعيدًا عن عائلاتهم التي تعيش خارج المعسكر بالقرب من الحدود الشمالية في مدينة المفرق، لكنهم يستطيعون الحصول على تصريح من الشرطة لزيارتهم.

وأكدت الوكالة أن المنشقين في المعسكر يستطيعون التواصل مع أعضاء الجيش السوري الحر داخل الأردن وخارجه سواء شخصيا أو عبر الهاتف أو الإنترنت، ولكن دون تبادل لأي معلومات استخباراتية قيمة، وذلك وفقا لمسؤولين أمنيين أردنيين رفضوا الكشف عن أسمائهم لأنه غير مسموح لهم الإدلاء بأيّ بيانات صحافية.

وتعد هذه التسهيلات دليلاً على الدور المتنامي للأردن في دعم المعارضة السورية لكن في الوقت ذاته تريد المملكة تفادي التوتر مع جارتها الشمالية الأكثر قوة خوفًا من أن يبقى بشار الأسد في السلطة. وقد رفض الأردن عشرات المطالبات من الحكومة السورية بتسليم المنشقين عنها، كما أنه يسمح لمئات المتمردين السوريين بالدخول والتحرك بحرية في أراضيه.

وليس من الواضح ما إذا كان رئيس الوزراء السوري السابق رياض حجاب، الذي انشق مؤخرا عن النظام السوري بالتعاون والتنسيق بين الحكومة الأردنية والجيش السوري الحرّ، قد أقام في هذا المعسكر أو في مكان آخر.

وقد رفضت السلطات الأردنية التعليق على هذا المعسكر قائلة إنها quot;لا تمتلك سوى معلومات ضئيلة عن المنشقينquot;. وقد فرّ المنشقون في المعسكر على دفعات منذ بدء الانتفاضة، حيث تم تهريبهم عبر الحدود الشمالية من قبل الجيش السوري الحر ليتم التحقيق معهم من قبل المخابرات الأردنية للتأكد من شخصياتهم وصحة رواياتهم، حسبما ذكر مصدر أمني أردني.

وأضاف المصدر أن quot;أعمار المنشقين تتراوح بين 40 و60 عاما ويعاني بعضهم أمراضا مزمنة منها ضغط الدم والسكر وأوجاع في الظهر ما يحول دون وجودهم في الصفوف الأمامية أو الانضمام إلى الثوارquot;.

وأوضح أن quot;عددا آخر من المنشقين من كبار رجال الشرطة والجيش السوريين موجودون في مكان سري ما، من بينهم العقيد في سلاح الجو السوري حسن حمادة الذي فر بطائرته الميغ 21 إلى الأردن في 21 يونيو/حزيران الماضيquot;.

تركيا تدعو لإقامة مخيمات للاجئين داخل سوريا والأمم المتحدة تعارض

وعلى صعيد متصل، حثت تركيا الخميس مجلس الامن الدولي على اقامة مخيمات داخل الاراضي السورية للمدنيين مشددة على انها غير قادرة على مواجهة تدفق اللاجئين الذين يصلون الى الحدود هربًا من المعارك الدائرة في سوريا. لكن مسؤولي الامم المتحدة عبروا عن معارضتهم هذا الاقتراح فيما كانت فرنسا وبريطانيا حذرتا من عراقيل دبلوماسية وقانونية كبرى تعيق اي تحرك لإقامة مناطق عازلة قد تتطلب حماية عسكرية.

وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو في مجلس الامن الذي عقد جلسة على المستوى الوزاري الخميس حول سوريا ان تركيا لن يكون بمقدورها قريبا مواصلة استقبال المزيد من اللاجئين السوريين، مشيرا الى ان عدد اللاجئين في تركيا بلغ حاليا 80 ألفا وان اربعة الاف لاجئ يعبرون الحدود كل يوم في حين هناك عشرة الاف ينتظرون على الحدود دورهم للعبور.

وذكر الوزير التركي بوجود اكثر من مليوني نازح سوري بحسب الامم المتحدة، مؤكدا انه quot;امام هكذا كارثة انسانية يتعين على الامم المتحدة ان تبدأ من دون تأخير بإقامة مخيمات للنازحين داخل سورياquot;. واضاف quot;حتما فإن هذه المخيمات يجب ان تتمتع بحماية كاملةquot;، من دون ان يوضح طبيعة هذه الحماية.

واكد داود اوغلو ان تركيا quot;لا يمكنها مواجهة الدفق الراهن من اللاجئينquot;، داعيا الى quot;التركيز منذ الان على الاجراءات الواجب اتخاذها داخل الحدود السوريةquot;. لكن نائب الامين العام للامم المتحدة يان الياسون حذر من ان الدعوات لإقامة ممرات انسانية تثير quot;مسائل خطيرة وتتطلب بحثا دقيقا وحاسماquot;.

من جهته، انتقد المفوض الاعلى لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة انتونيو غوتيريز الخميس بشدة فكرة إقامة مناطق آمنة للمدنيين داخل الاراضي السورية، مؤكدا ان هذا المقترح يتناقض والقانون الانساني. وقال غوتيريز ان quot;المبدأ المعترف به دوليا هو ان لكل انسان الحق في البحث عن ملجأ في بلد آخر والحصول عليهquot;.

واضاف ان quot;هذا الحق لا يمكن تعريضه للخطر، مثلا عبر اقامة ما يسمى مناطق آمنة او ترتيبات اخرى مشابهةquot;. واكد ان quot;التجربة اظهرت للاسف انه نادرا ما يكون بالامكان تأمين حماية وامن فعالين في هكذا مناطقquot;، في اشارة واضحة الى مجزرة سريبرينيتسا (البوسنة) في 1995 والتي وقعت في جيب كان موضوعا رسميا تحت حماية الامم المتحدة.

ويخشى مسؤولو الامم المتحدة ان تؤدي مناطق عازلة محمية عسكريا الى تهديد حيادية العاملين في المجال الانساني. وتقدر الامم المتحدة ان هناك 1.2 مليون نازح سوري.