الدوحة: كان النموذج الاسلامي التركي الموضوع المهيمن على ندوة quot;الاسلاميون والثورات العربيةquot; التي بدات اعمالها اليوم الثلاثاء في الدوحة، حيث اعتبره بعض القادة الاسلاميين العرب المشاركين quot;وهماquot; فيما اعتبره اخرون quot;تجربة ناجحةquot; يجب الاقتداء بها.

وقال الزعيم الاسلامي السوداني حسن الترابي ان quot;الحديث عن نموذج تركي للحكم الاسلامي قضية مغلوطة ووهم (..) لان المشروع التركي لم يكتمل اصلاquot;. واضاف الترابي ان quot;الحكومة التركية مضغوطة محاصرة من طرف الجيش وبالتالي فانها تحاول مخاتلة الواقع والتدرج في اسلمة المجتمع كلما امكنها ذلك وبدون ضجيجquot;.

الا ان زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي يعتقد ان التجربة الاسلامية التركية في الحكم quot;ناجحةquot; وانه من quot;من الممكن لاسلاميي العالم العربي انتاج افضل منها بتحقيق المصالحة بين الاسلام والدولةquot;. وتعقيبا على الترابي، قال الاعلامي اللبناني عبد الوهاب بدرخان إن quot;النظرة الاسلامية العقائدية تحكم على المشروع التركي من منظور امانيها وليس من منظور الواقع التركي الذي افرز هذا التوازن الناجحquot;.

ويرى بدرخان ان quot;الاسلاميين العرب غير قادرين على بلوغ النجاح التركي لانهم لم يرثوا دولا قائمة على المؤسسات والقانون كما الاسلاميين الاتراكquot;. وشارك الاكاديمي التونسي الاسلامي المقرب من حركة النضهة ابو يعرب المرزوقي بدرخان الراي وقال انه quot;من المستحيل تحقيق ما وصلت اليه تجربة الاسلاميين الاتراك في الحكم في العالم العربيquot;.

وعزا المرزوقي ذلك لكون quot;النضوج السياسي الذي حصل للاتراك في عهد كمال اتاتورك لم يحصل في العالم العربيquot;. وبذلك يختلف راي ابو يعرب المرزوقي كليا مع راي رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي الذي كان ذكر في وقت سابق ان quot;الاتراك استانسوا ببعض كتاباته في رسم طريق نجاحهم في الحكمquot;.

لكن المرزوقي دعا الى quot;تحرير الاسلاميين والعلمانيين العرب على حد سواء من عملية التقابل الحدية التي وجدوا انفسهم فيهاquot;. وقال ان quot;الاتراك نجحوا عندما تبين لهم ان المثال الفرنسي في عزل الدين تماما عن الواقع لن ينال رضاء الشعبquot;. وخلال احدى جلسات الندوة دعا القيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي عبد العالي حامي الدين الى quot;الانعتاق من النموذج التركيquot;.

من جهتها، قالت الناشطة الاردنية توجان الفيصل إن quot;الاسلاميين الاتراك تحركوا على اساس قاعدة اقتصادية متينة وعيونهم على الانضمام للاتحاد الاوروبي ما اهلهم للانعتاق من السلفية عكس الاسلاميين في العالم العربي الذين ينتمون الى مرحلة تاريخية منتهية ويتصرفون بانفصام مع الواقع وكانهم خلفاء راشدون معزولونquot; بحسب تعبيرها.

واضافت الناشطة العلمانية ان quot;الاتراك ذاتهم اوشكوا على الانجرار الى النموذج العربي السلفي عندما عاودتهم احلام التمدد وعظمة السلاطين العثمانيين بعد الثورات العربية الاخيرة، لكنهم بداوا يراجعون انفسهمquot;.

وخلصت الفيصل الى اعتبار ان quot;تركيا لن تدعم النهج الاسلامي العربي السلفي، وبذلك سيتكرس الفارق بين الاثنين اكثر فاكثرquot;. من جهته، يرى المفكر الاسلامي المصري فهمي هويدي انه quot;لا يمكن استنساخ النماذج الاسلامية في الحكم بل يمكن الاستفادة المتبادلة من بعضها البعض وذلك بالنظر الى اختلاف التركيبات الاجتماعية والثقافيةquot;.

واضاف في معرض شرح رايه لوكالة فرانس برس quot;مثلا، العلمانية دين في تركيا، لكنها سيئة السمعة في العالم العربيquot;. وذهب الشيخ حسن الترابي ايضا الى ان quot;لكل بيئة مقتضياتها واحكامها وان كانت الاهداف واحدة بين كل الاسلاميينquot;.

واضاف quot;هناك فارق واسع على سبيل المثال بين اليمن التي لم يتم احتلالها ابدا وبالتالي لم تعش العلمانية اطلاقا وبين تركياquot;. كما نوه الترابي الى نقطة quot;الارث الثقافي للشعوب، حيث تختلف المجتمعات العربية التي استعمرها الفرنسيون فعلمنوها عن تلك التي استعمرها الانكليز حيث الملكة لا تزال رئيسة الكنيسةquot;.

وفي هذا الاطار اعتبر المرزوقي ان quot;الحركة الاسلامية في تونس ستكون مضطرة للتصالح مع نمط المجتمع الذي عاش مرحلة العلمانية كما اضطر الى ذلك الاسلاميون الاتراك مع وجود الفارق بين خصوصيات المجتمعينquot;. كذلك يرى عبد الوهاب بدرخان ان quot;محاولة فرض نمط حكم اسلامي عقائدي سيواجه الفشل المحتوم في العالم العربي لان اغلب المجتمعات تلقت جرعة من العلمانية تمكنها من الوقوف في وجه المد السلفيquot;.

وتناقش ندوة quot;الاسلاميون والثورات العربية .. تحديات الانتقال الديموقراطي واعادة بناء الدولةquot;، التي ينظمها مركز الجزيرة للدراسات على مدى يومين، عدة مواضيع من اهمها quot;الحقوق السياسية في سياق صعود الاسلاميينquot; وquot;هواجس الاقباط من الاسلام السياسيquot; وquot;ادارة التعددية والتوافق السياسيquot; وquot;الاسلاميون والعلاقات الخارجية والمعاهدات الدوليةquot;.

ويشارك في الندوة اغلب زعماء التيارات الاسلامية في بلدان الربيع العربي مثل راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الحاكمة في تونس وخيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الاخوان المسلمين الحاكمة في مصر وعلي صدر الدين البيانوني المراقب العام السابق للاخوان المسلمين في سوريا وابراهيم المصري الامين العام للجماعة الاسلامية في لبنان.