زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن

في سردها لتفاصيل العملية الأميركية التي انتهت بمقتل أسامة بن لادن في باكستان، لم تقدّم وسائل الإعلام تكهناتها حول الهجوم، بل استقت معلوماتها من تسريبات خرجت من الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس الأميركي باراك أوباما.


أعلنت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تفاصيل جديدة ومثيرة بخصوص العملية التي تمكنت من خلالها من قتل زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، حتى في الوقت الذي تهدد فيه بتوجيه تهم جنائية ضد أحد أفراد فريق quot;سيلquot; التابع للبحرية الأميركية بسبب كشفه عن نفس نوع المهمة في كتابه الذي صدر أخيراً.

وأظهر تحقيق أجرته صحيفة quot;واشنطن تايمزquot; الأميركية أن عدة تفاصيل ورد ذكرها في الكتاب quot; ما من يوم سهل No Easy Dayquot; قد ظهرت بالفعل مطبوعة استناداً إلى مقابلات أجريت مع مسؤولين في الإدارة وسوف تدرج في فيلم جديد وفي كتاب آخر.
وربما ظهر الوصف الأكثر تفصيلاً للعملية في مقال تم نشره عام 2011 في مجلة النيويوركر بناءً على مقابلات أجريت مع مسؤولين بالبيت الأبيض. وقال مصدر مقرب من فريق quot;سيلquot;، الذي نفذ العملية في أيار/ مايو عام 2011، إن أفراد الوحدة أُخبِروا بعد نشر المقال إن تلك الرواية بنيت، بشكل جزئي، على مقابلة مصرح بها مع أحد المسؤولين الذين قاموا بالتخطيط لتلك المهمة. ولفتت كذلك واشنطن تايمز إلى أن رسائل بريد إلكتروني خاصة بالإدارة الأميركية تم الكشف عنها الشهر الماضي في قضية حرية معلومات كشفت عن وجود تعاون استثنائي بين مخرجين يعملون بفيلم عن الغارة التي أسفرت عن مقتل بن لادن والمسؤولين السياسيين.
وأوضحت الرسائل البريدية أن شخصاً واحداً على الأقل ممن شاركوا في الغارة قد أجرى مقابلات مع مخرج وكاتب الفيلم. وأشارت الصحيفة إلى أن كتاباً، سيصدر قبل ثلاثة أسابيع من انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في السادس من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، سيسرد بالتفصيل الغارة التي استهدفت بن لادن خطوة بخطوة.
وطبقاً لما نقلته الصحيفة عن المصدر المقرب من فريق quot;سيلquot;، فإن المعلومات التي سيوردها ذلك الكتاب قد استمدت من التعاون الذي تم مع البيت الأبيض. هذا ويواجه مات بيسونيت، مؤلف كتاب quot;ما من يوم سهلquot;، وهو عضو سابق بفريق quot;سيلquot; كان يستخدم اسم مارك أوين، تهديدات من قبل البنتاغون بأن تتم ملاحقتهم بتهم جنائية باعتباره أول من كشف عن معلومات خاصة بعملية تصفية بن لادن.
واتهم جورج ليتل، ناطق باسم وزير الدفاع بيون بانيتا، بيسونيت بتورطه في إفشاء أسرار. بينما رد محامي بيسونيت في خطاب بقوله إن الكتاب لا يحتوي على أي معلومات سرية وأن موكله لم يخرق اتفاق عدم الكشف الذي يدعو للمراجعة قبل النشر.
ومن جانبه، قال تشارلز غيتينز، محامي الجرائم الجنائية الذي سبق له الدفاع عن العشرات من العملاء العسكريين الذين كان من بينهم أفراد بفريق سيل quot;سربت إدارة أوباما بشكل إستراتيجي تفاصيل متعلقة بعملية بن لادن لتحقيق مصالح سياسية. وفي ذلك الكتاب المزعوم، يتحدث الكاتب عما لاحظه بصورة شخصية، وهو أمر لا يمكن تصنيفه سرياً، وهو ما أثق أن الإدارة تدركه ولهذا لم تتحرك بقوة لوقف النشرquot;.
وتابع غيتينز حديثه بالقول quot; إن استخدام التسريبات الإستراتيجية لتحقيق مكاسب سياسية، مع التذمر من كتابة أحد شهود العيان عما رآه وفعله، هو بالفعل قمة النفاقquot;.
وأضافت الصحيفة أن موقف البنتاغون واضح، وهو أن ذلك العضو السابق بفريق سيل قد انتهك القواعد المنصوص عليها بفشله في مراجعة كتابه قبل النشر. وقد أدى اندفاع البيت الأبيض للكشف عن تفاصيل عملية بن لادن إلى ظهور العشرات من الكشوفات التي سبقت كتاب quot;لا يوم سهلquot; بخصوص غارة بن لادن بالصحف والمجلات.
وبينما تم نشر الجانب الأكثر تفصيلاً للعملية في عدد الثامن آب/ أغسطس عام 2011 لمجلة النيويوركر، فقد أكد كاتب المقال إنه لم يقابل أي من الـ 24 شخص الذين شاركوا في المهمة. بينما ارتكز المقال على تصريحات من أحد ضباط العمليات الخاصة.
وبسؤاله عما إن كانت المجلة قد حصلت على ترخيص لإجراء مقابلة مع أحد مخططي العملية، قال متحدث باسمها لواشنطن تايمز إن قصة الكاتب ارتكزت على عدة مصادر، مضيفاً أنهم كمجلة يسيرون وفق سياسة تقضي بعدم مناقشة المصادر السرية.
وقال المصدر المقرب من فريق سيل إن أفراد الفريق علموا أن الرئيس أوباما وأميرال البحرية ويليان ماكرافين، الذي يترأس قيادة العمليات الخاصة الأميركية، قد تعاونا مع مؤلف الكتاب. فيما قال مسؤول الدعاية عن الكتاب، في تصريحات لصحيفة واشنطن تايمز quot; لا يمكنني تأكيد ما إن كانت قد أجريت مقابلة مع أوباما أم لاquot;.
كما ذهب البيت الأبيض لما هو أبعد من ذلك، بتقديمه المساعدات للمسؤولين في هوليوود من أجل تجهيز فيلم عن الغارة التي استهدفت بن لادن، وكان من المقرر أن يطرح الفيلم الذي جاء بعنوان quot; Zero Dark Thirtyquot; قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكن تم تأجيله حتى كانون الأول/ ديسمبر المقبل. وفي أعقاب اجتماع أجرى في تموز/ يوليو الماضي بمقر السي آي إيه، وشارك به المخرج وكاتب السيناريو وأحد أبرز مسؤولي الوكالة الاستخباراتية، كتبت ماري هارف، متحدثة باسم السي آي إيه، في رسالة بريدية quot; أخبرناهم أننا هنا لمساعدتهم فيما يحتاجونهquot;.