فجر الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي العديد من الأسئلة في ليبيا، وأبرزها، إلى أين تذهب البلد؟ وخاصة في ظل انتشار المليشيات المسلحة، وعدم قدرة الحكومة على تفكيكها. وبعد عقود عاشتها ليبيا تحت حكم القذافي، باتت هذه الأيام تسعى إلى البحث عن روحها من جديد.


تظاهر آلاف الليبيين في بنغازي الجمعة للمطالبة بتفكيك مئات الميليشيات المسلحة التي فرضت كلمتها في الشارع منذ إنهاء الثورة لحكم القذافي الذي استمر على مدار 42 عاماً.

متظاهرون يبتهجون بعد اقتحام مقر أنصار الشريعة في بنغازي

لكن في وقت مبكر من صباح أمس السبت، قام المتظاهرون باجتياح ما لا يقل عن أربع قواعد تابعة للميليشيات، وهو ما أجبر المقاتلين على الفرار بأسلحتهم. وكانت تضم تلك القواعد مقراً لجماعة أنصار الشريعة المسلحة، التي حملها البعض مسؤولية الهجوم الذي وقع الأسبوع قبل الماضي على القنصلية الأميركية في بنغازي.

وأشارت في هذا الصدد صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن ذلك الهجوم الذي وقع يوم الحادي عشر من الشهر الجاري، وراح ضحيته السفير وثلاثة أميركيين آخرين، قد أثار موجة من الغضب بين كثيرين من سكان بنغازي، الذين يعتقدون أن المتطرفين الدينيين الذين يعملون في مناخ يتسم بالأداء الحكومي الضعيف هم من وقفوا وراء الهجوم.

غير أن الحكومة في طرابلس ناضلت من أجل التعامل مع الميليشيات، التي تتألف بشكل كبير من الشبان الذين شاركوا في الثورة التي اندلعت هناك العام الماضي. كما فشلت الجهود الحكومية التي كانت تهدف الى توحيد بعض الميليشيات تحت جبهة وطنية أكثر تماسكاً في نشر قوات أمن تابعة للحكومة الليبية في شوارع وميادين البلاد.

وبينما جاب المتظاهرون شوارع بنغازي الجمعة، وهم يلفون أنفسهم بالأعلام الليبية ويحملون شعارات تقول quot;بنغازي تستحق ما هو أفضلquot; وquot;لا شرعية إلا للشرطة والجيشquot;، نظمت جماعة أنصار الشريعة احتجاجها في ساحة الكيش القريبة. وقد احتشدت للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية في تظاهرة رأى آخرون أنها تمثل استفزازاً.

وأعقبت الصحيفة بقولها إن هاتين التظاهرتين يمثلان صراعاً أوسع في النطاق بعد مرور ما يقرب من عام على الانتفاضة التي شنتها كافة الأطياف السياسية ضد نظام القذافي.

ويرى البعض أن ما حدث يعتبر معركة لتحديد شكل ليبيا الجديدة ndash; وللرد على التساؤل المهم الذي يتحدث عن الشكل الذي سيكون عليه الشعب الليبي وكذلك الحكومة والثقافة عندما تتحرر البلاد من أغلال الديكتاتورية.

النيران تشتعل في مبنى القنصلية الاميركية في بنغازي

وقالت في هذا الإطار علياء برغثي أستاذة اللغة الإنكليزية في جامعة بنغازي، وقد شاركت في التظاهرة المناوئة للميليشيات يوم أمس: أعتقد أن الصراع الذي يرهق الناس الآن هو الصراع من أجل الهوية. فبعد كل هذه السنوات التي تعرضوا فيها للإهمال والعيش في ظلام، ها هم الآن لا يعرفون أين همquot;.

وأضافت الصحيفة من جانبها أن انهيار نظام القذافي أدى الى نشوء حالة من الفوضى. وبعد عقود من الاضطهاد، بدأت تتجه البلاد خلال الأشهر الأخيرة صوب تشكيل أحزاب سياسية وانتخاب مؤتمر وطني عام. بينما ستكون الخطوة المقبلة وضع دستور جديد.

وأشارت الصحيفة إلى أن مساعي تفكيك الميليشيات وتجريدها من السلاح الذي بحوزتها بدأت بعد مدة قصيرة من سقوط القذافي. ورغم عدم وجود جذور ذات صلة بالتطرف الإسلامي لجميع الميليشيات، إلا أن جماعات مثل أنصار الشريعة أثبتت أنها إضافة متفجرة لنقاش مثير للجدال بالفعل عن الدور المناسب للدين في ليبيا الجديدة.