الجزائر: تفضل الجزائر المنشغلة بالحفاظ على سلمها الداخلي، الحوار لحل ازمة جارتها مالي، لكنها قد تضطر الى قبول تدخل عسكري محتمل لقوات من المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا بعد موافقة الامم المتحدة، بحسب محللين.

وبدات الامم المتحدة الثلاثاء في مناقشة امكانية التدخل العسكري في شمال مالي الذي يسيطر عليه مجموعات اسلامية مسلحة منها القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، بعدما طلبت باماكو ذلك بشكل رسمي.

ويعتبر المحلل العسكري والضابط السابق في الجيش الجزائري شفيق مصباح ان الجزائر quot;لم تعد قادرة على لعب الادوار التي كانت تلعبها في السابقquot; بالرغم من معارضتها الشديدة لاي تدخل عسكري اجنبي.

ولم تمنع جهود الوساطة التي بذلتها الجزائر منذ سنوات 2000 بين حكومة باماكو والمتمردين الطوارق من اندلاع الازمة في اذار/مارس عندما اعلن الطوارق استقلالهم قبل ان يطردهم الاسلاميون. واستطاعت الجزائر الى الآن ان تصمد امام تداعيات الربيع العربي الذي ازاح انظمة شمولية سيطرت على الحكم عقودا من الزمن، بالرغم من الاضرابات والاحتجاجات.

لكن التضخم الذي فاق نسبة 7% التهم الزيادات في الاجور التي استخدمتها الحكومة لاسكات المحتجين. واعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 13 سنة، اصلاحات سياسية لتهيئة مرحلة ما بعد 2014 (تاريخ نهاية ولايته الثالثة). الا ان الانتخابات التشريعية الاخيرة افرزت نفس الاغلبية التي يسيطر عليها حزب جبهة التحرير الوطني (حزب الرئيس) كما هي الحال منذ استقلال الجزائر قبل 50 سنة.

واعتبر مصباح ان quot;الجزائر تميل الى انقاذ ما يمكن انقاذه، بمعنى التركيز على وحدتها الداخلية وترك الباقيquot;. ومن جهته يرى استاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر رشيد تلمساني ان quot;استقرار الشمال تحد اساسيquot; بالنسبة لحكام الجزائر.

وقال quot;انهم يبحثون عن الوحدة والسلم الاجتماعي باي ثمن حتى سنة 2014 مع مراقبة ما يحدث في الجنوب (مالي والنيجر) وفي الشرق (تونس وليبيا). ويقطن بجنوب الجزائر سكان ينتمون لقبائل الطوارق ولديهم علاقات عائلية مع القبائل في الدول الاخرى الحدودية مع الجزائر. ويؤكد تلمساني ان quot;انفجارا للوضع في الجنوب سيؤدي حتما الى زعزعة الاستقرار في الشمال وحتى في المغربquot;.

ولا تزال الجزائر والمغرب مختلفين حول النزاع في الصحراء الغربية المستعمرة الاسبانية القديمة والمحتلة حاليا من طرف المغرب، بسبب دعم الجزائر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المطالبة بالاستقلال.

واضاف تلمساني ان اي تدخل عسكري اقليمي قد يضر quot;بمبدأ عدم المساس بالحدود مع ما يمثل ذلك من خطر التقسيم كما في الصومالquot;. وبرأي المحلل السياسي فانه رغم تفاقم الازمة في مالي quot;مازال الجزائريون يعتقدون انه يمكن التحكم في الوضعquot;.

كما ان هناك quot;خطر ان تجد الجزائر نفسها في مواجهة القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بعد ان تمكنت من طردها من اراضيهاquot;، بحسب دبلومسي متخصص في شؤون المنطقة. وتابع quot;يمكن ان تخشى الجزائر عودة التنطيم بينما القاعدة لم تعد تهاجم المصالح الجزائريةquot;.

ويرى المحللون الثلاثة ان quot;الجزائريين لن يتدخلوا عسكريا او على الاقل ليس بشكل علنيquot;. ويقول الدبلوماسي انه في حالة قيام قوات من غرب افريقيا مع باماكو بحملة لاستعادة شمال مالي quot;فان الجزائر ستطهر نوعا من البراغماتية ولن تندد بذلكquot;.

وبالنظر الى وضعها الداخلي فان الجزائر quot;لن تعارض القرارات المتخذة في الخارج، فهي تبقى مترددةquot; كما يقول شفيق مصباح.