فقد الشباب في مصر إيمانهم بدولة جديدة بعد أن قام الرئيس محمد مرسي بالدفع لإقرار دستور إسلامي متجاهلًا معارضة معظم المصريين. ويتوقع البعض أن يكون أداء أحزاب المعارضة فقيرًا في انتخابات البرلمان وذلك لقلة استعدادهم وتفرق صفوفهم.
الشباب المصري الذي أشعل فتيل الثورة ضد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك يرغب في دولة ديمقراطية وعصرية، ويسعى إلى مرحلة مشرقة على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي. لكن اليأس خيّم بسوداويته على أحلامهم وآمالهم، لا سيما بعد اشتباكات الشهر الماضي بسبب الدستور الجديد.
محمود علي (19عاماً) شاب من الاسكندرية يرسم quot;لغرافيتيquot;، وصديقه محمد عبد الحميد الذي يدرس التسويق في جامعة القاهرة، شاركا في ثورة يناير التي أطاحت بالرئيس مبارك. وقفا في ساحة التحرير أياماً مطالبين برحيله وعندما رحل هتفا في ذهول.
لكن اليوم ينظر الشابان حولهما متسائلان من يحمي مصالحهما بعد المعركة بين الإسلاميين الذين يتولون السلطة والمعارضة الليبرالية.
الحكومة الجديدة لا تمثل الشباب الليبرالي
الحكومة الحالية لا تمثل علي الذي قال لصحيفة quot;لوس انجلوس تايمزquot; إنه فقد إيمانه بمصر الجديدة بعد أن قام الرئيس محمد مرسي ومؤيدوه من الإخوان المسلمين بالدفع لإقرار دستور إسلامي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، متجاهلين اعتراضات معظم المصريين.
يقول علي quot;الإسلاميون متصلبون ولا يريدون الاستماع لنا. لو كان هناك أمل معهم لتحدثت إليهم، لكن الأمل الآن هو إقناع الناس في الشوارعquot;، مشيراً إلى أن الناس أنفسهم سوف يفهمون مع استمرار الإخوان في مخالفة وعودهم.
أما عبد الحميد الذي تظاهر مع المعارضة الشهر الماضي يؤمن أن الحكام الجدد سيفعلون القليل من أجل من هم مثله من الشعب، مؤكداً أهمية جهودهم في عهد مبارك وهو التركيز على تغيير الدولة والشعب. واعتبر الشاب أن المعارضة تحتاج للتعامل مع الشعب quot;لأنهم لا يملكون أي وزن على الأرض الآنquot;.
ويتوقع عبد الحميد أن يكون أداء أحزاب المعارضة فقيراً في انتخابات البرلمان المقبلة وذلك لقلة استعدادهم وتفرق صفوفهم، مقابل تنظيم الإخوان المسلمين الذين بدأوا فعلياً بحملات غير رسمية.
سوداوية وتوجهات نحو الهجرة
رغم السوداوية، يظل عبد الحميد متمسكاً بتفاؤله بأن المصريين سوف يعودون إلى التغيير كما فعلوا عند الإطاحة بمبارك. لكنه لا يعلم إذا كان باستطاعته الانتظار، فهو يفكر في السفر بعد التخرج بسبب تحطم الدولة وانهيار الاقتصاد المصري ومستقبل بلاده الغامض.
حالات اليأس هذه قد تكون خطيرة إذ انها تشكل تهديداً على الإسلاميين الذين ينفّرون قطاعاً عريضاً من الشعب بالإجراءات التي يتخذونها، إضافة إلى المعارضة العاجزة التي تشارك في التظاهرات لكنها تبقى مقصرة عن تقديم رؤية مقنعة للحكم أو التعبئة الشعبية في الانتخابات.
يقول عمار علي حسن، أستاذ الاجتماع السياسي إن هذا النهج السياسي لا يؤدي إلى الاستقرار، معتبراً انه من غير الممكن أن يحكم مصر فريق مستبد من جديد quot;فلا أحد يستطيع البقاء في السلطة لفترة طويلة من دون الوصول إلى الشبابquot;.
غرافيتي السياسة.. الجدران فقط تعبر عن المعارضة المصرية
وتحولت الكتابة على الجدران إلى أداة حيوية لنقل رسائل الحرية المصرية، فالشباب الليبرالي يصوّر أفكاره ومخاوفه من هيمنة الإخوان المسلمين على القيادة في البلاد من خلال صور ملونة وعبارات تخاطب الحركات السلفية المتشددة.
ومن خلال عمله، يأمل علي في المساعدة بتعزيز الوعي السياسي وتمكين الشباب، فيقول: quot;عندما يرى الناس الغرافيتي الخاص بي، أنا أدعوهم لأن يفكروا بما يحدث حولهم، وليس بالضرورة أن يوافقوا على وجهة نظريquot;. ويضيف: quot;ربما أكون مخطئاً وكذلك رسالتي، لكن هدفي هو دعوة الناس للتفكيرquot;.
quot;الكتابة على الجدران والفن بشكل عام يصل إلى الجميع، وكلما قامت السلطات بإزالة الرسومات من الشوارع، نعود ونرسمها من جديدquot;، يقول علي، مؤكداً: quot;سنعود ونرسم ونعبر عن رأينا مراراً وتكراراً مهما فعلواquot;.
علي يشعر الآن بوجود فجوة بين أنصار مرسي الاسلاميين وأمثاله من الشباب، فيقول انه حاول الدخول في حوار مع زملائه الاسلاميين في جامعته، لكنه لم ينجح. ويشعر اليوم بالمرارة وهو يشاهدهم يحكمون السيطرة على كافة المجالات في البلاد.
ويضيف: quot;انهم متشبثون بآرائهم ولا يريدون الاستماع إلينا. لا فائدة من الحديث معهمquot;.
التعليقات