لا تزال المحادثات بين إيران والغرب حول الملف النووي الإيراني في حال مراوحة، بسبب الغموض في الموقف الإيراني من هذه المفاوضات، وإصرار طهران على جدول زمني محدد لتخفيف حدّة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.


بعد مرور أربعة أسابيع على موافقتها المبدئية على مواصلة المحادثات النووية، التزمت إيران الصمت تجاه خططها المتعلقة بالمفاوضات، ما أثار حيرة الدبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين، وما كشف في الوقت عينه عن خلافات داخلية حول الفرصة السانحة الآن لإبرام صفقة مع الدول الغربية.

هذا وقد تزايدت حالة الغموض تجاه محادثات سبق أن وصفها المسؤولون الأميركيون في الشهر الماضي بالوشيكة، بعدما رفضت إيران الردّ على مقترحين على الأقل لتحديد مواعيد للاجتماع، طبقًا لما نقلته واشنطن بوست عن دبلوماسيين غربيين.

وأضافت الصحيفة أن مسؤولين إيرانيين وآخرين من الاتحاد الأوروبي تطرّقوا إلى قضايا لوجيستية عبر الهاتف يوم الاثنين الماضي، وسط آمال بعقد الاجتماع قبل نهاية الشهر الحالي.

خوف الإخفاق
مع بطء سير المحادثات، عبّر مسؤولون ومحللون في كلا الجانبين عن تخوّفهم من تقويض فرص التوصل إلى اتفاق مثمر، نتيجة الانقسامات السياسية في طهران وفي العواصم الغربية. فقد أعلن متشددون في إيران عن رفضهم تقديم أية تنازلات نووية، بينما حذّر محافظون في الولايات المتحدة من إبرام اتفاق يسمح لإيران بالاحتفاظ بأية قدرات تتيح لها تخصيب اليورانيوم، حتى لأغراض غير عسكرية.

في هذا السياق، قال سيد حسين موسويان، المفاوض النووي الإيراني السابق، والذي يعيش حاليًا في الولايات المتحدة: quot;مشكلة الإيرانيين ليست في الموعد، بل في قلقهم من فشل الاجتماع، فهم يريدون عقده في أسرع وقت ممكن، لكنهم لا يريدون أن يُوَجَّه إليهم اللوم إن أخفقت المفاوضاتquot;.

وأوضحت واشنطن بوست أن المناورات بشأن أماكن ومواعيد الاجتماعات تلقي بظلالها على زيارة سيقوم بها هذا الأسبوع مسؤولون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران. وتحثّ الوكالة طهران على أن تسمح بزيارة المنشآت العسكرية، حيث تعتقد الوكالة أن إيران تجري بحوثًا سرّية على أسلحة نووية منذ عشرة أعوام، في الوقت الذي يؤكد فيه مسؤولو الجمهورية الإسلامية على سلمية برنامجهم النووي.

تسويف إيراني
بالرغم من كلام إيران والوكالة في الشهر الماضي عن تقدم في اتجاه حلّ النزاع القائم بينهما، إلا أن رئيس الوكالة، يوكيا أمانو، عبّر للصحافة عن تراجع تفاؤله بشأن نتيجة الاجتماع. وقال محللون إن إيران ستحتفظ على الأرجح بأوراق المساومة إلى حين الدخول في حوار أوسع نطاقًا، مع مجموعة 5 + 1، التي تتكون من أميركا وبريطانيا والصين وفرنسا وروسيا، إضافة إلى ألمانيا.

وقد وصلت جولات المحادثات الثلاث، التي جرت في العام الماضي بين إيران ومجموعة 5 +1، إلى طريق مسدود، بيد أن مبعوثين إيرانيين ألمحوا في الشهر الماضي إلى إمكانية حدوث تحسن دبلوماسي، تمثل في الموافقة على استئناف المفاوضات بشأن القيود التي يحتمل فرضها على البرنامج النووي.

لكن موعدين مبدئيين للاجتماع مرّا من دون أية استجابة، ما أثار جملة تكهنات حول رغبة إيرانية في كسب الوقت بسبب نقاش داخلي بشأن الموافقة على تقييد برنامج إيران النووي، مقابل التخفيف من حدة العقوبات الدولية التي ستتعرّض لها مستقبلًا، بحسب ما قال دبلوماسيون ومحللون غربيون.

في هذا السياق، قال مسؤول أميركي كبير رفض الكشف عن هويته: quot;لم يتوصلوا إلى أي شيء، ونحن ننتظر، والكل يراجع الأمور مع الطرف الآخر، لكن من دون التوصل إلى أي شيء على الإطلاقquot;.

هامش للرئيس الجديد
قال حسن روحاني، أحد كبار المفاوضين النوويين الإيرانيين سابقًا: quot;المفاوضات هي الطريق الوحيد ليطمئن الغرب حيال أنشطتنا النووية السلمية، ولنحصل على حقوقنا، ونتجاوز تأثيرات العقوبات والمسار الصعب الذي أعدّوه لناquot;.

أما المحلل السياسي الإيراني محمد علي الشباني فقال: quot;بينما يحظى المرشد الأعلى بحق الكلمة الفصل في ما يتعلق بالقضية النووية، فإن الرئيس المقبل سيتمكن على الأقل من دخول المشهد السياسي الإيراني ببعض الأفكار الجديدة، ومن الحصول على هامش واسع للمناورةquot;.

على أية حال، لا يتوقع محللون ومسؤولون إيرانيون أن تقبل إيران باتفاق لا يشمل جداول زمنية واضحة لعملية التخفيف من العقوبات. فهذه المواعيد أساسية لكسب الدعم العلني، من أجل التوصل أخيرًا إلى تسوية ما.