الرصاصة التي أصابت رأس ملالا يوسف زاي أنتجت تهتكًا في جمجمتها، فخضعت لجراحة دقيقة وناجحة، وهي مستمرة في تحديها مجتمعها المتشدد للحض على تعليم الفتيات، ولهذا نالت جائزة سيمون دو بوفوار العالمية، ومرشحة للفوز بجائزة نوبل للسلام في هذا العام.


بيروت: للمرة الأولىمنذ أطلق مسلحو طالبان النار على رأسها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بينما كانت تستقل حافلة المدرسة التي كانت تمر ببلدة ميغورا في وادي سوات شمال غرب باكستان، أطلت الناشطة الباكستانية ملالا يوسف زاي (15 عامًا) في شريط فيديو بث اليوم الاثنين، مؤكدةً أن صحتها تتحسن يومًا بعد يوم، متعهدةً أن تواصل نضالها في سبيل نشر تعليم الفتيات في بلادها... أي الاستمرار في السبيل الذي أدى إلى محاولة قتلها، في حادثة هزت العالم.

وفي شريط الفيديو الذي صور قبل أن تخضع لجراحة في الجمجمة السبت الماضي في مستشفى الملكة اليزابيث في برمينغهام، مختص في معالجة الجنود الذين أصيبوا في أفغانستان، قالت ملالا: quot;اليوم ترونني حية أرزق، يمكنني أن أتكلم، ويمكنني أن أراكم، وأن أرى الجميع، وأن أتحسن كل يومquot;.

كما توجهت ملالا بالشكر الجزيل للآلاف الذين صلوا من أجلها، وأرسلوا إليها أمانيهم بشفائها العاجل. وقالت: quot;بفضل صلواتكم، كتب لي الله حياة ثانية، اريد أن أحياها وأنا أخدم الآخرين، وأريد أن يكون التعليم في متناول كل الفتيات وكل الاولادquot;.

جمجمة من تيتانيوم

وكان أطباء بريطانيون قد نجحوا السبت الماضي في زرع جمجمة مصنوعة من مادة تيتانيوم في رأس ملالا، في عملية جراحية معقدة على مرحلتين، استمرت خمس ساعات.

وأكدوا في مؤتمر صحافي في مستشفى الملكة إليزابيت أنهم راضون كل الرضى عن تحسن حالة ملالا الصحية، بعدما أدت الرصاصة التي اخترقت رأسها إلى تهتك في الجانب الأيسر من جمجمتها.
ويوم الخميس الماضي، قبل إجراء العملية، عرض دايف روسر، كبير جرّاحي المستشفى، تفاصيل العمليتين الجراحيتين.

قال: quot;تتم الجراحة الأولى من خلال إحداث ثقب في جمجمة ملالا، من أجل تثبيت صفيحة من مادة تيتانيوم في داخلها، بينما تتم الثانية بدسّ جهاز الكتروني صغير يساعد ملالا في التقاط الأصوات، لأنها فقدت السمع في أذنها اليسرى بسبب الرصاصة التي اخترقت رأسهاquot;.

وتوقع روسر ألا تتعافى ملالا بشكل ناجز قبل مرور 15 إلى 18 شهرًا.

جائزة دو بوفوار

من ناحية أخرى، منحت مؤسسة سيمون دو بوفوار الفرنسية جائزة حرية المرأة لملالا، التي تناضل من أجل حقوق الإنسان وحق الفتيات في التعليم، بحسب ما أعلنت المؤسسة. وقد تسلم الجائزة والد ملالا، ضياء الدين يوسف زاي، نيابة عن ابنته الراقدة في المستشفى.

وقد أنشئت جائزة سيمون دو بوفوار، وقيمتها 20 ألف يورو، في العام 2008، فى الذكرى المئوية لولادة الكاتبة الفرنسية سيمون دو بوفوار، التي اشتهرت بمناصرتها حقوق النساء في عصرها.
وتمنح هذه الجائزة العالمية لأشخاص أو هيئات يناضلون دفاعًا عن حقوق النساء، في أي مكان يتعرضن فيه للتهديد، على غرار سيمون دو بوفوار.

إلى ذلك، أنشأت ملالا صندوقًا باسمها للدفاع عن حق الحصول على التعليم، خصوصًا في بلادها، وفي أي بلد تعاني فيه الفتاة القهر وحرمانها من حقوقها في العيش الكريم، وتحصيل العلم، والعمل بكرامة..

رمز عالمي

في سياق متصل، استقبل لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، والد الناشطة الباكستانية، في لفتة تقديرية للجهود الحثيثة التي قامت بها ملالا دفاعًا عن حقوق المرأة والفتيات في التعليم، ولاستمرارها في مسيرتها هذه على الرغم من وصولها إلى حافة الموت.

وأكد فيليب لاليو، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الفرنسية، في بيان صحافي، أن تعزيز حقوق المرأة ومكافحة العنف ضدها يعد من بين أولويات السياسة الخارجية الفرنسية.

وأشار إلى أن فرنسا عززت شراكتها مع الأمم المتحدة للمرأة، وتشارك جديًا وبشكل فاعل في برامج مكافحة العنف فى العالم العربي وأفريقيا، وفي برنامج وصول المرأة إلى العدالة فى أفغانستان.
مع هذا التقدير، تحولت ملالا من فتاة تحلم بالمدرسة والعلم إلى رمز عالمي لكل حركات التحرر النسائية، التي تقاوم شديدًا محاولات حرمان النساء من التعليم.

وقد اشتهرت ملالا في العام 2009 بفضل مدونة إلكترونية أنشأتها على موقع هيئة الإذاعة البريطانية، انتقدت فيها تجاوزات حركة طالبان في سوات. وكانت هذه المدونة ما فتح عيون متشددي طالبان إليها، وأدى إلى تعرضها لمحاولة الاغتيال، التي ما تزال تتعالج من آثارها.

والجدير بالذكر هنا أن ملالا مرشحة للفوز بجائزة نوبل للسلام للعام 2013.