دبي: تستعد البحرين لاطلاق جولة جديدة من الحوار الوطني الاحد لتجاوز الازمة المستمرة منذ انطلاق الاحتجاجات قبل سنتين، وسط انعدام كبير للثقة بين المعارضة الشيعية التي تصر على تحديد اجندة للمحادثات وquot;اشراك الشعبquot; في اقرار نتائجها، والحكومة التي لم تقدم تنازلات تذكر.
ورحبت الجمعيات المعارضة وعلى رأسها جمعية الوفاق الشيعية بمبدأ الحوار لكنها ما زالت لم تؤكد مشاركتها رسميا، فيما تتزامن التحضيرات للحوار مع تعبئة شعبية كبيرة في الشارع مع اقتراب 14 شباط/فبراير، ذكرى انطلاق الاحتجاجات.
ويفترض ان تبدأ جلسات الحوار مساء الاحد في منتجع بجنوب البحرين بمشاركة حوالى 27 مندوبا يمثلون المعارضة والجمعيات المحسوبة على التيار السني الموالي للحكم ومستقلون من مجلس النواب والشوري، اضافة الى ثلاثة اعضاء من الحكومة.
وقالت وزيرة الاعلام والناطقة باسم الحكومة البحرينية سميرة رجب لوكالة فرانس برس ان quot;الحوار سينطلق في العاشر من الشهر الجاري، والجمعيات المعارضة هي الوحيدة التي لم تتقدم بقائمة ممثليها حتى الآنquot;.
وبحسب رجب، فان جميع استفسارات المعارضة تم الرد عليها quot;بوضوحquot; مشددة على ان الحوار يشكل استكمالا للحوار الذي شهدته المملكة في 2011 وانسحبت منه القوى الشيعية المعارضة ولم يؤد الى اي نتجية.
واتهمت رجب المعارضة بquot;المماطلةquot;، معربة عن اعتقادها بان خلف ذلك quot;ارتباطات باجندات خارجيةquot; وquot;رغبة بربح الوقتquot; وquot;تداخل مع شؤون اخرى مثل الازمة السوريةquot; في اشارة على ما يبدو الى اتهامات السلطة للمعارضة بتلقي الدعم من ايران الشيعية في اطار محور اقليمي.
وفي المقابل، تحدد المعارضة شروطا للحوار، وهي وضع آليات جديدة للحوار مختلفة عن الجولة السابقة التي انتهت برفع مقترحات الى الملك بما يجعل نتئاج الحوار نافذة، والاتفاق على اجندة للحوار، فضلا عن الاتفاق على عرض نتائج الحوار على استفتاء بما يسمح quot;باشراك الشعبquot; في هذه العملية.
وقالت كلير بوغران خبيرة شؤون الخليج في مجموعة الازمات الدولية quot;انترناشنل كرسيس غروبquot; ان كلا من الطرفين في البحرين quot;يحاول اختبار نوايا الآخر. اسس (الحوار) هشة جدا والمواقف التي ينطلق منها الطرفان متباعدة كثيراquot;.
وبحسب بوغران، فان المعارضة البحرينية quot;متشائمة جدا لكنها لا تريد ان تقوم بخطوة ناقصة تحملها، مرة جديدة، مسؤولية الفشلquot;.
وفي كل الاحوال، تؤكد بوغران ان quot;الوضع متوتر جدا في البحرين مع اقتراب ذكرى 14 شباط/فبراير (انطلاق الاحتجاجات) ... لكن الحكومة تبدو في موقع اقوى لانها استطاعت ان تسيطر على الوضع خلال سنتينquot;.
وفي حديث مع وكالة فرانس برس، قال خليل مرزوق القيادي في جمعية الوفاق التي تمثل التيار الشيعي الرئيسي في البحرين، quot;موقفنا الثابت هو اننا مستعدون لحوار جاد يخرج البحرين من محنتها وليس لحوار تضييع الوقتquot;.
وندد مرزوق بما قال انه رغبة لدى السلطات بquot;احراجquot; المعارضة عبر الاظهار بانها هي من ترفض الحوار، معتبرا ان ذلك quot;يظهر بانه ليس لدى السلطة رغبة في الحوارquot;.
وقال quot;نريد تحديد اجندة وتحديد اليات جديدة غير تلك التي اوصلت الى فشل في المرة الماضية. اذا كان التفاوض مرفوض في الاليات والشكل فما بالك بالسقوفquot;، اي التفاوض في المطالب السياسية الرئيسية للمعارضة.
وتطالب المعارضة التي تقودها الغالبية الشيعية رسميا بوضع حد لما تقول انه quot;ديكتاتوريةquot; في البحرين، وبقيام quot;ملكية دستوريةquot; على غرار بريطانيا مع حكومة منتخبة تتمتع بالصلاحيات التنفيذية والحد من سلطة اسرة ال خليفة السنية التي تحكم البحرين، وخصوصا تنحي رئيس الوزراء الامير خليفة الذييشغل منصبه منذ حوالى 42 عاما.
وفي موازاة استمرار الغموض حول الحوار قبل ايام قليلة من انطلاقه، يتابع جمهور المعارضة تحركه في الشارع للتشديد على مطلب quot;التحول الديموقراطيquot; بعد سنتين من انطلاق الاحتجاجات التي قادها الشيعة.
وتنظم المعارضة تظاهرات يومية حتى 14 شباط/فبراير، وربما لما بعد هذا التاريخ.
وكانت السلطات قمعت الاحتجاجات التي بدأت في 14 شباط/فبراير 2011 بعد شهر من انطلاقها، وتزامن ذلك مع نشر قوات خليجية في المملكة، الا ان التظاهرات لم تتوقف قط.
وفيما يؤكد الشيعة ان تحركهم هو جزء من quot;الربيع العربيquot;، ترى السلطات ومعها غالبية المواطنين السنة الذين التفوا حول الاسرة الحاكمة ان انتفاضة البحرين quot;طائفيةquot;.
وقال مرزوق quot;ان التحرك الشعبي سيستمر ولا علاقة له بالحوار، هذا حق مقدس للشعب ... اما من يتهم المتظاهرين بانهم يعرقلون الحوار، فالاجدر به ان يسأل الحكومة لماذا تستمر باستخدام القتل والعنف وسجن المعارضين بالمؤبدquot;.
وبحسب المحللة كلير بوغران، فان quot;احتمالات خروج المظاهرات اليومية عن السيطرة كبيرةquot;، وفي هذه الحالة، فان السنة سينسحبون على الارجح من الحوار، بينما ستخسر المعارضة الشيعية السياسية المطالبة بالاصلاح مزيدا من الشرعية امام المعارضة المتشددة المطالبة بكل وضوح بquot;اسقاط النظامquot;.