عثر مراسل دايلي تلغراف في تمبكتو على وثائق سرية خاصة بتنظيم القاعدة، توثق خطط التنظيم في شمال أفريقيا، وسجل اجتماعات داخلية للتشاور في هذه الخطط.


القاهرة: كشفت وثيقة سرية عن الطريقة التي خطط من خلالها تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا ليستولي على قيادة النضال الجهادي الموجود في الصحراء، وهي الوثيقة التي عثر عليها مراسل صحيفة دايلي تلغراف البريطانية في تمبكتو، عاصمة مالي.
وبالرغم من أن قادة القاعدة يعيشون خارجين على القانون في الصحراء، إلا أنهم ما زالوا متمسكين بالبروتوكول البيروقراطي. فحين يجمع الأمير مجلسه، يتم إعداد مذكرة تفصيلية عن الاجتماع بكل عناية، منذ بدايته حتى نهايته.

سجل تفصيلي

وقد علمت الصحيفة ذلك بعد أن عثرت على السجل الخاص بالاجتماع رقم 33 لقيادة القاعدة في المغرب الإسلامي في مدينة تمبكتو. وهو السجل الذي أظهر أن التنظيم اتخذ قرارًا يحظي بتداعيات عميقة. وفي تلك اللحظة، التي يرجع تاريخها إلى الثامن عشر من آذار (مارس) 2012، كانت عصابات من الطوارق وجماعة أنصار الدين الجهادية على وشك أن يستحوذوا على الجزء الشمالي بمالي.
وأظهرت الوثيقة أن أبي مصعب عبد الودود، أمير تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي، ترأس اجتماعًا لقادة كبار بهدف ضمان حصول حركته على أقصى استفادة من السيطرة على تلك المنطقة.
ويعد عبد الودود، الجزائري الذي يبلغ من العمر 42 عامًا، واحدًا من أكثر الرجال المطلوبين في بلاده، وواحدًا من أبرز الجهاديين. وقبل مساعدته في تأسيس القاعدة بالمغرب الإسلامي في العام 2006، عمل جندي مشاة إسلامي في حرب الجزائر الأهلية الوحشية.

مناقشة ونظر بعناية

تبين من خلال ما ورد بالوثيقة أن عبد الودود استعرض مقترحًا ورؤيةً للمستقبل من جانب أحد الوجهاء، وعضو المجلس الاستشاري أحمد جبري. وواصل عبد الودود حديثه، كما ورد بالوثيقة، بقوله: quot;بحثنا المقترح بعناية ووجدناه مرضيًا ومثيرًا للاهتمام لتلك الفترة الزمنية، واعتقدنا لهذا أن نقدمه لك لمناقشته وللنظر به بعنايةquot;.
وتمثلت فكرة جبري في الثناء على جماعة أنصار الدين لقاء الانتصارات التي حققتها خلال المواجهات الأخيرة التي قام بها أبطالنا المسلمون في تلك الصحراء الكبرى.
وأضاف جبري: quot;أسعدتنا تلك البطولة، وبعثت فينا الطمأنينة في أعقاب ما اعتقدنا أنه مصير مجهول بسبب نقص التجميع الكامل للمعلوماتquot;.
لكن القاعدة في المغرب الإسلامي كانت تريد تقاسم السيطرة مع أنصار الدين الوشيكة على شمال مالي. وكانت ترغب في حقيقة الأمر في أن تفرض كامل سيطرتها بشكل تام.
وأكمل: quot;تعين علينا أن نفكر في ضرورة وضع خطة لقيادة ومراقبة أنشطة الجهاد هناك، في تلك اللحظات الحاسمة، وأن نستهدف كافة الجهود الرامية لتحقيق الأهداف المطلوبةquot;.

سيطرة القاعدة

وردت خطة جبري في خطاب تم إرساله إلى جماعة أنصار الدين، تم ذكره في الوثيقة. وفي تلك الرسالة الرسمية، انتقد قائد القاعدة بالمغرب الإسلامي بصورة ضمنية الجماعة الجهادية الأخرى، متمنيًا لو كان قد حصل على معلومات كافية عن أنصار الدين، ومشددًا على quot;ضرورة فتح أعيننا لرؤية كافة التهديدات والأخطار المحتملة من أجل تجنبها، وأن نكون مستعدين جيدًا لمواجهتها في حالة حدوثهاquot;.
وفي الأسبوعين التاليين، وقعت المدن الرئيسية الثلاثة، تبمكتو وغاو وكيدال الواقعة في شمال مالي، في أيدي جماعة أنصار الدين وعناصر الطوارق المسلحة.
ووفقًا للخطة الواردة بالوثيقة، دفعهم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي جانبًا، وأحكم سيطرته بصورة فعلية على مساحة تزيد عن 300 ألف ميل مربع من الأراضي المالية، بالإضافة إلى مستودعات أسلحة ومطارات ومرافق تدريب جاهزة. وأوضحت الوثيقة أن القاعدة في المغرب الإسلامي تعمل في مالي على نفس النهج الذي سبق أن اشتهرت به من قبل، وهو خطف نجاح المتطرفين الآخرين.
كما أوضح مراسل الصحيفة أنه قام بتجميع أكبر عدد ممكن من الصفحات، وجميعها مكتوبة باللغة العربية، حين لم يستطع أحد أن يحدد أهمية ما كان يُلتَقط من الأرض.
وبعد مراجعة مترجم في لندن، اتضح للصحيفة أن معظم الأوراق كانت دعاية جهادية وخطب دينية، إلى جانب إحدى الوثائق التي وثقت مشاورات بين كبار قادة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.