أرمينيا متعبة إقتصاديًا، لكن ذلك لا يمنعها من تقديم كل التسهيلات الممكنة لأرمن سوريين أتوها هربًا من المعارك الضارية في حلب، وليتأقلموا في حياتهم الجديدة.
وصل أكثر من سبعة آلاف مسيحي أرمني من سوريا إلى أرمينيا منذ اندلاع الثورة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، هاربين من القتال في بلادهم، وحاملين معهم ذكريات مؤلمة يصعب نسيانها.
سركيس رشدوني، واحد من مئات آلاف الفارين من العنف الذي يخيم على مدينة حلب السورية المحاصرة منذ أشهر. وحلب موطن لأكثر من 80 بالمئة من المجتمع السوري الأرمني، قد غادر معظمه فيما يبقى أولئك الذين عجزوا عن الرحيل وسط معركة طاحنة من أجل السيطرة على البلاد.
وتمكن الثوار يوم الاربعاء الماضي من إرغام دفاعات الجيش على التراجع، واقتربوا أكثر فأكثر من ثاني أكبر مطار في البلاد خارج حلب. توقفت الرحلات الجوية التجارية في المطار منذ أسابيع بسبب القتال، ولكن يستخدمه جيش الأسد، بهدف إعادة إمداد القوات وإطلاق الضربات الجوية ضد مواقع الثوار.
الثورة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، والتي اندلعت منذ عامين تقريبًا، شردت أكثر من مليوني شخص داخليا ودفعت بنحو 650 ألف سوريًا للجوء إلى تركيا ولبنان والأردن.
اجتاحت أعمال العنف والقتال حلب، أكبر مدن سوريا، وتستمر المعارك منذ أشهر طويلة بين القوات الحكومية والمعارضة، ما أدى إلى نقص في الغذاء والدواء والكهرباء خلال فصل الشتاء الذي يعتبر الأقسى في الشرق الأوسط خلال عقدين.
خوف المجازر
المجتمع المسيحي الأرمني في سوريا صغير نسبيًا، لكنه رفع منسوب القلق والخوف، فالأرمن في سوريا هم من نسل الأرمن الذين فروا إلى البلاد بعد نجاتهم من الإبادة الجماعية التي ارتكبها العثمانيون في الحرب العالمية الأولى. ويخشى كثيرون من تكرار هذه المجازر اليوم في سوريا، حيث يجد الأرمن المسيحيون أنفسهم من جديد تحت رحمة فصائل إسلامية متشددة في حالة حرب، ما يجعلهم في حاجة ماسة للفرار مرة أخرى.
قال كيفورك أبراهاميان، السكرتير الصحافي لمطار زفارتنوتس الدولي في أرمينيا: quot;طيران السوري حوّل كل الرحلات بسبب النزاع في حلب، وهناك رحلة واحدة في الأسبوع تصل من اللاذقية إلى يريفانquot;.
أزمات محلية
بالرغم من أن الأرمن الذين يفرون من سوريا يتجنبون الموت، إلا أنهم يصلون إلى دولة تعاني بدورها من أزماتها الخاصة.
فأرمينيا جمهورية في الاتحاد السوفياتي السابق، تحيط بها تركيا وجورجيا وإيران، ويقدر معدل البطالة فيها بنسبة 20 بالمئة، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
quot;السوريين يصلون كل أسبوعquot;، قال فيردوس زكاريان، من لجنة الشتات السورية الأرمينية في حديث لموقع يو اس اي توداي، مشيرًا إلى أنه من الصعب على أرمينيا التي لا تتمتع باقتصاد قوي أن تستوعب هذه الأعداد، quot;لكننا نحاول أن نفعل كل ما بوسعنا حتى لا يشعر هؤلاء بمزيد من الألمquot;.
تأقلم بطيء
حتى الآن، تقدر وزارة الشتات في أرمينيا أن أكثر من سبعة آلاف سوري أرمني وصلوا إلى أرمينيا منذ بداية الصراع. وتحاول السلطات الأرمينية إيجاد سبل لتسريع خروج المزيد من الأرمن المسيحيين من سوريا، ومساعدتهم على التكيف مع الحياة بشكل أسهل، كما تعمل على تبسيط عملية الحصول على التأشيرة من السلطات السورية.
وأنشأت أرمينيا المدارس الابتدائية التي تعلم اللغة العربية لأرمن سوريا، من بينها مدرسة سليسن، بتمويل من منظمة خيرية ووزارة التربية والتعليم ووزارة الشتات في أرمينيا، وهي تضم 300 طالب و 16 مدرسًا من الذين فقدوا وظائفهم في سوريا.
قالت نورا بيليبوسان، مديرة المدرسة في يريفان: quot;كان من الصعب عليهم أن يعتادوا وجودهم هنا في البداية، لكنهم الآن يتكيفون ببطء مع حياتهم الجديدةquot;، مشيرة إلى أن الأطفال يفتقدون منازلهم وأقاربهم وألعابهم.
التعليقات