ظاهرة احمد الاسير ونموها تدفع الى التساؤل كيف استطاع هذا الاخير أن يصبح شخصية معروفة بعدما كان منذ اقل من سنتين انسانًا مغمورًا، وما هي الاسباب الحقيقية وراء تلك الظاهرة.


بيروت: يرى الكاتب والمحلل السياسي علي الامين في حديثه لـquot;إيلافquot; أن ظاهرة أحمد الاسير تعود الى سببين فهناك البعد المتعلق بالوضع السوري، في ما يتصل بالحراك السوري، وموقف حزب الله وما تطرحه الاحداث الجارية في سوريا من مظاهر للفتنة المذهبية، ووجه آخر للظاهرة يتصل بالوضع الصيداوي الداخلي الذي نتج عن تراكم ما يسميه البعض تجاوزات لحزب الله في المدينة، التي اتخذت اكثر من مستوى، والامر يندرج تحت العنوان التالي:quot; لا يمكن أن نلغي اقصاء حكومة سعد الحريري السابقة عن اسباب نشوء هذه الظاهرة وطريقة اقصائهquot;، وأمر آخر يتعلق بامر انه بعد العام 2006، حزب الله زاد من حضوره في صيدا وعمد الى فتح مكاتب لها طابع أمني، عشرات المكاتب فتحت في المدينة لحزب الله، بالاضافة الى جانبين كان لهما تأثير في زيادة الاحتقان الصيداوي في مواجهة حزب الله، وهما ما يتعلقان بالعرف الذي كان من المفترض على رئيس غرفة الصناعة والتجارة في مدينة صيدا أن يكون صيداويًا وتتفق عليه المدينة، وتم بالانتخاب الإتيان بشخصية قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك قصة اتحاد بلديات صيدا والزهراني الذي يرأسه عادة رئيس بلدية صيدا وتم تعطيل الانتخاب من قبل ايضًا هذه الثنائية.

ولدى سؤاله بأن الحديث اليوم أن هناك دولاً تدعم الاسير ما مدى صحة الامر؟ يجيب الامين :quot; حتى الآن لا اميل الى القول إن هناك مؤشرات مؤكدة وجدية تدل على أن هناك دعمًا فعليًا من قبل اطراف خارجية لظاهرة الاسير، وهذا الامر ليس ثابتًا، ولكن قد يكون موجودًا، لكن شخصيًا لا اعتقد أنه السبب لنشوء هذه الظاهرة، هناك عوامل داخلية في مدينة صيدا عنوانها الاستقواء السياسي على المدينة، وقد عمد حزب الله في صيدا الى تشكيل ما يسمى سرايا المقاومة، من خلال استقطاب مجموعة كبيرة من العاطلين عن العمل، مقابل رواتب مالية شهرية، من دون التزامات وظيفية، ووفر لهم حماية امنية رسمية، بمعنى أن لديهم شيئًا من الحصانة.

كل هذه العناصر، خلقت ارضية ملائمة لشخصية كالاسير أن تظهر وتعبّر عن هذا الاحتقان، في ظل ايضًا شكوى من البعض أن تيار المستقبل لم يحسن التعامل في اسلوبه وعمله مع هذا التمدد لحزب الله على المستوى السياسي العام أو على مستوى مدينة صيدا، وهذا ما يدفعنا الى القول لماذا الاسير الشخصية المغمورة التي لم يكن أحد يسمع بها منذ سنتين تصبح على هذا المستوى، وتصبح من الشخصيات الفاعلة.

الشرخ المذهبي والاسير

اما هل تتطور ظاهرة الاسير لتحدث شرخًا مذهبيًا في لبنان؟ فيجيب الامين أن الامر رهن باسلوب وقضية معالجة ظاهرة الاسير، المسار الذي تسير عليه الامور اليوم سيعزز من موقع ودور وتأثير هذه الظاهرة، ويندرج في سياق الشرخ المذهبي، لأن ببساطة ظاهرة كالاسير لا يمكن مواجهتها من خلال حزب الله ولا حتى الاجهزة الامنية، وهي ليست حالة امنية يمكن القضاء عليها وانهاؤها بمحاصرتها امنيًا عبر الاجهزة الامنية، أو مواجهتها من قبل حزب الله من خلال قوة امنية، هذه الظاهرة تتطلب استيعابًا من داخل الطائفة السنية وعلى مستوى تيار المستقبل تحديدًا، ولكن لا ارى أن تيار المستقبل في ظل الصراع مع حزب الله والمواجهة معه قادر أن يقوم بهذا الدور، واذا لم يحصل تطور سياسي عنوانه المصالحة بين حزب الله والمستقبل فإنني اتوقع أن تنمو هذه الظاهرة اكثر فأكثر على حساب تيار المستقبل، ولكن لا ضرورة أن يكون نمو هذه الظاهرة مزعجًا بالمعنى الفعلي لحزب الله حتى لو كانت مزعجة بالمعنى التكتيكي، ربما ايضًا حزب الله قد يكون في لحظة ما بحاجة الى المزيد من شدّ عصب الطائفة الشيعية، ولا يتم ذلك الا من خلال تلك المواجهات.

ويضيف الامين:quot; غياب سعد الحريري السياسي أو تراجع تيار المستقبل وعدم قدرته على اثبات حضوره السياسي بما يمثله من حجم تمثيلي على المستوى الشعبي، وعدم كفاءة الادارة السياسية في المعركة على المستوى الوطني، كل ذلك خلق نوعًا من الغضب في الشارع السني، من خلال اظهار ردة فعل متمثلة في الالتفاف حول ظاهرة الاسير وتأييده، رغم عدم قناعة الكثيرين بصحة هذا التوجه.

عن مصير تلك الظاهرة في المستقبل يرى الامين أننا عندما نتحدث عن تلك الظاهرة فنحن لا نكون نعني احمد الاسير وحده، ربما مثلاً يختفي غدًا أو لا سمح الله يُغتال فهل تنتهي هذه الظاهرة؟ ففي المناخ الذي نعيشه اليوم في لبنان، وانطلاقًا لما يجري في سوريا وموقف حزب الله من التدخل في الشأن السوري وملامح المواقف الاقليمية كلها خلقت جوًا ملائمًا لتلك الظاهرة أن تنمو اكثر فاكثر في ظل غياب أي مبادرة سياسية على المستوى الوطني تعكس نوعًا من التوافق الداخلي بين التيارات الاساسية في لبنان على مستوى أن نشهد فعلاً نقلة نوعية في العلاقة بين حزب الله وتيار المستقبل.