ما أن أعلن علي العريض تشكيلته اتلوزارية حتى خاب أمل المعارضة التونسية، إذ وجدت في الحكومة العتيدة تسخة طبق الأصل عن حكومة الجبالي المستقيلة، من حيث المحاصصة التي اعترتها، بالرغم من تسليم العريض حقائب الوزارات السيادية لمختصين.



تونس: أعلن علي العريض، القيادي في حركة النهضة الإسلامية، أمس الجمعة تشكيلة حكومته الجديدة المتكونة من أحزاب النهضة و المؤتمر والتكتل، إلى جانب مجموعة من الكفاءات المستقلة، التي وضعت على رأس وزارات السيادة و هي الداخلية و العدل و الدفاع والخارجية، مستجيبًا لما طالبت به الأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، مؤكدًا أن حكومته ستسهر على تسيير شؤون البلاد، ومتوقعًا إجراء الإنتخابات العامة المقبلة قبل شهر تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.
ولقيت حكومة علي العريض رفضًا من فرقاء سياسيين اعتبروها نسخة من حكومة الجبالي المستقيلة، تكرس المحاصصة الحزبية بعيدًا عن تناول المشاغل الحقيقية للمواطن التونسي. بينما ترى أحزاب أخرى قريبة من الإئتلاف الحاكم أن العريض استمع جيدًا إلى الأحزاب المعارضة وحقق لها جملة من المطالب، وبالتالي ما على الجميع إلا أن يدعموا هذه الحكومة حتى تتمكن من الوصول بالبلاد إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
أولويات الحكومة
أكد عبدالحميد الجلاصي، القيادي في حركة النهضة وعضو مجلس الشورى، في تصريح لـquot;إيلافquot; أن أولويات الحكومة الجديدة تتمثل في أربعة نقاط هامة، والتي تمّ الإتفاق حولها، وهي أولًا بسط الأمن على كامل تراب الجمهورية على قاعدة التعاقد أي مبدأ الحقوق والواجبات، وثانيًا تناول ملف التنمية والتشغيل والتحكم في الأسعار التي شهدت ارتفاعًا كبيرًا بسبب الإحتكار والتهريب، وساهمت في ارتفاع نسبة التضخم، وثالثًا إدارة حوار وطني كبير يضم الفرقاء، وأخيرًا فتح ملف العدالة الإنتقالية من خلال المحاسبة ومقاومة الفساد، مشيًرا إلى أن المجلس التأسيسي مطالب بإعداد خارطة طريق واضحة ومتفق عليها حول مختلف المحطات القادمة.
وقال محمد بالنور، الناطق الرسمي باسم حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، لـquot;إيلافquot; إنّهم راضون على تشكيلة الحكومة الجديدة التي حققت جملة من مطالب المعارضة وأحزاب الترويكا نفسها، quot;إذ طالبنا بتحييد وزارات السيادة و نجحنا في تحقيق ذلك بوجود شخصيات مستقلة على رأس هذه الوزاراتquot;، مؤكدًا أن هذه الحكومة قادرة على تقليص الضغط والتوتر بين مختلف الأطراف، وبالتالي ستتجاوز الأزمة السياسية التي تعيشها تونس من خلال برنامج واضح ودقيق سياسي واجتماعي واقتصادي تم الإتفاق على مختلف بنوده.
من جانبه، أشار وزير الشؤون الإجتماعية خليل الزاوية، من حزب التكتل، إلى أن أولويات الحكومة تحقيق الأمن وإيجاد حلول عاجلة للمشاكل الإقتصادية والإجتماعية وتأمين ما تبقّى من المسار الإنتقالي.
مؤتمر الحوار والإنقاذ
أوضح علي الجلولي، عضو القيادة الوطنية لحزب العمال، وهو الطرف الرئيسي للجبهة الشعبية التي تضم كذلك حزب المرحوم شكري بلعيد، أن حكومة علي العريض حافظت على وزراء من الحكومة السابقة، مثلت عنوان الفشل فيها، ولم تتمكن من الإنفتاح على أحزاب أخرى، مؤكدًا أنها حكومة استمرار الفشل الذي طبع به رئيسها، لما كان على رأس وزارة الداخلية، quot;وهو ما يجعلنا نجزم أنها امتداد لللحكومة التي سبقتها أي امتداد لفشل الأولى على جميع الأصعدة السياسية و الإجتماعية والإقتصادية والأمنية وغيرها إلى جانب محافظتها على نفس الإختياراتquot;.
وأضاف الجلولي في تصريح لـquot;إيلافquot;: quot;كان على علي العريض أن يقطع مع تلك الأسماء الفاشلة التي ملّها الشعب و أن يعمل بمعية كل الأحزاب على تشكيل حكومة إنقاذ وطني حقيقي تكون من أولوياتها وضع برنامج مستعجل للحدّ من المشاكل التي يتخبط فيها الشعب التونسي اليوم، والإعداد الجيد للإنتخابات القادمة حتى نبني معا مؤسسات الديمقراطية الدائمةquot;.
وعاد الجلولي ليؤكد أن حكومة العريض لن تحقق الأهداف الحقيقية للثورة، وبالتالي ستدخل البلاد في مأزق جديد و طور من الأزمات وتدهور الأوضاع، وبالتالي والحالة كما هي اليوم، لا بد من الإسراع في الإعداد لمؤتمر الحوار والإنقاذ الذي نراه الخيار الوحيد للإستقرار.
نسخة فاشلة
أبرز عصام الشابي، القيادي في الحزب الجمهوري، في تصريح لـquot;إيلافquot; أن الحكومة الجديدة نسخة من الحكومة الأولى الفاشلة، quot;وفشل الحكومة الجديدة يظهر من خلال اعتماد نفس الآليات عند تشكيلها من خلال محاصصة حزبية لثلاثة أحزاب فشلت في إدارة الفترة الأولى بامتياز، وهي بالتالي تواصل اقتسام هذه الغنيمة، مستغربًا إعلان العريض عن حكومته من دون التعرض لبرنامجها المستقبلي الذي يجب أن يتضمن الإنتخابات القادمة والتصدي للعنف والدعوة إلى الحوار والتحكم في الأسعار بعد تدهور القدرة الشرائية للمواطنquot;.
وأوضح الشابي أن الحديث عن حيادية وزارات السيادة سابق لأوانه، فالشخصيات غير معروفة على المستوى الوطني، مستنكرًا إعادة تسمية بعض وزراء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذين فشلوا فشلًا ذريعًا في الحكومة الأولى، ومستدركًا أن التأييد الأهم يأتي من الشعب وبالتالي سيحكم عليها ويمنحها ثقته بناء على ما ستقدمه من إنجازات.
لن ندعم حكومة العريض
يعتبر الإتحاد العام التونسي للشغل شريكًا فعليًا وهامًا للحكومة، وهو قادر بالتالي على دعمها بالتخفيف من المطلبية وإرجاء ذلك إلى ما بعد الإنتخابات القادمة، مساهمًا في الإستقرار الإجتماعي الذي سيكون عنصرًا مهمًا في المرحلة القادمة.
لكن يظهر أن اتحاد الشغل غير راض على الحكومة الجديدة، حتى أن الناطق الرسمي باسم الإتحاد سامي الطاهري قال لـquot;إيلافquot; إن حكومة علي العريض ليست سوى حكومة محاصصة حزبية، و بالتالي فهي تمثل استنساخا لأسباب فشل الحكومة السابقة.
وأشار الطاهري إلى عودة الفاشلين من خلال اعتماد آلية المحاصصة من جديد بالرغم من ثبوت فشلها سابقا، كما أن حجم الحكومة وإن تقلص فإنه لم يصل إلى ما أمله الجميع، مستفسرًا عن آليات اختيار الوزراء الجدد على رأس وزارات السيادة التي لم تكن واضحة، ومبينًا أن العريض يحرص في القول على أنها حكومة كل التونسيين، لكنها في الواقع حكومة الترويكا لأنها غير مدعومة داخليًا وخارجيًا.
وأمل أزاد بادي، عضو حركة وفاء، أن لا يقتصر دور الحكومة الجديدة على الإعداد للإنتخابات القادمة، مؤكدًا ضرورة الإسراع بفتح ملفات الفاسدين ومحاسبتهم، مع التأكيد على إيقاف نزيف ارتفاع الأسعار بضرب أيدي المهرّبين والمحتكرين.
كما أكد الطاهري أن العريض ليس رجل وفاق، لأنه لم يستمر في تفعيل مبادرة الجبالي، المتمثلة في حكومة كفاءات، لكنه ذهب نحو حكومة ترضيات. واشار إلى أن اتحاد الشغل دعم مبادرة الجبالي وقدم ضمانات لمساعدتها، quot;لكن الحزب الحاكم خذل أمينه العام وأفشل المبادرة وأعادنا إلى المربع الأولquot;.
هل تعود الإضرابات؟
أمام عدم دعم الإتحاد العام التونسي للشغل لحكومة العريض، هل ستعيش تونس من جديد حالة من عدم الإستقرار و الإضرابات والإحتجاجات؟
قال الطاهري: quot;إنّ الإضرابات قائمة و لم تتوقف، فالوضع الإجتماعي يتّسم بالإنفجار خاصة بعد الزيادة في أسعار المحروقات وتدهور المقدرة الشرائية وغياب الإستثمار وتسريح العمال.
وأكد الطاهري أنّ العريض لا يملك عصا سحرية لحلّ المشكلات، خصوصًا أنه لم يسع إلى تشكيل حكومة يتفق حولها كل التونسيينquot;.